برنامج "عمل وعمال" نموذجاً
في عالم السرعة والوجبة الساخنة والمعلومة المتغيرة والثورات التكنولوجية في جميع جوانب الحياة، على أي مؤسسة، أكانت عائلة، شركة، وزارة، مؤسسة أهلية، حزباً أو فصيلاً، جامعة، مسرحاً، أو حتى بقالة "سوبرماركت" أو مطعماً، التعامل مع المستجدات السريعة على الصعيد الإعلامي والعلاقات العامة.
اسمحوا لي أن أقدم هذه التجربة الشخصية بناءً على عملية تراكمية في قطاع العمل الإعلامي الحكومي الذي أفتخر بجميع كادره، الشباب الذي يمتلك المهارة والمعرفة كلٌ حسب تخصصه والإمكانيات المتوفرة لديه، خصوصاً في ظل ثورة وسائل التواصل الاجتماعي وتغير قواعد اللعبة، وطريقة تفاعل المواطنين مع الحكومات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
قفزت شرارة الفكرة في عقلي عندما تمّت استضافتي قبل شهرين في "صوت فلسطين" للحديث عن القضايا العمالية. خرجت من المقابلة وتحدثت عن فكرة: لماذا لا يتم إعداد برنامج مشترك متخصص بين صوت فلسطين ووزارة العمل ضمن إطار قطاع العمل والعمال، والدخول في حوار مباشر مع المسؤولين المختصين، ونقل صوت المواطن لهم مباشرة وعبر الهواء والإجابة عن كافة الاستفسارات والتساؤلات.
بدأ التواصل الرسمي بأعلى مستوياته بين شخصين يؤمنان بأهمية إعطاء مساحة للشباب في العمل العام وداخل المؤسسة، وأيضاً ممّن يفكرون خارج الصندوق التقليدي، أخي د. نصري أبو جيش وزير العمل، والصديق المشرف العام على الإعلام الرسمي أحمد عساف.
بعد أخذ الضوء الأخضر منهما للعمل، بدأنا بإعداد هيكل وإطار البرنامج، وهنا يجب أن أشكر الزملاء المبدعين المتعاونين في إذاعة صوت فلسطين جميعاً على سرعة الاستجابة والتنفيذ والتطوير الدائم وتقديم يد العون، وعلى رأسهم مقدمة البرنامج الذي تم إطلاقه "عمل وعمال" الإعلامية سحر الترتير، وزملائي للمتابعة في دائرة الإعلام والعلاقات العامة بالوزارة.
نحن نعلم أيضاً مدى أهمية أن تتكيف الحكومة و/أو الوزارة، ليس فقط مع عالم يتقدم بسرعة، ولكن أيضاً في كيفية الاستفادة من أشكال الاتصال الجديدة وبشكل مختلف ومضمون غير تقليدي كلاسيكي، لهذا السبب استثمرنا فوائد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من خلال أثير "صوت فلسطين" وبناء الوعي وتقديم الإجابات، قبل أن يتم طرح السؤال خصوصاً من خلال التواصل في الأزمات، وما أكثرها في ظل جائحة "كورونا".
بالتالي، قمت بتعديل المشهد بشكل كامل، وفي لغة الإعلام جعلنا من المستقبِل مرسِلاً ومن المرسِل مستقبِلاً، ومضمون الرسالة يتم تقديمه بأشكال متنوعة حسب الموضوع والقضية التي تطرح، وخير مثال أول حلقة كانت مع وزير العمل ذاته على الهواء مباشرة، وطرحه العديد من المواضيع التي كان يشوبها الغموض وعدم الوضوح ليقطع الشك باليقين أمام المواقع الصفراء.
إذاً من المهم للقطاع العام توصيل الرسالة بطريقة واضحة وهادئة ومهنية قبل حدوث القضية، أو فور حدوثها مباشرة، دون أن تترك الساحة للشائعات. وهذا يعني أيضاً عدم الإفراط في استخدام التغريدات والتصريحات. ضع المسؤولين في المقدمة وفي المنتصف، بحيث يمكنهم نقل رسائل مهمة بطريقة مضبوطة ومطمئنة.
عندما تحافظ على تفاعل المواطنين، ستتمكن من إطلاعهم على السياسة والقضايا التي تهمهم أكثر من غيرها. أنت تبني الثقة. تمنحك وسائل التواصل الاجتماعي فرصة لتكون أكثر شفافية. وعندما تنفتح على نفسك، سيثق بك المواطن أكثر.
إن القدرة على أن تظل صادقاً مع المجتمع والفئة المستهدفة أمر بالغ الأهمية لبناء علاقة جيدة معهم. توفر وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة مثالية للبقاء شفافاً وواضحاً مع المجتمع بقدر الإمكان، وهنا أيضاً قمنا وسنقوم بإشراك جميع الشركاء الاجتماعيين من خلال ممثليهم من نقابات عمالية وقطاع خاص، ومؤسسات المجتمع المدني مع الأخذ بعين الاعتبار التنوع الجغرافي والقضايا والفئات المستهدفة.
لهذا المعادلة بسيطة (الأزمة + وسائل التواصل الاجتماعي = أرض خصبة كبيرة للمعلومات المضللة)، إذا نحن أخذنا خطوة للأمام من خلال قراءة وسائل التواصل الاجتماعي لتحديد الأخطاء والرد وفقاً لذلك. وبالمحصلة النهائية ما قمت به استخدام المنصات الرسمية من خلال برنامج "عمل وعمال" لتصحيح الأمور قبل وقوعها، متمنياً أن يؤخذ هذا النموذج بالحسبان في تقديم رؤية جديدة للإعلام الحكومي مع المواطنين.