صابرين*
استيقظ المجتمع الفلسطيني على جريمة جديدة من مسلسل قتل النساء، صابرين خويرة ضحية جديدة ترحل عن الدنيا بسبب العنف المنزلي، بصمت انتقلت روحها الى السماء، وبصمت دفنت، وبصمت ستصبح رقما في السجلات بانتظار الضحية القادمة.
صابرين: ليس مجرد اسم فتاة تم قتلها على يد زوجها، صابرين: قد تكون صفة مجتمع تعود على الصبر والكتمان في كافة القضايا المجتمعية.. السياسية.. الثقافية.. الاقتصادية. صابرين: هو الفعل اليومي لأبناء المجتمع المضطهدين المشتق من صابر وصابرة على الحياة التي لا تطاق فقد بدأت نسبة الأمل تنخفض في الجسد الفلسطيني، صابرين: الكلمة التي تصف حالة الانحطاط والهشاشة التي وصل لها الكل في عدم المقدرة لحماية النساء، صابرين هي من عرتنا جميعاً عندما قتلت مرتين؛ الأولى على يد زوجها والثانية على يد المجتمع الكاذب بكل مكوناته الذي اكتفى بالشجب والاستنكار والبكاء في الإعلام الإلكتروني.
بالنسبة للعديد من النساء، أصبح المنزل مكانا غير آمن على الإطلاق، بالنسبة للعديد من النساء لم تشتك عن مخاطر وضعها والتهديد من قبل زوجها.. أخيها.. وحتى أبيها، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن سمة من سمات مثل هذه الإساءة الثقافة والعادات والتقاليد والخوف من الظهور العام ضمن مقولة "غلب وستيرة ولا غلب وفضيحة".
يمكن أن يكون من الصعب للغاية اكتشاف العنف المنزلي بل إن التعامل معه أكثر صعوبة، ما يوفر خيارات تبدو مستحيلة للنساء اللواتي يحاولن التعامل مع علاقات القوة غير المتكافئة وتجنب المزيد من الانتهاكات. غالبا ما تواجه النساء تهديدات متزايدة بالعنف على أنفسهن وأطفالهن وأفراد الأسرة الآخرين عندما يخططن للمغادرة، أو بعد ترك علاقات عنيفة، أو إذا قمن بتنبيه الآخرين إلى وضعهن.
هناك الكثير من المؤسسات المتخصصة التي أصبحت تتعامل بالموضوع بطريقة مُخملية والاكتفاء فقط بالأبحاث والنشرات والظهور بالإعلام والمؤتمرات دون الدخول الى عمق المشكلة ومواجهتها بالعلاج السريع وفي أفضل الأحوال بيان شجب واستنكار وتحميل المسؤولية لغيرهم ورحم الله الفقيدة.
لقد كان العنف المنزلي يعتبر في الماضي أمرا خاصا وليس مسألة تدخل الدولة، ومع ذلك فقد تم الاعتراف به، الآن، عالميا كمجال مهم للتدخل من قبل تطبيق القانون والخدمات الصحية والخدمات الاجتماعية الأخرى، لنعترف بأن قتل النساء من قبل العائلة هو أشد أشكال العنف، ويجب مواجهته بأقصى روح التعاون والمسؤولية.
ما حدث مع صابرين هو جزء من سلسلة متصلة من أشكال العنف الأخرى التي تتعرض لها النساء في العلاقات الزوجية، فلم يكن القتل بيوم وليلة، ولم يكن بمحض الصدفة، بل كانت هناك إرهاصات عديدة واجهتها المغدورة وحدها ... نعم وحدها.
على جهات الاختصاص وضع خطة استراتيجية عملية على أرض الواقع من أجل منع حدوث العنف في المقام الأول وفي دعم النساء والفتيات اللواتي يتعرضن له؛ يجب أن تعطي هذه الاستجابات الأولوية لسلامة النساء والفتيات ومحاسبة الجناة على أفعالهم وتنفيذ عقوبة الإعدام لمن يستحقها من أجل أن يكون عبرة لمن لا يعتبر. وقبل كل شيء، كمجتمع فلسطيني، علينا أن ندرك وأن نعدل علاقات القوة غير المتكافئة التي تغذي هذه السلوكيات وتسمح بها.
---
• هذا المقال إهداء إلى أرواح جميع ضحايا العنف الأسري من النساء في مجتمعي، متمنياً ممن يقرأن هذا المقال ويتعرضن للعنف إسماع صوتهن قبل فوات الأوان.