قمة الديمقراطية: بايدن والتحالفات الجديدة
مقالات

قمة الديمقراطية: بايدن والتحالفات الجديدة

دعت الولايات المتحدة الأمريكية لعقد “قمة الديمقراطية” والتي ستُعقد على مدار يومي ٩و١٠ ديسمبر في واشنطن، وستتم بشكل افتراضي بمشاركة ١١٠ دول يمثلها وزراء الخارجية وممثلو المجتمع المدني والقطاع الخاص. تتناول القمة ٣ محاور رئيسية وهي مقاومة الأنظمة الاستبدادية ومحاربة الفساد واحترام حقوق الانسان، وتهدف القمة للخروج بمبادرات اقليمية ودولية في اطار دعم الديمقراطية. 
ظهرت قائمة الدول المدعوة لقمة الديمقراطية على الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية الامريكية، ومن المثير استثناء جميع الدول العربية ما عدا العراق، الدولة العربية الوحيدة التي دُعيت من المنطقة إلى جانب دولة الاحتلال، إسرائيل. 
كخطوة تحضيرية لقمة بايدن حول الديمقراطية، انعقد قبل اسبوعين منتدى بعنوان “مستقبل الديمقراطية” في العاصمة اللتوانية ڤيلنيوس، كانت القمة حافلة وحاشدة جمعت سياسيين وأكاديميين ومحللين وصحافيين بحضور رسمي عالي المستوى من قبل معظم دول الاتحاد الاوروبي بمبادرة لتوانية. ومن الجدير بالذكر أن الحضور في لتوانيا لم يشمل أي دولة عربية باستثناء فلسطين على مستوى المجتمع المدني والأكاديميا. كما أن القمة شملت دول الاتحاد الاوروبي على المستوى الرسمي باستثناء هنغاريا التي كان لها نصيب الأسد من انتقادات المنتدى. 
بعد حضور المنتدى، السؤال الذي ما زال يدور في ذهني هو حول نية جمهورية لتوانيا قيادة تحالف جديد بالتعاون مع إدارة بايدن تحت إطار الديمقراطية. لتوانيا الدولة الصغيرة ذات الثلاثة ملايين نسمة تتخذ سياسة خارجية شبابية جداً وبمعزل عن الاتحاد الاوروبي بهدف التقارب مع الولايات المتحدة الامريكية وقيادة تحالف جديد، الجمهورية تنتهج سياسة خارجية مندفعة، طموحة وجريئة جداً تكللت بفتح مكتب تمثيل دبلوماسي لتايوان في عاصمتها مما دعا الصين لسحب سفيرها، وبالتالي اعتبار السفير اللتواني في الصين شخصا غير مرغوب فيه واضطراره للمغادرة. لتوانيا باستضافتها لهذا المنتدى الرفيع عازمة علي الوقوف بوجه دول عظمى كالصين وروسيا، تبدو غير آبهة لما يمكن ان يعود على مصالحها من ضرر في حال لم ينجح هذا التحالف الجديد تحت مسمى الديمقراطية. 
حسب تعريف الولايات المتحدة للديموقراطية، تعتبر الانتخابات أحد أهم معايير تحديد الأنظمة الديمقراطية من الاستبدادية. وهنا يغيب عن ذهن إدارة بايدن ان الديمقراطية الامريكية تحتوي لتعريفها هذا أبشع أشكال العنصرية والارهاب في القرن ٢١، على ادارة بايدن التي تتبنى حقوق الانسان محاسبة دولة الاحتلال الإسرائيلي التي ترتكب جرائم الحرب والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني بدلاً من مكافأتها وتصنيفها كديمقراطية. 
يستعمل بايدن القوة الناعمة ودبلوماسية المؤتمرات لخلق تحالفات جديدة تحت شعار الديمقراطية للفصل بين ما يُطلق عليه محور الخير (الدول الديمقراطية) والشر (الدول الاستبدادية). 
قمة الديموقراطية التي دعا لها بايدن استثنت كل الدول والأنظمة التي تعتبرها وتصنفها خارجة عن أنظمة الحكم الديموقراطي، وهي الأنظمة التي ينطبق عليها تعريف الأنظمة الاستبدادية حسب تعريف التحالف الجديد. وهذا يندرج على كل الدول العربية باستثناء العراق. الدول العربية من طرفها لم تتطرق للموضوع حتى اللحظة. دبلوماسية القمة التي يقودها بايدن هدفها الخروج بتوصيات وسياسات ومقترحات لإحلال الديمقراطية ومقاومة الفساد، وهذه التوصيات قد تتضمن بناء تحالفات جديدة أو فرض عقوبات على بعض الدول، وما الرسالة الرئيسية من عقد القمة الا بمثابة الحرب الناعمة التي تقودها أمريكا مع حلفائها الجُدد، وتستهدف بالأساس الصين وروسيا من جهة وهنغاريا في الاتحاد الاوروبي وتركيا وإيران في الشرق الاوسط، في محاولة لعزل هذه الأنظمة على مستوى القيم والأخلاق. تحت إطار هذه القمة، بايدن يشن حربا ناعمة باسم الديمقراطية. 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.