صحيفة عبرية: التخلي عن “نزاع القنصلية”… خطوة إسرائيلية نحو تفكيك “القنبلة الإيرانية”
في العام 2001 كنت المستشار القريب لشمعون بيرس عندما تولى منصب وزير الخارجية في حكومة شارون. رافقته في منصبه هذا في أغلب لقاءاته السياسية التي عقدها مع رؤساء دول ووزراء خارجية في البلاد والعالم. مؤخراً، راجعت بعضاً من خلاصات اللقاءات التي وثقتها، ووجدت أن موضوع النووي الإيراني كان، منذئذ، على جدول أعماله في كل لقاء سياسي.
لقد كانت عقيدة بيرس قبل عشرين سنة صحيحة في حينه، وصحيحة اليوم أيضاً، وقامت على أساس بضعة مبادئ أساسية. فقد كرر بيرس في حديثه مع السياسيين نهجه القائل إن التحول النووي لإيران ليس مشكلة إسرائيلية صرفة، بل مشكلة عالمية. في هذه العاصمة أو تلك، عرض بيرس مرات عديدة في حديثه أمام نظرائه، البعد الجغرافي من طهران عن تلك العاصمة، وبالتوازي كشف مدى إطلاق الصواريخ التي تطورها وتشتريها إيران: صواريخ قادرة على حمل رؤوس متفجرة نووية وتضرب قلب تلك العاصمة.
كان نهج بيرس أنه من الصعب منع قدرة إيران على الوصول إلى حافة نووية؛ لأن “العلم لا يمكن وقفه”، ولكنه طالب الأسرة الدولية بالتركيز على قدرات إطلاق ومنع إيران من إقامة ترسانة صواريخ تحمل رؤوساً متفجرة نووية يمكنها أن تصل إلى كل مكان في العالم: إلى تل أبيب، واشنطن، موسكو.
حسب بيرس، فإن تطلعات الإمبريالية للحكم الإيراني لا تتلخص برغبة في السيطرة على إسرائيل، بل الوصول إلى هيمنة عموم عالمية وسيطرة الإسلام الشيعي الخاميني على الكون كله.
في نظرة إلى الوضع اليوم في سياق النووي الإيراني، يخيل إلي أن إسرائيل جعلت الخطر العالمي تهديداً على إسرائيل فقط. وهكذا بقينا وحيدين في المعركة. كما أن التركيز الإسرائيلي على قدرة التخصيب الإيرانية وليس على قدرة الإطلاق مغلوط في جهود المنع. ومن السهل أن نشرح بأن دولة تخصب اليورانيوم وتدعي أنها لأغراض مدنية، لا يفترض أن تطور صواريخ تصل إلى مسافات آلاف الكيلومترات، وذات قدرة على حمل رؤوس متفجرة نووية.
ذاك المفهوم الذي كان قبل عشرين سنة، ويقوم على أساس التنسيق التام مع الولايات المتحدة، في ظل الحفاظ على مبدأ “حق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها، مفهوم صحيح وربما هو بقوة أكبر في هذا اليوم. المظلة الأمنية والسياسية الأمريكية شرط ضروري لمنع سلاح نووي عن إيران. يمكننا أن ننفخ صدورنا بهراء ألسنتنا يومياً، ولكن يصعب بل يتعذر على إسرائيل التصدي وحدها في ظل المصالح الصينية والروسية في اللعبة مع إيران.
يجب أن يكون التنسيق ثنائياً، والمظلة السياسية والأمنية تلزمنا بأن نراعي مصالح الأمريكيين. من هنا، فإن النزاع الصاخب مع الإدارة الأمريكية على قنصلية في شرقي القدس قد يضر القدرة على منع النووي عن إيران، ومعاذ الله أن تنشأ علاقة بين الأمرين.
إن السياسة الحكومية ملزمة بأن تقوم أيضاً على أساس الذاكرة التنظيمية المخزنة في الوزارات الحكومية. ولما كانت كل بروتوكولات محادثات وزير الخارجية في حينه موجودة في ديوان رئيس الوزراء وفي وزارة الخارجية، يجدر برئيس الوزراء ووزير الخارجية أن يراجعاها، ويتعلما منها ويعملا بالشكل الأفضل لمنع سلاح غير تقليدي عن إيران. علينا ألا نخترع الدولاب من جديد كل مرة. أحيانا ثمة دولاب يسافر جيداً ويجب الحفاظ عليه من أن يصاب بعطل ما.