خطاب الرئيس: الصحراء لن تُنبِت ورداً!
صدى نيوز - كتب رئيس التحرير: لن تُنبت الصحراءُ ورداً، حتى لو زُرعت بأفخم وأفضل وأجود أنواع الزهور، سيموت الزرع في يومٍ من شدّة الحرّ وغياب الماء، وهكذا الخطط في غياب الواقع الصحيح، فأفضل خطة على وجه الأرض ستفشل إن لم تُراعي بيئتها الفعلية، وستظل حبيسة الأدراج والأدمغة.
خطاب الرئيس في الامم المتحدة مهم وضروري، صريح وقوي ومطلوب منذ زمن، لكن هل فعلاً يستطيع الفلسطينيون تنفيذ الخطاب ومحتواه؟ وهل الأصح أن نعمل على الخارج دون تمتين البنيان الداخلي؟ هل فعلاً نحن في مرحلة نستطيع فيها مجابهة إسرائيل دون وحدة؟ هل يستطيع صاحب اليد والقدم المكسورتين أن يدخل عراكاً؟
خطاب الرئيسِ كان بذوراً زُرعت في صحراء المجتمع الدولي والوضع الداخلي الفلسطيني المهترئ، فقد كانت هناك العديد من الخطوات السابقة للخطاب والتي لم تنفذ، لذلك كانت الردود الاسرائيلية على خطاب الرئيس متهكمة، ولذلك نظر العدو لنا باستخفاف، واعتبار ما حدث روتيناً عادياً وتكراراً للمكرر.
الصحفي الإسرائيلي أليؤر ليفي قال إن أبو مازن أعطى مهلة عاماً لإقامة الدولة الفلسطينية وهو يعلم أنها لن تقوم، ليس هو فقط بل غانتس وبايدن يعلمان ذلك، قائلا لأبو مازن إلى اللقاء حتى الخطاب القادم"، ثم قال وزير جيش الاحتلال بيني غانتس ردًا على خطاب الرئيس محمود عباس: "انه يتسلق شجرة يصعب عليه النزول منها - سألتقي به مرة أخرى إذا لزم الأمر". هكذا نظر العدو لخطاب الرئيس، لأنهم يعلمون أن البيت الفلسطيني منخور من الداخل.
الفلسطينيون أنفسهم لم يكونوا موحدين في نظرتهم للخطاب، فجاء بعضهم على طرح مثال قرارات المجلس المركزي بسحب الاعتراف بإسرائيل التي تم اتخاذها عدة مرات وكذلك موضوع وقف التنسيق الأمني المستمر رغم كل الاعتراضات من الفصائل ولكن شيئاً لم ينفذ من تلك القرارات دون أسباب واضحة.
إن من أهم أسباب العلاج هو تحديد وتشخيص المرض، فهل فعلاً تم تشخيص الخلل في الحالة الفلسطينية؟ هل نعرف أسباب الهزيمة والتشرذم وضياع البلاد بالاستيطان والهدم والاغتيالات؟ هل عرفنا الطريق لتحقيق الوحدة الوطنية؟ نحن حتى اليوم لم نُشخص مرضنا، لذلك تأتي خططنا غير متناسقة مع الواقع، وغير قابلة للتطبيق في ظل الظروف الحالية.
ما الذي ننتظره ليتغير في عام واحد وهي المهلة التي أعطاها الرئيس عباس لإسرائيل، هل نريد للعالم كله وللنظام الدولي أن يتغير ونحن جالسون واضعين رجلاً على أخرى؟ هل ننتظر من العالم أن يأتي لنا بدولة مستقلة على حدود 1967 ونحن منقسمون؟ هذه أحلامُ يقظة لا غير.
خطاب الرئيس يحتاج لخبراء في قيادة مؤسساتهم وأجهزتهم لا يسمحوا فيها بتجاوز القانون الفلسطيني أو الدولي، سواء في قمع الحريات أو احترام مؤسسات المجتمع المدني أو المرأة أو ذوي الاحتياجات الخاصة، ويحتاج لسفراء قادرين على نقل صورة و معاناة شعبهم، ويتحدثون بلغة الدول التي يخدمون بها وليس مبانٍ للسفارات دون أي دور أو عمل حقيقي يشعر به المواطن، يحتاج خطاب الرئيس لقضاء فعال ومستقل يحاسب ويواجه أي تجاوزات للكبار قبل الصغار، يحتاج حقاً لعودة الثقة بين المواطن والنظام.
خطاب الرئيس أبو مازن بحاجة لحاضنة شعبية وإقليمية وعربية وإسلامية، فهل ننجح في تحقيق هذه الحاضنة قبل انتهاء العام؟