الخطاب الفلسطيني لرئاسة الأمل في الجمعية العامة الـ76
مع قرب عقد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، يسلط مقال اليوم الضوء على هذه الدورة الجديدة بالتحديد والتي أُطلق عليها اسم “رئاسة الأمل” قبل أيام بمناسبة رئاسة جزر المالديف للجمعية العامة في دورتها السادسة والسبعون. سيتولى عبدالله شهيد رسميًا رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة وستكون بداية حقبة جديدة في تاريخ جزر المالديف وإنجاز لبلاده في المجال الدولي.
أعلنت جزر المالديڤ بأن شهيد سيكرس رئاسته في الجمعية العامة تحت شعار “رئاسة الأمل” لتحقيق عدة أهداف أهمها التعافي من كوڤيد 19، وإعادة البناء بشكل مستدام، والاستجابة لاحتياجات العالم واحترام حقوق الجميع وتنشيط الأمم المتحدة بتفعيل المبادئ التوجيهية لميثاق الأمم المتحدة. هذه اهداف سامية وعامة ومتوقعة ومن الجدير ذكره ان شهيد اجتمع قبل ايام مع الأمين العام المساعد لدعم بناء السلام أوسكار فرنانديز تارانكو حيث أطلعه على أولويات “رئاسة الأمل” وناقشا سبل تمويل بناء السلام الذي طلبته الدول الأعضاء مَن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
يتوجه الفلسطينيون للمشاركة هذا الاسبوع وعليه كيف يُخاطبون هذه المنظمة في هذه الدورة.
سُيلقي الرئيس خطاباً يوم الجمعة القادم وبهذه المناسبة لا بد من تضمين الخطاب بعض النقاط العملية ومنها:
705 قرار من قبل الجمعية العامة تم اقرارها بشأن فلسطين إضافة ل 86 قرارا من مجلس الأمن ولكن للاسف لم يتم ادراجها تحت البند السابع وبالتالي باتت بعيدة عن الإلزام ولم يتم تنفيذها.
على الخطاب تذكير الدول الاعضاء برفضها لقرارات ترامب بخصوص القدس وتذكير الدول أن أي منها لم تجرؤ حتى اللحظة على الاعتراف لا بالدولة الفلسطينية ولا بالقدس الشرقية كعاصمة وما زالت المنظمة في المادة الاولى من ميثاقها تلتزم بالسلام والامن الدوليين بينما الشعب الفلسطيني يفتقر للسلام وللأمن ولأدنى الحقوق الانسانية التي ينص عليها ميثاق المنظمة.
على الخطاب تذكير الدول الأعضاء بقرارات مجلس الأمن الدولي التي تضمن وتحفظ حقوق الفلسطينيين على حدود الرابع من حزيران 1967 بما فيها القدس وهي 242, 253, 267, 298, 476, 478, 2334.
على الخطاب أن يطالب الدول الأعضاء في مجلس الأمن صراحة بضرورة استخدام المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة والتي تُلزم الدول الأعضاء بالامتثال لجميع قرارات المجلس التي ذُكرت أعلاه.
على الخطاب تذكير الاعضاء بالمادة 51 من الميثاق والتي تنص على حق الشعوب بالدفاع عن نفسها، هذا الحق ينطبق على الفلسطينيين بعد انضمامهم عام 2012 ولا يقتصر على الاسرائيليين. وهنا على الخطاب التطرق لما يجري بالقدس من سياسات ضم ومصادرة واستيطان مستمر لا تخدم سوى المشروع الكولونيالي الصهيوني المُدمر لأي جهود لتحقيق السلام في المنطقة.
