النضال الفردي.. النضال الجغرافي
الحركة الأسيرة التي قادت الثورة والنضال في مختلف المراحل حيث تتشكل من قامات تاريخية من كل الفصائل، منهم من امضى في معتقلات الاحتلال اكثر من أربعين عاما و كانت هذه القامات خلاقة في الفعل الثوري ضد الاحتلال خارج وداخل المعتقل.
خاضت الحركة الاسيرة عدة اضرابات عن الطعام جميعها جماعية ومخطط لها بقيادة ومتابعة من بين الاسرى ومن الخارج تشارك فيها جميع الفصائل وشرائح الشعب الفلسطيني ومنظمات وهيئات مدنية انسانية بل ودعم دولي، وخاصة ان التخطيط للبدء في الاضرابات كان يستغرق سنوات يتم فيه التواصل مع الجميع وتعبئة داخلية للاسرى وخارجية للمناصرين والداعمين للتحرك الجماعي والمنظم.
ما يحصل خلال السنوات السابقة اضرابات عن الطعام يخوضها افراد دون مشاركة من اخوتهم الاسرى، وهذا العمل البطولي والشجاع يحتاج لتحليل ودراسة ايجابيته وسلبياته رغم ما حققه من نجاحات وانتصارات، فلماذا لا تكون الاضرابات جماعية؟ ولماذا يقرر الاسير الخوض في هذه المعركة معركة الحياة او الموت فرديا؟ هل فقد الثقة بكل محيطه و اعتمد على نفسه فقط؟ ام هناك اسباب موضوعية لهذه الخطوة؟ وهل مطلوب من كل اسير ان يعتمد على نفسه لتحقيق مطالبه؟ وهل يستطيع الاسرى كافراد او جماعات الوصول لسقف الاضرابات والذي تجاوز بعضها المئة يوم؟ ام ستكون عائق امام بعضهم بسبب صعوبتها؟.
العمل الجماعي دوما يحقق نتائج اقوى بل ويخدم كل الاسرى وبشكل خاص عندما تكون المطالب جماعية، ولكن كيف سيواجه الاسير اجراءات تستهدفه بشكل فردي مثل العزل الانفرادي او الاعتقال الاداري!؟ وخاصة الاعتقالات الادارية المتكررة منها باعتقال اسير بلا تُهم اداريا تجدد دون سقف زمني لها وفق قرار المخابرات الاسرائيلية فقط.
ما نقدمه من اقتراحات ان يجتمع الاسرى دوما على قلب رجل واحد حول اي مطلب لهم فردي او جماعي، وحتى الفردي الافضل للاسير استشارة اخوان الاسرى وجهات اخرى ومحامين وجهات حقوقية دولية ما استطاع اليه سبيلا، ومن المهم الاعداد للاضرابات الفردية والجماعية بشكل جيد بالاضافة لما ذكرناه من حشد داخل السجن وخارجه وان يبحث اي اسير عن القضايا المشتركة مع أسرى آخرون بحيث الافضل ان تكون فعاليات جماعية و مركزية القيادة لكل السجون.
المقاومة التي كانت تعم الارض الفلسطينية من نهرها الى بحرها ايضا تجدها اليوم مفتتة و عشوائية و غالبا تعتمد الجغرافيا ولا مشاركة (بمعنى مشاركة فاعلة) من مناطق مختلفة بمعنى لم تعد تهب نابلس عندما يتم الاعتداء على جنين ولا يهب ابطال غزة عندما يتم الاعتداء على الضفة، عندما حدثت حرب على غزة لاكثر من مرة لم نجد غالبا اي ردات فعل من المقاومة في الضفة وغزة لم تتفاعل وتغضب على جرائم المستوطنين في الضمة الغربية، ولا على الاعتداء على المقدسات والممارسات اليومية والقمعية لجيش الاحتلال ضد شعبنا، بل ما يحدث بمعظمها هبات شعبية و مواجهات فردية لثوار شاهدوا هول تلك الجرائم بعضهم خرج للشارع و بعضهم استخدم سكين والاخر محاولة دهس او اطلاق رصاص، ومهما كان العمل الفردي بطولي يبقى بعيدا عن ضمان الاستمرار به، او خدمة هدف سياسي في حينه، و دون دراسة للوقت والمكان والظروف او معرفة ردود الافعال، والحقيقة ان هذا يعطي صورة الحقيقة المرة وهي تدهور الاوضاع التنظيمية للفصائل التي لم تستوعب هؤلاء ولم يعودوا مقتنعون في برامجها.
خلاصة القول ان العمل على اساس جغرافي او العمل الفردي لا يحقق الاهداف العليا و لا يستمر، الشعب كله تحت الاحتلال و هدف الحرية والاستقلال حاجة الجميع و الواجب الوحدة لتحقيقه، الاسرى امام الاعداء هدف واحد، وممارسات الاحتلال في غزة والضفة هدفها تصفية القضية الفلسطينية فمن المهم ان يتوحد الجهد الجماعي لشعبنا سواء داخل الوطن او خارجه اعضاء هذا التنظيم او ذاك، داخل الاسر او خارجه.
لم يَعُد شعبنا يفهم غزة مشتعلة او محاصرة والضفة هدوء لا صوت لرجال المقاومة حتى من ابناء الفصيل الواحد في الطرف الاخر للوطن، وكأن الانفجارات والقتل تحدث في بحر الكاريبي، ولم يَعُد شعبنا يستوعب الحديث عن محور المقاومة في غزة والقدس ومقدساتها مستباحة يوميا وقرية بيتا يدمرها المستوطنون ويحرقوا بيوت قرية برقة ويقتلوا الاهالي في بيوتهم ويحطموا سيارات الفلسطينين من الخليل حتى جنين، و الاسرى في اضراباتهم يقتربوا من الموت دون ان نسمع صوت رصاصة او صوت صاروخ من رجال المقاومة في غزة، ونسمع في المقابل من حماس تصريحات في ظل ازدياد طغيان وظلم الاحتلال انه اذا لم يسمح الاحتلال لشنطة الاموال والسولار بالمرور لغزة تطلق الصواريخ، فهل السولار او الاموال هدف المقاومة ولم تعد حرية شعبنا و مقدساته وأمنه الهدف الاستراتيجي!؟ وهل تأخر الاموال اخطر من ما يحدث من ممارسات المستوطنين في القدس ونابلس وجنين؟ هذه الاسئلة كلها برسم اجابات الفصائل والقيادات.
آن الاوان للقيادات ان تعود لرشدها و تتوحد فإن ما يحدث تذويب للقضية الفلسطينية بل اصبحت حياة كل فلسطيني في خطر من ممارسات المستوطنين والقدس ومناطق اخرى تهود والاستيطان ابتلع الارض والشجر والحجر فهل من مجيب.