شعبنا والاستيطان والاحتلال
مقالات

شعبنا والاستيطان والاحتلال

شبيبة التلال كما يطلق المستوطنون على انفسهم وبدعم من الاحتلال بأجهزته يعيثون فسادا في الأرض، ولا فرق لدينا كشعب فلسطين بين مستوطن وجندي احتلال، كلاهما سيان، أحدهما سرق الأرض ومواردنا الطبيعية ونام عليها وذاك يشهر سلاحه في وجهنا ليوفر الحماية له ولنفسه، سنوات طويلة مضت على قصتنا مع الاحتلال والاستيطان، كنا شهودا على جزء منها وآخرون كانوا شهودا على الآخر من الرواية ولكن تفاصيلها هي ذاتها في مراحل تاريخية مختلفة.
نحن في المرحلة الأسوأ والأصعب والأعقد في الوقت الذي ذهبت فيه دول عربية صوب التطبيع مع الاحتلال دون أي شرط أو قيد يفيدنا أو يفيدهم بل كان عقدا مجانيا لصالح الاحتلال والاستيطان، وها هي ملامحه تظهر يوما بعد آخر، انه ليست للشعب الفلسطيني مصلحة به بالمطلق بل كل سلبياته ستقع على رأس هذا الشعب وقضيته.
نعم، هي المرحلة الأسوأ والأصعب لأننا نعيش في الانقسام ونمارس ترسيخ الانقسام ولا اعفي نفسي من المسؤولية حتى لا أعفي أحدا منها، كيف سنكون في الميدان ونحن منقسمون وكيف سنكون مع الأسرى واستعادة جثامين الشهداء ونصرة قضايا الأرض والانتصار للقدس ونحن نعيش هذا الانقسام الذي لا يتم التجاوز عنه لأنه وضع صخرة كبيرة أوقفت مسيرتنا بالكامل وشلت فعلنا على الأرض.
نعيش، اليوم، حالة من الاحتقان والغضب نعبر عنها بطريقة سلبية قاتلة حتى أن أبناء التنظيم السياسي الواحد لم يعودوا يطيقون بعضهم البعض، وينسحب الأمر على أبناء بقعة جغرافية واحدة، والكل يحمل قلما أحمر ليصحح للآخر وكأنه الناجح الوحيد والبقية راسبون، ويظهر هذا الاحتقان بكيل التهم للمؤسسات النسوية عندما تقتل فتاة "رغم اختلافي مع بعض مواقف تلك المؤسسات ولا اخفيها" وكأن تلك المؤسسات هي جهة إنفاذ قانون مثلا، يظهر هذا الغضب عندما يقدم مواطن شكوى انه تناول ساندويشة شاورما فدفع ثلاثين شيكلا ثمنا لها وأين هي جمعية حماية المستهلك وماذا تفعلون وصح النوم، وتظهر في سلوكنا أثناء قيادة المركبات وقطع الشارع.
في هذا الخضم، قد تبدو تغريدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ردا كافيا وإذا حجبت نذهب صوب حملة (الفيسبوك يحجب القدس). ويبدو أن خارطة توثق ما سيحدث في مطار القدس وغيرها تفرغ غضبا جامحا. وقد تبدو حلقة نقاش تفسر ما يريده الاحتلال وتلمع فكرة من عيار تسليح اليسار الإسرائيلي للدفاع عن الشعب الفلسطيني.
لكننا ما زلنا غير قادرين على وضع اليد على الجرح وما زلنا نعيد المحاولة دون طائل، ونطرح على استحياء أن الجمعيات التعاونية بمختلف قطاعاتها من إسكان وزراعة واستهلاكية وإنتاجية أداة من أدوات المواجهة عبر تعزيز الصمود شريطة ان يتم دعمها وتثبيتها وتخفيض رسوم الاشتراك فيها وتفعيل النائم منها وحتى شطبه، ونغيب ونعود الى لقاء آخر مع وكالة التعاون الإيطالي لبحث موضوع التعاونيات ونستمع لمساهمة التعاونيات في الاقتصاد الإيطالي من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي ودورها في خلق 30% من فرص العمل في الأعوام من 2011 – 2020.
ما زلنا لا نمتلك الجرأة ان نقول بصوت واضح جلي ضمن استراتيجية وطنية (لا للعمل في المستوطنات) لنقطع الشريان المغذي للاستيطان سواء العمل، أو المتاجرة، أو شراء عبوة مبيد زراعي من المستوطنة، ولنكف عن القول إن فلانا يشتري مبيدات وقد رأيناه و"ما في حد أحسن من حد!!!!!!!!!!" ولا يجوز أن نتساهل في مسألة تبييض تمور المستوطنات.
غياب القرار الواضح الجلي ينتج إرباكا غير مبرر وغير مقبول بالمطلق، يجب أن يكون البث مسموعا واضحا، بحيث تصل الرسالة واضحة أن قضيتنا ليست "طوشة" بين مستوطن ومواطن فلسطيني على قطعة ارض أو مكان رعي أغنام أو زراعة محصول، بحيث يظهر الاحتلال بريئا ووسيطا نزيها بين طرفين!!! وهذه لعبة خطرة كانت الحركة الوطنية الفلسطينية من السبعينيات واعية لها وظلت تتابعها، اليوم، الناس تنظر لبلدوزرات تعمل في محيط زعترة وحوارة وبورين وتعود من درجة الاحتقان الى قصة (البيضة أم الدجاجة أولا) من عيار هو "مين اللي بشتغل في المشروع؟!!! هذه الأرض ليش تركت فارغة لليوم؟!!!! على أساس أننا لسنا مذنبين وفي حد ثاني مذنب". ويوم كان خبراء الخرائط يتحدثون عن هذا المشروع، ويتحدثون عن (E1) في القدس، وعن محيط الخليل من قرى العرقوب الى الخليل، هل كنا نستقبل بوعي أم نقول: "يا فتاح يا عليم صبحت هالاذاعات تنشر هم وغم لكي تحبطنا"، وعندما بدأ يتجسد على الأرض بتنا نقول أين الإعلام أين السفارات أين قناصل الدول الأوروبية !

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.