بين أبطال جلبوع وتوأم القدس.. من كسر منظومة أمن إسرائيل إلى تحطيم ماكينتها الإعلامية!
رئيس التحرير

بين أبطال جلبوع وتوأم القدس.. من كسر منظومة أمن إسرائيل إلى تحطيم ماكينتها الإعلامية!

كتب رئيس التحرير: وقفت إسرائيل مصدومة خلال شهر واحد، ضربتان على رأسها مرة واحدة، داخت تل أبيب وشعرت بالغثيان، فقد تحطمت أسطورة نظامها الأمني، وتكسرت ماكينتها الإعلامية، كل ذلك بأيدي 8 أبطال، 6 منهم كانوا في سجن جلبوع، والآخران توأم جميل جداً في بداية العشرينيات من عمرهما هما منى ومحمد الكرد.

توأم القدس الفلسطينين منى ومحمد الكرد، الناشطان المتفانيان للدفاع عن القدس وحي الشيخ جراح صنفتهم مجلة التايم لعام 2021 من أكثر الشخصيات المؤثرة في العالم، فتقدموا على أسطول إعلامي إسرائيلي، هكذا إنجاز يجب أن لا يمر مرور الكرام، بل من الواجب أن نقف أمامه مطولاً لنعرف أن من يتسلح بالحقائق المستندة للرواية التاريخية الراسخة والقوانين الدولية الواضحة التي تؤكد حق الفلسطينيين في أرضهم ودولتهم وتقرير مصيرهم لا يحتاج إلا للإصرار والتحدي وقوة الإرادة حتى لو كانت من جيش بجنديين توأم كما منى ومحمد.

اعتقل الاحتلال آخر اثنين من جيش الجنود الستة، أسرى جلبوع الذين حفروا نفقاً لتحرير أنفسهم من الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فهزموا بجدارة المنظومة الأمنية والتكنولوجيا المتطورة لجيش الاحتلال، وعلينا أن نفخر أيضا أن جيشاً من توأم (اثنين) هزم منظومةً إعلامية عالية التطور والجودة يقف خلفها جيش بالملايين من الأفراد وبنوك كاملة من التمويل بموازنات مفتوحة، وانتصرت الرواية الفلسطينية ووجدنا الشعب الفلسطيني بكل فئاته موحداً خلف ما بناه أمثال توأم القدس بمعركة واشتباك مع الاحتلال بأكثر من 200 نقطة اشتباك، بل اشتعلت حرب انطلقت مع صواريخ غزة ووصلت للعمق الإسرائيلي، بل اشتعل العالم بمسيرات واحتجاجات عابرة للقارات وتحول العالم كله ليقف خلف قضية أهالي الشيخ جراح، ما دفع إسرائيل لوقف قراراتها الظالمة.

نعم هذا التوأم النادر الذي خرج من رحم واحد لديه إرادة قوية، وقناعات تحتضنها ضلوع فولاذية وعقل يحركه إيمان راسخ بعدالة القضية، عمل منذ الطفولة لم يركع للقمع والاعتقال واغتيال الأقرباء والجيران من جيش الاحتلال والقهر الاسرائيلي ولم يحبطهم صمت العالم وتقاعس ذوي القربى وخلافات الفصائل، بل استمروا بالفعل على الأرض ليكتبوا بأصابعهم الطاهرة وريشتهم وبذكائهم الحاد حتى وصلوا لإقرار العالم بحجم تأثيرهم، وما حققوه من معجزة هزيمة دولة محتلة تملك كل أدوات السيطرة والتكنولوجيا المدمرة.

الأجيال الفلسطينية تنتقل من إصرار وتحدٍّ إلى إصرار وتحدٍّ آخر، والقضية الفلسطينية التي لا زالت تتصدر قضايا العالم أتت من مبادرات خلاقة لأفراد وجماعات، ارتقى خلال المسيرة الطويلة من النضال آلاف الشهداء والجرحى والأسرى ومنى و محمد والزبيدي والعارضة وكممجي ونفيعات والقادري والآلاف الذين سبقوهم خلاقين في اختيار أساليب مواجهة الاحتلال، ومستقبل القضية الفلسطينية وانتصارها يعتمد على تلك الطاقات التي تتراكم و تتجمع حتى تولد الدولة وتتحقق الحرية لكل الشعب الفلسطيني.

مثل هذه الظواهر الفردية للأسف تُهمل، فلا تجد من يتبناها من المستوى السياسي والفصائل في الكثير من الأحيان، فكانت عهد وجنا ومنذر وعبد الله وخضر والقائمة تطول، وكانت راشيل وأريغوني الذي استشهدوا في غزة لأجل فلسطين وقضيتها ودفاعا عن الأطفال والعائلات التي تُقتل وكان لهم تأثير عالٍ ودولي لم نُحسن الاستفادة منهم لصالح القضية الفلسطينية، بل نشعر أن هناك تقصيراً بحقهم وفي إحياء ذكراهم.

واجبنا أن نكرم منى ومحمد الكرد وأن تطلب القيادة منهم مرافقتها للدول التي تؤمن بحرية الشعوب  وللمؤسسات الدولية لاستقطابهم لدعم فلسطين في قضية القدس والشيخ جراح، كذلك على القيادة أن تطلب من أم كانت حاملاً داخل السجن مرافقتها لدول العالم ليسمع الكون كله روايتهم ويعرف أن هناك أطفالاً ولدوا في السجن وفي زنازين الاحتلال، كذلك مطلوب من المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة منح هولاء مساحات كبيرة في وسائلهم وأن تستقبلهم الجامعات والمعاهد لشرح إبداعهم وخططهم، ولا يجوز أن نُهمل أياً من هؤلاء وقدراتهم والخطر عليهم بل حمايتهم ودعمهم وإشعارهم بالتقدير العالي من كل أبناء شعبهم.