ماذا أعدُّوا لمواجهة تقرير، أمنستي؟!
غصَّت وسائل الإعلام الإسرائيلية بنقد تقرير، منظمة العفو الدولية، أمنستي!
لا يعود السبب إلى أن أمنستي، التي أسست العام 1961 في لندن، اتهمت إسرائيل اتهاماً واضحاً بالعنصرية والأبرتهايد، بل لأن أمنستي حركة يدعمها ثمانية ملايين عضو، وهي مدعومة من بعض دول أوروبا، لذا انبرى المفكرون والباحثون والصحافيون في استحداث آليات الرد على التقرير!
ما أكثر الذين اعتبروا تقرير، أمنستي خطيراً جداً، خطيراً لأنه يُشكك في شرعية إسرائيل، وينكر حقها في الوجود، ويدعو لتفكيكها، وهو أيضاً يتهمها بأنها دولة أبارتهايد عنصرية، تغتصب الأرض الفلسطينية، تمارس القتل، تفرض القيود على حرية الحركة، فهي إذاً ترقى إلى مستوى الفصل العنصري بمقتضى القانون الدولي، طالبتْ أمنستي كذلك المنظماتِ الحقوقيةَ بتقديم مرتكبي جرائم القتل الإسرائيليين للعدالة، ودعت لمقاطعة إسرائيل.
أثار هذا التقرير حملة نقد طالت حتى المؤسسات الإسرائيلية نفسها، فقد اتهمت صحيفة، إسرائيل هايوم أكبرَ منظمة صهيونية تُطارد اللاساميين، وهي رابطة مكافحة التمييز، ADL اتهمتها بالتقصير لأن ردها جاء باهتاً، لأنها علَّقت على التقرير بتعبير واحد فقط (تقرير غير مسؤول) واتهمتها بأنها سهَّلت إصدار التقرير، وأشارت إلى أن ميزانية رابطة مكافحة التمييز السنوية مئة مليون دولار، وأرجعتْ الصحيفةُ السبب إلى أن هذه المؤسسة الصهيونية كانت تكره دونالد ترامب، واتهمت الصحيفة مسؤولة التواصل في المنظمة، تيما سميث بأنها مناصرة للإرهاب، لأنها شجبت قتل الأطفال في عدوان إسرائيل على غزة، أيار 2021!
اقترحت الصحافية، آني هيربيرغ، في النشرة الصهيونية تكوين لجنة في وزارة الخارجية الإسرائيلية للرد على هذه الاتهامات، كذلك اقترح ألكس سافين، مدير الأبحاث في مؤسسة (كاميرا) الاستخبارية الرقمية، أن تتولى وزارة العدل إبطال تهم تقرير، أمنستي، وأن تبدأ الهجومات على التقرير بتنظيم ندوة مناقشة عامة مع صانعي التقرير، وأن يكون الُمحاور الرئيس في هذه الندوة أستاذ القانون الصهيوني في هارفارد، ألان دروفتش داعم إسرائيل، وإذا لم تقبل أمنستي فإن رفضها سيُضعف التقرير!
أما جوهر الردود، فقد تعددت ولكنها تتلخص في أن التقرير لا سامي، وهو يستهدف فقط (الدولة اليهودية) ولا يستهدف الدولة الإسلامية، أو البوذية، أو المسيحية، وهو يدعم حركة المقاطعة، BDS، كما أن التقرير يطالب بمنح اللاجئين الفلسطينيين حق العودة لإسرائيل، إذاً، فهو ضوءٌ أخضر لارتكاب الجرائم ضد اليهود، كما قال الصحافي، هيرب كينون في صحيفة جورسلم بوست 3-2-2022م، فأمنستي، وهيومن رايتس ووتش وجهان لعملة واحدة!
يقترح، آري هيرنبرغ، مراقب المنظمات غير الحكومية في إسرائيل أن تعارض إسرائيل مثول، أمنستي أمام أي منظمة أو دولة، وأن تسعى لطرد موظفيها، كما أن هناك ثلاثين ولاية أميركية تُخرج الـ»بي دي إس» عن القانون، وأن تقرير أمنستي يشبه تقرير، «بي دي إس»، إذاً فإن، أمنستي منظمة غير قانونية في هذه الولايات الأميركية!
أما الصحافي، ديفيد لتمان، في الصحيفة الصهيونية، ليغمنر، الصادرة في ألمانيا فاقترح أن يكون الرد مقتبساً من الإعلام الفلسطيني نفسه! فقد صدر في الإعلام الفلسطيني استطلاع رأي في شهر كانون الأول 2021 يفيد بأن 93% من فلسطينيي القدس يفضلون الانضمام لإسرائيل، وليس للسلطة الفلسطينية، هذا ردٌّ دامغ على ديمقراطية إسرائيل وأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!
أما أشهر الردود فكانت تتركز على أن الفلسطينيين، (العرب) يمكنهم أن يصبحوا أعضاء كنيست، وهم اليوم مكون رئيس في حكومة إسرائيل الحالية، فالقائمة الموحدة هي ركن من أركان حكومة، نفتالي بينيت، وأن هناك وزراءَ ومسؤولين عرباً في أعلى سلطة في إسرائيل وهي القضاء، هناك قاضٍ عربي، في محكمة العدل العليا، يترأس قاضيين إسرائيليين، وهم حكموا بالسجن على رئيس دولة إسرائيل!
هناك مقترح أيضاً بأن يزور أعضاء أمنستي إسرائيل ليروا الأطباء العرب في المستشفيات، والعاملين في القطاعات الحكومية المختلفة!
هذه مقتطفات قصيرة من مجموع الاقتراحات، غير أن المطاردة الفعَّالة في عالم اليوم هي حجب الموازنات، وإقصاء الموظفين ونبذهم في المحافل الدولية، وتجاهل أخبارهم، هذه الآليات مسكوتٌ عنها حتى الآن، يعمل المطبخ السياسي الإسرائيلي على إنضاجها، في انتظار انتهاء موجة التصفيق والاستحسان من مناصري الشعب الفلسطيني المحتل، هم يراهنون على أن هذه الموجه في الغالب تستمر بضعة أيام فقط، ثم تدخل خزانة النسيان!
كل ما أتمناه أن نسعى لبلورة خطة بلغة الألفية الرقمية الثالثة، لغة السلك الدبلوماسي ولغة الأفلام والوثائق للاستفادة من آلاف التقارير والشهادات الإسرائيلية الداعمة لحقوقنا، بخاصة من تقارير الجمعيات الإسرائيلية المُنصفة، حركة السلام الآن، بيت سيلم، عير عميم، زوخروت، عيمك شافيه، جنود يكسرون الصمت. وعشرات الجمعيات ومن كاتبي الآراء الإسرائيليين المُنصفين!