حاخام غزة الأكبر!
مقالات

حاخام غزة الأكبر!

اخترتُ في مقالي خبرا عن وزير الأديان في إسرائيل، ماتان كهانا وهو عضو الكنيست من حزب «يمينا»، قائد سرب طيران وخريج جامعة بار إيلان (الاستيطانية) اشترك في كل الحروب على غزة، وأخيرا انتهى به المطاف، وزيرا للأديان!
هذا الوزير اعتدى على السلطة الدينية العليا، وهي الحاخامية اليهودية الكبرى، حين حاول إلغاء أهم مصدرين لقوة الحاخامين، الأول تجارة الطعام الحلال، (الكوشير) هذه التجارة هي مصدر الثراء الرئيس للحاخامين العاطلين عن العمل، وهي عبارة عن ختم يوضع على أغلفة الأطعمة المسموح تناولها لطائفة الحارديم، فأصدر الوزيرُ تشريعا يُتيح المجال لكثيرٍ من الطوائف أن تصنع لها خاتم (كوشير) أي حلال، ما يسحب البساط جزئيا تحت أقدام أباطرة الحاخامين المحتكرين لأختام الكوشير، لم يكتفِ الوزير بما سبق، وهو، اليوم، يحاول سحب بقية البساط بتشريع جديد أكثر خطورة، وهو منح حاخامي المدن الصغار، ومنح التيار الديني الإصلاحي، غير المعترف به من الحاخامية، منحهم حق تهويد (اليهود) غير المتهودين، ومعظمهم من مهاجري الاتحاد السوفيتي السابق ومن «الفلاشاه»، وهم مئات الآلاف، غير مسجلين كيهود، هم مسجلون كمقيمين فقط، يعيشون، اليوم، محرومين من كثير من الحقوق!
أما الأخطر فهو اعتراف الوزير بأن قرار التهويد يهدف لمنع امتزاج اليهود بغيرهم، ومنع زواج اليهود بغيرهم من الأجناس والديانات الأخرى، هذا القرار ضد مبادئ كل حقوق الإنسان في العالم بأسره، وضد قوانين المساواة وعدم التفريق بين الأجناس، وضد عاطفة الحب، لأن الاختلاط في نظره سيضيع هُوية إسرائيل دولة يهودية نقية!
لأجل ذلك فإن وزير الأديان يعيش مُطاردا من الحارديم كمطاردة إسحق رابين، لذلك فهو لا يخطو خطوة واحدة بلا حراسة مشددة!
أما قصة، حاخام غزة الأكبر، فهي (الحاخامة) ليندا غولدشتين، لها موقع في شبكة التويتر، يتابعها ثلاثة آلاف شخص على صفحتها.
حساب الحاخامة هذا استقطب وجذب المرشحة اليسارية الديمقراطية لعضوية الكونغرس الأميركي، إيماني أوكيلي، Imani R. Oakley من نيوجيرسي، هذه المرشحة من الداعمين للحقوق الفلسطينية، وهي تنعت إسرائيل بأنها دولة «أبارتهايد» عنصرية، أي أنها تتفق مع (حاخامة) غزة لأن الحاخامة نشرتْ في تويتر صورا تبين أنها أشعلتُ الشمعدان في عيد «الحانوكه» اليهودي على أغلفة صواريخ غزة، وأنها تؤدي دورا كبيرا في تثقيف المقاومين في أنفاق غزة، وتطالبهم بأن يحافظوا على التباعد الاجتماعي داخل الأنفاق! ادَّعتْ أيضا أنها مستشارة السيد إسماعيل هنية، وأنها تسعى لجمع التبرعات لقطاع غزة، وأنها تسخر جهودها لاستقطاب (يهود غزة الأميركيين) لدعم الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية!!!
لأجل ذلك، قامت مسؤولة الحملة الانتخابية لأوكيلي بالتواصل مع حاخامة غزة في تويتر، وطلبت منها تحديد موعد للمقابلة في برنامج، زوم. (هذه القصة من صحيفة، نيويورك تايمز، يوم 4-12-2021، تحقيق جون ليفين).
اكتُشفتْ (الخدعة) حين نشر المحامي الصهيوني، (متشل) اسما مستعارا، اعترف أنه اخترع شخصية حاخامة غزة اليهودية في توتير، لغرض خداع اليساريين الديمقراطيين، ممن يمثلون فقط 5% هم من كارهي إسرائيل واليهود، ومن معادي الصهيونية، ولكشف جهلهم السياسي!
هذه الخدعة أسقطت أيضا عضو حزب العمال البريطاني، السيدة، تيلما وولكر Thelma Doris Walker التي رحب بحاخامة غزة (المُزيَّفة) وأثنت على جهودها لنصرة الفلسطينيين، وأبدت استعدادها لتقديم المساعدات لغزة!
اعتبرتْ المرشحة الديمقراطية المُغرر بها، هذه الخدعة أسلوبا سياسيا رخيصا!

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.