كيف على الحكومة والتجار والمواطنين مواجهة ارتفاع الأسعار؟!
كتب رئيس التحرير: نحن مجتمع استهلاكي بامتياز، لا خلاف على ذلك أبداً، نستورد أكثر مما ننتج، ودون أن نعلم فإننا نحن نشغل العاطلين عن العمل في بلدان العالم، ونصنع بطالة في بلادنا، بعد أن أغلقت مصانعنا التي لم تستطع مواجهة سيل الاستيراد الهائل!
كل ذلك والحكومة وكأن همها الأوحد جباية الضرائب على البضاعة المستوردة، لتملأ جيبتها "مؤقتاً"، ولو فكرت بطريقة استراتيجية وبعيدة المدى لقلصت الاستيراد إلى أدنى حد، لتنهض السوق المحلية، ولتشغل العاطلين عن العمل، أو الذين وجدوا في المستوطنات رزقاً لأبنائهم، ولبقيت أموالنا في بلادنا، بدل أن تذهب ألى آخر الأرض!
ولأننا استهلاكيون، فإن كل شيء نستورده الآن سيرتفع سعره، اقتراناً بارتفاع النفط وتكلفة الشحن والنقل والاستيراد.
وقعنا في فخ الأزمة وارتفاع الأسعار، كيف نخرج؟ ومن المسؤول عن ذلك؟ وهل سنحتاج وقتاً طويلاً للوصول إلى آخر النفق؟
على الحكومة أن تشد حزامها أولاً، لا بالشعارات، بل بالتنفيذ العملي، عليها تقليص نفقات "البرستيج" إلى أدنى الحدود، فتوقف صرف بدل البنزين لسيارات المدراء العامين والوكلاء والوزراء "ولو مؤقتاً"، عليها وقف النثريات بشكل كامل "ولو مؤقتاً" عليها وقف شراء السيارات الجديدة للمسؤولين، عليها وقف صرف بدل الهواتف وجميع البدلات "ولو مؤقتاً" لتقليص النفقات.
هذه خطوة أولى، ثم عليها أن تقلل الاستيراد لتسمح لمصانعنا المحلية بالانتعاش، ولتسمح للمشاريع أن تبدأ، فنحن نستطيع صناعة "كاسات البلاسيتك، الشوكولاتة، الشيبس، العصائر، المثلجات، الأجبان، إلخ .." كل شيء يؤكل نستطيع تصنيعه تقريباً، فلماذا نستورد؟! سؤال جدي نطرحه على الحكومة، لماذا تستوردين ما يمكن صناعته داخلياً؟ وهل المكاسب للبلد من الاستيراد أكبر من التصنيع الداخلي أم العكس؟
على الحكومة أيضاً بعد أن تصلح ذاتها من الناحية الاقتصادية أن تسن أسنانها للتجار الجشعين، وأن تغلظ العقوبات لمستغلي الأزمات وحيتان الأسواق، عليها مراقبة الأسعار وضبطها ودعم السلع الأساسية.
لنكون صريحين مع أنفسنا لحظة، إما أن ننسلخ عن بروتوكول باريس أو أن يُعدل أو أن تُجاري الحكومة دولة الاحتلال بالحد الأدنى للأجور! فلا مجال أن تكون السلع "تقريباً" متشابهة بالأسعار، وفي دولة الاحتلال الحد الأدنى للأجور 5000 شيقل، وعندنا 1450 شيقلاً!
على الحكومة رفع نسبة غلاء المعيشة، فمتى سترفعه إن لم ترفعه في هذه الأيام! ولا يقولن أحد إن الحكومة تعاني من أزمة مالية، كيف نقتنع أنها تعاني من أزمة والمواكب هي هي، والنفقات هي هي ، والترقيات هي هي!! الكويت بعظمة أموالها ومدخولاتها ونفطها وضعت خطط تقشف لمواجهة ارتدادات كورونا، ونحن الذين نعيش على المعونات نصرف دون مبالاة!
على الهامش: دول عديدة في العالم قلصت تمثيلها الدبلوماسي في العالم بسبب الأزمات الاقتصادية التي تمر بها، فلماذا لم نفعل نحن، ونحن أحوج الناس لكل قرش، لا نقول أن نبتعد عن بلدان العالم، بل أن نقلص نفقات السفارات إلى حين "يقوى عودنا" اقتصادياً.
هذا نصيب الحكومة من الأزمة، ولنكون منصفين فإن على القطاع الخاص ورجال الأعمال الفلسطينيين مسؤولية كبيرة، عليهم زيادة الاستثمار والرضا بالربح "القليل" مؤقتاً حتى نخرج من أزمتنا، فبدل أن يرحبوا مليوناً فليكتفوا في هذه الفترة بـ700 ألف، وهكذا.
أما المواطنون، وهم الحلقة الأضعف، فإنهم يستطيعون أن يُحدثوا فرقاً من خلال التنازل "مؤقتاً" عن الكماليات، وتقليل الاستهلاك في غير الضروريات إلى أدنى الحدود، فزيادة الطلب على السلع ترفع سعرها، والعكس صحيح، عليهم تجنب الاقتراض قدر الامكان بسبب زيادة الفوائد التي سترتفع بسبب هذه الموجة ومخاطر العجز عن تسديدها.
الحل أولاً وأخيراً برقبة الحكومة، هي لم تتسبب بأزمة ارتفاع الأسعار، نعرف ذلك تماماً، لكنها يجب أن تبحث عن العلاج، هذه مسؤوليتها، وفرض واجب عليها، أما إن أهملت الحكومة الأمر، فإن عاقبة الغلاء الفقر، وعاقبة الفقر مروّعة، فهو باب كل شر.