"البلد واقعة"!؟
كتب رئيس التحرير: ما حدث في الجامعة الأمريكية من قتل بدم بارد وما سبقه من أحداث وجرائم قتل في الخليل ونابلس وجنين وغزة، وما نراه من سلوك "مرعب ومنحرف" للشباب بعيدا عن أخلاق وأعراف وعادات شعبنا الفلسطيني، تستدعي وقفة مع أخذ نفس عميق لكل من يريد إنقاذ البلد من الدمار والذهاب نحو الفلتان ونقطة اللا عودة.
عندما ترى السلاح بيد مراهقين وزعران وإطلاق رصاص يومي في المدن تتزعمها أسماء معروفة تظهر بكل الأحداث والمشاكل واستعراض في الأعراس وحتى في استقبال أسرى دون حسيب أو رقيب، عندما ترى كل هذا فاعلم بأن الكارثة على الأبواب، وأن ما جرى في "العربية الأمريكية" ما هو إلا غيض من فيض، ومؤشر نحو الهاوية.
عائلات تُشكل جيوشاً وتستعرض وتحرق و تثأر وتقتل بعيدا عن القانون، وتجد الكل يذهب بجاهات ويدفع أموالاً لاحتواء جريمة والتغطية على مجرم وقاتل، مع العلم اليقين إنه إذا لم تمشي تلك الجاهات، وإن لم تدفع تلك الأموال، فسيقتل أبرياء وستشتعل مدن وقرى ومخيمات، فالبلد عادت للعائلية والجهوية والعصابات بدل من القانون والنظام.
عندما تجد أن أفضل فئة متعلمة، وهي أمل الشعب بالتغيير (طلاب الجامعات) يصلون إلى ما وصلوا إليه من تراجع للأخلاق، واستهانة بالدم والعلم والوطن والحرمات، فسلّم على ما تبقى من أمل وحلم، وعندما ترى معارك طاحنة في جامعات مثل بيرزيت وابو ديس - القدس، والخليل، والنجاح وجب علينا أن نعض على أصابعنا العشرة، لأن قطار الدمار سار، بل وينطلق بتسارع مرعب.
ما نراه من بيانات وتبادل اتهامات من فصائل وكتل طلابية ومن عائلات إضافة إلى الأجهزة الأمنية والمحافظ، يتهرب فيها الكل من تحمل المسؤولية وكأنه مطلوب فقط من العائلة إعلان براءة لمن ارتكب جريمته، أو أن يقوم الجهاز الأمني الفلاني باعتقال المجرم أو أن تفصل الجامعة الطلاب الذين تجاوزوا نظامها، نعم هذا مطلوب، ولكن يجب أن يكون ضمن خطة ممنهجة شاملة تعالج ما وصلنا إليه.
كلنا نتحمل المسؤولية وعلينا أن نقوم بدورنا وعملنا وما يقع على عاتق كل منا بشكل ممنهج ومدروس وكامل يبدأ من الأسرى ثم المدرسة والجامعة وحتى الشارع الفلسطيني بشكل عام، وأن نراقب ونعالج السلوك النشاز من جذوره.
هذه ليست مصيبتنا الوحيدة، فنحن في بحر مصائب، فهل نحن حقا لا نرى اننا نذهب للتاجر وندفع ثمن بضاعة مغشوشة مزورة !؟ معقول لا نرى مقاول ينفذ مشروع لشارع حيوي وفي أول هطول للمطر يتحول الشارع لبركة ماء من كثرة الحفر فيه؟ معقول أننا لا نعرف اننا نذهب للطبيب ويرتكب خطأ طبيا بلا حسيب أو رقيب؟؟ معقول أننا لا نرى سلوك البعض على وسائل التواصل الاجتماعي من هبوط أخلاقي وانحرافات عن القيم وتقليد أعمى لأفلام وقصص وسلوك غريب عن مجتمعنا؟ معقول أننا لا نرى أن المسؤول الذي يدوم في موقعه هو المسؤول الذي لا يعمل أو هو الذي ينافق و"يسحج" للشخص المتنفذ؟!
يختصر مشهدنا الحالي ختيار يجلس على كرسيه في مقهى يراقب الشارع، قائلاً: "البلد واقعة"، فهل أدرك الختيار وضع البلد ولم يدركه المسؤولون؟