كهربة الكهرباء وحقوق الناس
لا نقلل بالمطلق من سلسلة الإجراءات التي اتخذت في قطاع الكهرباء منذ العام 2011 لليوم وشكلت تحولات مهمة، في ذلك العام، ذهبنا إلى مقر سلطة الطاقة الفلسطينية والموارد الطبيعية لنقاش التعرفة الكهربائية واستمرار الدعم الحكومي للتعرفة بنسبة أعلى لتخفيضها. يومها، طال النقاش وخرجنا بإعلان الموافقة على هذا الأمر واعلنا أول إنجاز للمستهلك في هذا القطاع بأن تحمل الحكومة كامل ارتفاع التعرفة، تبعه لقاء مفتوح عن قطاع الكهرباء بحضور كل شركات الكهرباء وسلطة الطاقة ومجلس تنظيم قطاع الكهرباء وهناك طالبنا بضرورة إقرار التعرفة الكهربائية وإقرار تعرفة خدمات الربط، وكان اللقاء قبل اجتماع مجلس الوزراء وكان الضغط كبيرا داخل مجلس الوزراء بين احتساب التعرفة للصناعي والتجاري والزراعي وصدر القرار بإقرار تعرفة موحدة وكان هذا إنجازا آخر للمستهلك.
وذهبت الأمور أبعد من ذلك باتجاه الطاقة المتجددة التي ظلت (تحبو) ولا تسير بسلاسة إلا أن احتساب صافي القياس أمر مهم لهذا القطاع المهم والحيوي ويتفوق على الطاقة التقليدية التي يستطيع ان يحجبها الاحتلال متى شاء. وهذا ما يحدث في عدة مواقع ويضع الناس ومقدمي خدمات الكهرباء في نزاع غير مقبول ولكن من حق الناس ان يحصلوا على الكهرباء.
وبلغنا توحيد رسوم الربط للكهرباء بحيث تنظم هذه المسألة التي كانت تشكل معاناة للناس خصوصا الذين يبنون عقاراتهم في مناطق التوسع الطبيعي في المدن والقرى ما يسمى خارج المخطط الهيكلي ما يضطرهم الى دفع كلفة إيصال الأعمدة والخط على نفقتهم الخاصة ومع رسوم الربط بات لغاية خمسة أعمدة على نفقة الشركة، وما زال النظام يخضع لنقاشات متتالية لتطويره.
أين جوهر الحكاية؟
رغم التعرفة والأنظمة وتعدد الأطر العاملة في قطاع الكهرباء وبراعة فصلها عن بعضها البعض (سلطة الطاقة والموارد الطبيعية، الشركة الوطنية لنقل الكهرباء، مجلس تنظيم قطاع الكهرباء، مركز أبحاث الطاقة) إلا انه في بداية شهر شباط، قامت بعض شركات الكهرباء برفع التعرفة 10% انعكاسا لرفعها من المصدر الإسرائيلي 9.7% دون انتظار قرار مجلس الوزراء، ولدى متابعتنا مع سلطة الطاقة والشركات ابلغنا بوجوب انتظار القرار الحكومي ووقف أي إجراء سابق له وتعويض المشتركين إذا كان الرفع أكثر من قرار الحكومة، كل هذا الأمر احتاج الى خمسة أيام رفع للتعرفة حتى تدخل مجلس تنظيم قطاع الكهرباء.
تلك تجربة تؤشر الى أن تعدد الهيئات والفصل بينها وقانون الكهرباء والتعرفة والتعليمات لم تسعف المواطن الذي ظل يهاتفنا ويتواصل بكل السبل (لم يقولوا لكم أوقفنا الرفع لماذا لم يوقفوا رافضين!!!!) انظروا كم هذا التصرف من شركات الكهرباء وبعض البلديات التي تدير القطاع ينعكس سلبيا على صورة السلطة الوطنية الفلسطينية ووزاراتها والرضا الشعبي عنها.
الثغرة أننا نصر على الطاقة التقليدية ونحن ندعو مع العالم لتقليل الانبعاثات وطاقة نظيفة، وهذه مصدرها الاحتلال يتحكم بسعرها وبكميتها والأولوية له وليست لسوقنا، وذهبنا باتجاه الطاقة المتجددة وحصرناها بـ(الشمسية) ولم ننجز بها كما يجب، وباتت في العقل الفلسطيني الذي يدير القطاع وصفة لكل أزمة، أزمة كهرباء طولكرم (سنتوسع في مشاريع الطاقة الشمسية في طولكرم)، صمود الأغوار (توجيهات بالذهاب صوب مشاريع الطاقة الشمسية)، ومجددا عدل تعريف الطاقة المتجددة، وهذه الأيام نناقش احتساب صافي القياس وهذا سيدخل الكل في نقاش مع شركات الكهرباء سيكون مطولا (كم؟ هذا يترجم لمال).
ماذا نريد؟
البناء على ما انجز في قطاع الكهرباء وتحقيق المزيد وعدم إتاحة المجال لكي تكون كل الأطراف هي الأقوى والمستهلك هو الحلقة الأضعف، رغم أننا استطعنا كسر هذه الحلقة في السوق الفلسطينية وبات المستهلك الحلقة الأقوى، اليوم، من خلال التفافه حول جمعية حماية المستهلك، وبراعته في تقديم الشكاوى، براعته في طرح قضاياه عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام، واستناد جمعية حماية المستهلك على الإحصاءات والأرقام والدراسات بالشراكة مع مؤسسات بحثية وجامعات ومراجعة أوراق موقف.
المحك الرئيسي للأسعار الفواتير الشهرية وأسعار الوقود والمحروقات، وبالتالي هذه يجب ان تظل مدروسة بعناية ولا يحدث عليها أي تعديل دون وجه قانوني حتى لا يزيد عبء المستهلك عبئا.