أركان الحوكمة الرشيدة
كثيراً ما نسمع عن الحوكمة الرشيدة، والذي يتردد بشكل مستمر في الدوائر الحكومية، وعند صناع القرار، وفي جميع القطاعات المؤسساتية. وفي هذا المقال وعلى عُجالة سنلقي الضوء على هذا المصطلح وعلى اركانه.
لا يوجد تعريف رسمي للحوكمة الرشيدة في فلسطين، والتعريف الأقرب له:
هو مجموعة واسعة من الوظائف ذات الصلة بالتوجيه ووضع القواعد التي تقوم بها الحكومات / صناع القرار لتحقيق أهداف السياسة الوطنية المنبثقة عن أجندة السياسات الوطنية المنسجمة مع أهداف التنمية المستدامة.
أي أن الحوكمة هي نظام يحول السياسة العامة إلى اهداف محققة، وهذا الأمر لا يتعارض مع مفهوم نظام الإدارة الذي هو بدوره النظام الذي يحول الأهداف الإستراتيجية الروتينية المتفق عليها إلى أهداف محققة والتي قد تكون يومية أو شهرية أو سنوية.
ويبنى نظام الحوكمة على عشرة أعمدة يمكن اختصارها في الجملة التالية:
"شارك توفيق في القوانين بعدالة وشفافية وحاسب على الاستراتيجية بكفاءة استجابة للمخاطر"
إي أن أركان الحوكمة الرشيدة هي:
1- المشاركة (شارك):
أي أن هناك شركاء لكل قسم أو دائرة او إدارة عامة في كل مؤسسة، يجب التعامل معهم بشكل يومي، ولكن من هو الشريك؟ ويعرف الشريك بأنه أي مجموعة أو فرد يمكنه التأثير أو يتأثر بتحقيق أهداف المؤسسة. يمكن تأطير جميع الشركاء في خمس مجموعات هي: القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع الأهلي والقطاع الدولي والمجتمع.
2- التوافق (توفيق):
لا يمكن تحقيق أي هدف لأي مؤسسة إذا كان الشركاء متشاكسين أي مختلفين فيما بينهم، والأصل أن يكونوا متوافقين بشكل تام، والتوافق يكون على الهدف وعلى القيادة وعلى توزيع الأدوار والمهام.
3- القوانيين (القوانين (:
منظومة القوانين والتشريعات تستند إلى القانون الأساسي (الدستور) والقوانين والأنظمة (لوائح تنظيمية ولوائح تنفيذية ولوائح ضبطية) والتعليمات الفينة الإلزامية والتعليمات الوزارية والإجراءات العملية (والأدلة الإرشادية وطرق العمل المعيارية والبروتوكولات وكتيبات الإجراءات، والمعايير).
4- العدالة والمساواة (العدالة):
والمساواة أن يحصل كل شخص على نفس الفرصة في تلقي الخدمة أو المنافسة على أمر عام، بينما العدالة ان يحصل الشخص على الخدمة او المنافسة في أمر عام حسب حالته الفردية أو احتياجاته وضمن الأطر القانونية. ومثل على ذلك أن الجميع لهم الحق في الوصول إلى المركز الصحي لتلقي العلاج (المساواة)، وعند وصولهم بعضهم يتلقى الخدمة الصحية بسهولة مثل الأشخاص العاديين، بينما ذوي الاحتياجات الخاصة (حركياً) لا يستطيعون الدخول إلى المركز الصحي بسهولة لوجود أدراج، وعليه فيجب توفير طرق مائلة ومصاعد ليستطيع الشخص ممن ذوي الأحتياجات الخاصة حركياً من تلقي الخدمة الصحية (العدالة).
5- الشفافية (بشفافية):
تعرف هيئة الأمم المتحدة الشفافية بأنها حرية تدفق المعلومات والمعرفة بأوسع مفاهيمها، أي توفير المعلومات للمجتمع، والعمل بطريقة منفتحة، والحصول على المعلومات الضرورية في أي وقت، للحفاظ على المصلحة العامة، وإتخاذ القرارات المناسبة، واكتشاف الأخطاء.
وبصورة مبسطة الشفافية أن تتحدث عن الإنجازات والإخفاقات بشكل متساوٍ، وعدم التركيز على الإنجازات لمدح الذات وخداع المجتمع، وعدم التركيز على جلد الذات والمبالغة في الإخفاقات.
كما تستعمل كثيراً من مرادفات للشفافية مثل الصدق والأمانة والنزاهة والإخلاص، وغيرها.
6- المساءلة والمحاسبة (حاسب):
تعرّف الأمم المتحدة المساءلة على أنها الطلب من المسؤولين تقديم التوضيحات اللازمة لأصحاب المصلحة حول كيفية استخدام صلاحياتهم وتصريف واجباتهم، والأخذ بالانتقادات التي توجه إليهم، وقبول المسؤولية عن الفشل وعدم الكفاءة أو عن الخداع والغش. أما المحاسبة فهي تطبيق العقوبات عن طريق القوانيين عند مخالفتها.
أي أن المساءلة هي عملية مستمرة أساسها القبول بالمسؤولية قبل الخطأ وبعده، والمحاسبة مرحلة تأتي بعد حصول الخطأ (تطبيق القوانين).
7- التوجه الإستراتيجي (الإستراتيجية):
الإلتزام بمنظمة الإستراتيجيات الوطنية وتسلسلها والتي تشمل أجندة السياسات الوطنية المنسجمة مع الأهداف التنموية المستدامة، والإستراتيجيات القطاعية وعبر القطاعية، وإستراتيجية الإدارات العامة وإستراتيجية الدوائر المختلفة، مع العلم أن لكل مستوى إداري يحب أن توجد خطة تنفيذية سنوية يتم الإلتزام بها.
8- الكفاءة والفاعلية (بكفاءة):
والكفاءة هي الإستخدام للموارد المتاحة لتحقيق الهدف المنشود (إستخدام المدخلات للحصول على المخرجات (أداء العمليات الصحيحة))، أما الفاعلية فهي الإستخدام الأمثل للموارد المتاحة لتحقيق الهدف المنشود بأقل تكلفة ووقت (أكبر مخرجات بأقل مدخلات (أداء العمليات بطريقة صحيحة)).
ومن ضمن الكفاءة والفاعلية الجودة والحوكمة الإلكترونية، والحكومة الإلكترونية، والأهلية، وإدارة الموارد، والبنية التحتية.
9- الإستجابة (استجابة):
هي الموافقة بين متطلبات وتوقعات المستفيد من الخدمة من جهة ورضى المستفيد عن الخدمة بعد تلقيها من جهة أُخرى. أي أن الخدمة يجب أن تقدم بصورة يرضى عنها المستفيد لأنها حققت متطلباته.
10- إدارة المخاطر (المخاطر):
وهي جميع الإجراءات الوقائية التي تقوم بها المؤسسة كإجراءات احترازية مسبقة قبل وقوع أي خطر قد يؤثر على أهداف المؤسسة وطرق تحقيقها. وتشمل إدارة المخاطر عدة عمليات أهمها تقييم المخاطر، وخطة إدارة المخاطر، وإدارة المخاطر في حالة حدوثها، وتقييم خطة إدارة المخاطر وتطويرها.
وتعمل جميع أركان الحوكمة الرشيدة معاً بصورة متكاملة ومتناغمة مع بعضها، يطلق على تطبيق العشرة بنود معاً نظام الحوكمة الرشيدة، أما إذا نقص أحد الأركان فإنه يسمى نظام حوكمة ناقص.
*مستشار وزيرة الصحة لشؤون الحوكمة