مواصلة الانقلاب السوداني واستمرار الاحتجاجات
مع استمرار المظاهرات الاحتجاجية، وتقديم حمدوك لاستقالته، يكون عسكر السودان قد فشلوا في انتزاع شرعية انقلابهم يوم 25/10/2021، وتعطيل الوثيقة الدستورية.
في 22/11/2021، توصل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان مع رئيس الحكومة عبدالله حمدوك، إلى اتفاق، بهدف تجاوز الأزمة السياسية التي سببها انقلاب العسكر، وتعهد الطرفان بالعمل لاستكمال مسار التصحيح السياسي الديمقراطي، ووضعوا 14 بنداً، تعتمد على الوثيقة الدستورية للعام 2019، باعتبارها المرجعية للفترة الانتقالية، وتشكيل حكومة من الكفاءات المستقلة، بديلة لحكومة الشراكة مع الأحزاب الأربعة: الأمة، الاتحادي، البعث والشيوعي، وتنفيذ اتفاق جوبا الذي تم التوصل إليه مع الفصائل المسلحة، وإطلاق سراح المعتقلين، وعودة حمدوك لرئاسة الحكومة.
الأحزاب السياسية والنقابات المهنية رفضت هذا الاتفاق، وواصلت احتجاجاتها الجماهيرية بالمظاهرات والاعتصامات، وسقوط القتلى والجرحى، ولهذا فشل حمدوك بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، ما أدى إلى استقالته.
في 5 تموز 2019، بعد الوساطة الإفريقية الإثيوبية، تم التوصل إلى اتفاق بين الجيش برئاسة البرهان من طرف وقوى إعلان الحرية والتغيير من طرف آخر، وهي عنوان التحالف الوطني العريض بين الأحزاب السياسية والنقابات المهنية وشخصيات مستقلة، ووقع الاتفاق أحمد ربيع عن تحالف قوى الحرية والتغيير، ومحمد حمدان دقلو عن المجلس العسكري الانتقالي، وتم تكليف عبدالله حمدوك في تشكيل الحكومة الائتلافية من المدنيين، وأن يكون للعسكر وزارتا الدفاع والداخلية، وتشكيل مجلس سيادة مشترك، 5 من العسكر، و5 من المدنيين، وواحد يتم الاتفاق عليه من الطرفين، وتمت إضافة ثلاثة أعضاء يمثلون الفصائل المسلحة بعد أن تم التوصل إلى اتفاق جوبا معهم يوم 3/10/2020، وأجري بعض الإضافات على الوثيقة الدستورية، وتمت تسميتها رسمياً بـ»الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2020»، وصدرت يوم 2/11/2020، وأطلق على المجلس السيادي المكون من الأطراف الثلاثة: الأحزاب السياسية، وممثلي الجيش، والفصائل المسلحة «مجلس شركاء الفترة الانتقالية»، المكون من 14 عضواً.
في 25/10/2021، بادر الجيش بانقلاب على الاتفاق، علق بموجبه مواد الوثيقة الدستورية، وألغى مجلس الشراكة الانتقالي، وأقال الحكومة، ووضع رئيس الوزراء حمدوك في الإقامة الجبرية، واعتقل قادة الأحزاب السياسية.
ولكن الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني لم تستسلم للانقلاب ورفضته، ونظمت مسيرات احتجاج متتالية حتى يعود العسكر إلى ثكناتهم ويسلموا السلطة إلى المدنيين، حتى اضطر البرهان إلى التراجع والتوصل إلى اتفاق جديد مع حمدوك يوم 22/11/2021، ولكن الأحزاب والنقابات رفضت هذا الاتفاق الجديد واعتبرت أن حمدوك خان المبادئ المتفق عليها، وأن العسكر سعوا إلى شرعنة انقلابهم، وهكذا واصلت الاحتجاجات والمظاهرات حتى سلم حمدوك بهزيمته يوم الأحد 2/1/2022، وأعلن استقالته في خطاب متلفز للسودانين قال فيه: «حاولت بقدر استطاعتي أن أجنب بلادنا خطر الانزلاق نحو الكارثة، وحاولت الحكومة التعامل مع تحديات العزلة الدولية والفساد والديون، بذلنا جهداً لإخراج البلاد من العُزلة الدولية، وقعنا اتفاقاً مع المكون العسكري لحقن الدماء، قدمنا مبادرات عدة لم تجد آذاناً صاغية، ولكن الوتيرة المتسارعة للانقسام بين الشريكين (المدني والعسكري) أثرت على فاعلية وأداء الدولة، ولذلك قررت أن أرد إليكم أمانتكم وأعلن استقالتي من منصب رئيس الوزراء».
ومنذ الانقلاب تم تنظيم 12 مظاهرة بمواعيد متلاحقة سقط خلالها 56 شهيداً إلى اليوم.
الانقلاب مستمر والمظاهرات متواصلة في مواجهته.