على الخطاب أن يركز على ملف الأسرى، الرسالة التي يجب التركيز عليها هو ان ابناء فلسطين الأسرى يعانون من العنف والعقاب الجماعي وهذا يُعد انتهاكاً لكافة الاتفاقيات الدولية التي تنظم شؤون الاسرى ومنها نظام لاهاي الملحق بالاتفاقية الرابعة لعام 1907 واتفاقية جنيف لعام 1929م المتعلقة بتحسين حالة اسرى الحرب، واتفاقية جنيف لعام 1949 المتعلقة بمعاملة اسرى الحرب. والأهم فيما يخص ملف الأسرى الفلسطينيين هو تذكير الأعضاء بالمادة (20) من لائحة الحرب البرية والتي نصت صراحة إلى اعادة اسرى الحرب الى اوطانهم بمجرد عقد معاهدة صلح بين الطرفين المتنازعين، وهذا يذكرنا بالاتفاق الفلسطيني – الاسرائيلي في واشنطن في 13 سبتمبر 1993 واتفاقية القاهرة الموقعة في 4 مايو 1994 التي تلزم الجانب الاسرائيلي باطلاق سراح جميع الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ما قبل توقيع اتفاق اوسلو.
من البديهي أن يستذكر الرئيس في كلمته الحصار الذي يعاني منه 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة يفتقرون لأبجديات حقوق الانسان، على الخطاب المناداة بعدم التعامل مع غزة كمشروع إعادة إعمار، ابناء الشعب الفلسطيني يتوقون للحرية والعيش بكرامة أسوة بباقي الشعوب.
على الخطاب تأنيب الدول الأعضاء وتذكيرها بمسؤولياتها القانونية والاخلاقية تجاه الحقوق الفلسطينية وضرورة محاسبة اسرائيل ووضعها عند حدها.
على الخطاب أن يكون عملياً مستشهداً بخطوات عملية حقيقية ممكن تطبيقها بعيداً عن تكرار التكتيكات السابقة والمطالبة بمؤتمر دولي للسلام. 13 مليون فلسطيني حول العالم يتوقون للحرية وهذا يُلزم الدول الأعضاء للبدء من الإطار العام وضرورة إنهاء الاحتلال، لا بد من البدء بتحديد حدود دولة اسرائيل والاعتراف بالدولة الفلسطينية على الحدود المنصوصة في مرجعيات السلام الدولية.
لا بد للخطاب أن يشمل الحديث عن الغضب الفلسطيني جراء الاهمال الدولي بالرغم من المسيرات الحاشدة في عواصم العالم والتي تُدرك تمادي اسرائيل خلال 73 عاماً بحرائق مستمرة من الابارتهايد والاضطهاد ضد الشعب الأعزل الذي يعاني تحت الاحتلال.
لا بد للخطاب أن يوضح للدول الأعضاء أنه لا جدوى من استمرار وجود هذا الجسم الإداري (السلطة الفلسطينية) ل١٩ عاماً بعد انتهاء المرحلة الانتقالية بهذا الشكل من التبعية دون أفق واضح ولا مصير محتوم، وهناك ضرورة ملحة لمراجعة واقعية للوضع الراهن الذي لا يمكن أن يَستمر فالسلطة الفلسطينية تمر بمرحلة صعبة، في ظل اختزال دورها ببعده الوظيفي بالدرجة الأولى كما أن السلطة الفلسطينية تعاني بعد أن فقدت البُعد الإقليمي بسبب ترحيب الدول باختراقات إسرائيلية عميقة بحجة محاربة التطرّف في المنطقة. اليوم، على الدول الأعضاء أن تدرك جيداً ضرورة إحترام الدول للمعاهدات الموقعة وهذا يوجب دراسة ومناقشة وضع السلام في المنطقة استناداً للقانون الدولي الذي يحتم ضرورة الاستدامة بالانتقال من الوضع الراهن الوظيفي إلى مرحلة السيادة الكاملة والتحرر من الاحتلال.
الخطاب الانساني هذه المرة يجب أن يعكس صوراً وقصصاً لمعاناة آلاف الأطفال والنساء والأمهات والشيوخ الفلسطينيين بسبب غطرسة الاحتلال.
الأمل وحده لا يكفي، لا بد من ضرورة القيام بخطوات جدية وحقيقية تضمن السلام والامن والعيش بكرامة لابناء الشعب الفلسطيني المسيحيين والمسلمين لضمان حقوقهم المشروعة سياسياً وانسانياً.