تحدّيات 2022 في قراءة إسرائيل
يمكن تشخيص أبرز التحديات الماثلة أمام إسرائيل في عام 2022، وفقًا لقراءاتها المخصوصة، إما من تصريحات كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين فيها، أو من خلال أبرز الخبراء، سيما في شؤون السياسة الخارجية والأمنية.
وإذا ما ركّزنا في التحدّيات على الصعيد الإقليمي، لا بُدّ من البدء بالقضية الفلسطينية، حيث سرعان ما نعثر على إجماعٍ لدى الجانبين المذكورين فيما يتعلق بها، يفيد بأن مسار تسويتها بات مُعلّقًا إلى أجل غير مُسمّى لأسبابٍ شتّى، في طليعتها طابع الحكومة الإسرائيلية الحالية المؤلفة من ثمانية أحزاب، تعكس كل ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي مع أغلبية راسخة ليمين – الوسط، إذا ما صحّ التوصيف.
وقطع وزير الخارجية الإسرائيلي، يئير لبيد، خلال إحاطةٍ لمراسلي الشؤون السياسية في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن أجندة وزارته خلال العام الحالي، يوم 3/1/2022، أي شكّ في هذا الصدد، حين أكّد أنه، حتى في حال تسلّمه منصب رئيس الحكومة في آب/ أغسطس 2023، بموجب اتفاق التناوب بينه وبين رئيس الحكومة الحالي، نفتالي بينت، فلن يستأنف المفاوضات مع الفلسطينيين، “بسبب اتفاقيات الائتلاف الحكومي التي تحول دون التقدّم إلى الأمام في هذا المسار”.
وقد نطق لبيد بهذا اليقين، على الرغم من إقراره بأن الجمود المسيطر على العملية السياسية مع الجانب الفلسطيني يساهم في تعريض سياسة إسرائيل إلى خطر عزلةٍ دوليةٍ. ويمكن هنا أن نفتح قوسًا لنقول إن جهاتٍ سياسيةً إسرائيلية أخرى، في الحكومة والمعارضة، لا تتفق مع هذا التقويم، وهي تستند، من بين أسانيد أخرى، إلى “اتفاقيات أبراهام” التي برهنت، في قراءتها، على أنه لا حاجة إلى أي مسارٍ سياسيٍّ مع الفلسطينيين، من أجل تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتحسين مكانتها، وهو ما كانت عليه الحال عربيًّا قبل تلك الاتفاقيات.
غير أن التحدّي الإقليمي الأهم في 2022، بحسب القراءات الإسرائيلية ذاتها، هو المرتبط بالملف النووي الإيراني. وعاد الانشغال بهذا الملف إلى صدارة جدول الأعمال في إسرائيل في ظل بضعة مُستجدّات، أبرزها تبدّل الحُكم بتزامن مُعيّن في كل من الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، وما أتاحه تغيّر الإدارة الأميركية من احتمال العودة إلى الاتفاق مع إيران الذي أبرم عام 2015 وعارضته إسرائيل، ومارست ضغطًا كبيرًا على الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من أجل الانسحاب منه، وركل مسار المفاوضات والعودة إلى نظام فرض العقوبات على نظام طهران.
ويأتي الانشغال بالملف الإيراني من ناحية إسرائيل، هذه المرّة أيضًا، على خلفية تقارير أجنبية متطابقة، تفيد بأن إيران حققت تقدمًا كبيرًا في مشروعها النووي إلى ناحية الاقتراب من أن تصبح ما توصف بأنها “دولة عتبة نووية”. وعندها، فإن المسافة بينها وبين امتلاك قنبلة نووية تُمسي قصيرة جدًا. ومثل هذه التقديرات صدرت أيضًا عن كل من وزيري الدفاع والخارجية الإسرائيليين، ووزير الخارجية الأميركي، وكذلك عن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي.
ومن المُلاحظ أنه حتى بين الذين يتحفظون من مسلك الحُكم الإسرائيلي السابق حيال الولايات المتحدة، والذي اتسم بقدر من التحدّي والخروج علنًا ضد سياستها الخارجية إبّان ولاية الرئيس باراك أوباما. وبين الذين يؤيدون هذا المسلك ويحثّون عليه، ثمّة قاسم مشترك أن إسرائيل في كلّ ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني لا يمكنها أن تقبل بما تقبل به الولايات المتحدة.
وعلى سبيل المثال، هناك بين الخبراء الإسرائيليين الأمنيين من يعتقد أن الولايات المتحدة يمكن أن تتعايش مع إيران “دولة عتبة نووية”، بينما إسرائيل لا يمكنها ذلك لأسباب كثيرة قد لا تخصّ واشنطن من قريب أو بعيد، أهمها أن ذلك يعني اقتراب طهران من امتلاك سلاح نووي. كما أن من شأن أمر كهذا أن يسرّع سباق التسلّح النووي في منطقة الشرق الأوسط، ما قد يؤثر في خلخلة صورة إسرائيل القويّة، بصفتها دولة تنفرد بامتلاك هذا السلاح في بيئتها الإقليمية.