المُضحكات المُبكيات في قاعة الكنيست!
مقالات

المُضحكات المُبكيات في قاعة الكنيست!

تابعتُ أخبار الصراع حول ميزانية إسرائيل في الكنيست، بعد فشل التصويت على حلّ الحكومة يوم 1-11-2021، برزت صورة مضحكة في تعليقات المعارضة على الميزانية القادمة، خاصة في أحد بنود الميزانية، وهو (تخصيص اثني عشر مليون شيكل خلال عامين لمشروع إخصاء القطط والكلاب، أي تعقيمها حتى لا تُنجب)!
قدمتْ هذا المشروع عضو حزب «هناك مستقبل» ياسمين فريدمان، كشرط لموافقة حزبها على الموازنة العامة!
كنتُ أظنَّ أن عملية إخصاء القطط والكلاب جريمةٌ في حق البيئة الطبيعية، وأعتقد أن دُعاة الرفق بالحيوان سوف يحتجون على ذلك، لأنه اعتداءٌ على طبيعة خلقها، غير أنني علمتُ أخيراً، بعد استشارة أحد الأطباء البيطريين المختصين، أن هذا التعقيم (الخصي) أمرٌ ضروري لتجنيب الحيوانات الضالة الموت جوعاً، وإيذاء الآخرين، وأن مسؤولي جمعيات رعاية وحماية الحيوانات يؤمنون بأن عملية الإخصاء ضرورية للرفق بالحيوان!
كثيرون لا يعرفون أن اقتناء الكلاب عند اليهودي الحريدي ممنوعٌ منعاً باتاً، وهناك فتوى في الشريعة الدينية من اثني عشر حاخاماً في مستوطنة «إلعاد» الأصولية تحرّم اقتناء الكلاب، وفق نصٍّ ديني يقول: «كلُّ مَن يقتني كلباً فهو ملعونٌ»!
إليكم بعض اللقطات المضحكة التي نشرتها الصحفية، غيل هوفمان في صحيفة «جيروسالم بوست»، في اليوم الأول من تشرين الثاني 2021 على ألسنة المعارضة، المتمثلة في حزب الليكود، وحزب شاس، واتحاد التوراة، وحزب التيار الديني الصهيوني، هؤلاء كلهم ليسوا على علاقة جيدة باليساريين، خاصة مع أنصار البيئة!
علَّق عضو الحزب الديني الصهيوني عوفر سوفر، وهو حريدي متزمت، قائلاً: «إنها حكومة القطط، هم يرضعونها».
استهزأتْ عضو الكنيست، ميري ريغيف الليكودية بالميزانية، حيث قالت: «إنها حكومة تمنح الموازنات لإخصاء القطط والكلاب، وليس لجنود الجيش، هذا خبرٌ جيد عن الميزانية، لا ضريبة على الهواء الذي نتنفسه، ولا ضريبة على الكافيار الذي يعشقه وزير المالية أفيغدور ليبرمان، بل فُرضت الضرائب على الفقراء».
أما عضو الكنيست من حزب «اتحاد التوراة» يعقوب لتسمان، فقال: «لأول مرة تَمنح (الكلابُ) التي تعض شيئاً للقطط»!
علَّقت مُقدمة المشروع، ياسمين فريدمان، على أقوال يعقوب لتسمان في «تويتر»، قائلة: «حتى الكلاب تؤدي الخدمة العسكرية في الجيش، أما لتسمان فلا يؤديها»!
هذه الموازنة (الرحيمة) على الحيوانات في الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط! تقابلها أبشع بنود التمييز ضد البشر الفلسطينيين الأبرياء، تغتصب ميزانيةُ حكومة إسرائيل حقَّ الفلسطيني صاحب الأرض والبيت، تفرض عليه الضرائب الباهظة، تُجبره على هدم بيته بنفسه، وإن لم يفعل تفرض عليه دفع تكاليف تدمير بيته مضاعفة، بقانون أقره الكنيست، قانون «كمينتس»، كأبشع عقوبة في تاريخ البشرية جمعاء!
ولا تكتفي بذلك بل تصادر حق الفلسطينيين في أموالهم، وتحجب مستحقات الاستقطاع الضريبي المملوكة لهم، وتفرض عقوبات على البنوك والمصارف الفلسطينية بحجة دعمها للإرهاب، وتصادر ممتلكاتهم، وتهدم بيوتهم وتبني فوقها مغتصباتٍ على مرأى ومسمع العالم أجمع، وتُطعم أكثر من مليونَي فلسطيني في غزة بالملعقة وفق السعرات الحرارية، دون أن تُجرَّم وتُحاكَم على هذه القرصنة أو تتعرض للعقوبات، في عالمٍ يدعي أنه عالمٌ منفتح يحترم حقوق الإنسان!
للأسف، على الرغم من كل ما سبق، فإن كثيراً من الدول لا تزال تعتبر إسرائيل واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط!

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.