السلطة هي العنوان الخطأ
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تتزايد التحذيرات الإسرائيلية من تصعيد أمنى ولا يخفي المسؤولون السياسيون والامنيون رهانهم على التنسيق مع السلطة، للحد من التصعيد المحتمل الذي لن تكون بدايته في شهر رمضان بل انه بدأ مبكرا من خلال زيادة وتيرة العمليات والذي قابله زيادة في البطش الإسرائيلي.
المعالجة الإسرائيلية للتصعيد واحتمال ازدياد وتيرته في شهر رمضان ما تزال معالجة نمطية ثبت عدم جدواها سواء من خلال التنسيق الأمني غير الفعال مع السلطة او من خلال القمع والعقوبات التي بلغت حد الإعدام الميداني، بحيث عادت الجنازات الضخمة الى مدن وقرى الضفة، وحسب التجربة فإن كل جنازة تشحن النفوس لتنتج شبانا وشابات يقومون بعمليات قتالية على عاتقهم الخاص، دون ان تكون لهم مرجعيات تنظيمية، وبإقرار أجهزة الامن الإسرائيلية فهذا النوع من الأنشطة “العنيفة” هو الأخطر والأكثر صعوبة في مواجهتها والحد منها.
صناع السياسات والقرارات في إسرائيل يهملون بل ويتجاهلون تماما ثنائية العنف والتسوية، فهم يعالجون ظاهرة العنف بالوسائل البوليسية المعتادة، مع مزيد من الابتعاد عن الحل السياسي الذي يرى رئيس الحكومة الإسرائيلية ان مجرد الحديث عنه هو من اشد المحرمات. اما البديل عنه فهو التعامل مع الشعب الفلسطيني بالقطعة مثل الوعد ببعض التسهيلات الاقتصادية التي بكل المقاييس والمستويات لا تسمن ولا تغني من جوع، مع تقديم موافقات لم شمل بالقطارة، ما يضع الشعب الفلسطيني امام حالة غير مسبوقة في اختزال الحقوق الأساسية وتزويرها فما تعطيه إسرائيل من تسهيلات هي لا تزيد عن واحد بالمائة من حقوقهم الأساسية المحتجزة في قبضة الاحتلال.
يتزايد التوجه للسلطة الفلسطينية كي تساعد على التهدئة في شهر رمضان وحتى قبله وبعده، السلطة بواقعها الحالي هي العنوان الخطأ فإلى جانب قلة او انعدام نفوذها على الشبان الذين يقومون بالعمل على عاتقهم، فهي في الوقت ذاته واقعة تحت مطارق إسرائيلية لا تتوقف عن ضرب رأسها والتنكيل بهيبتها وتجويف صدقيتها امام الجمهور الفلسطيني، ذلك ان من يوصفون بالمعتدلين في الحكومة الإسرائيلية والامر نسبي مثل جانتس وعومير بارليف وحتى لبيد، يفسرون علاقتهم بالسلطة بطريقة تؤدي الى احراجها وليس الى دعمها فكل ما يفعلونه او يقولونه تجاه السلطة هو من اجل تقويتها في مواجهة حماس، دون أي إشارة ولو بعيدة الى ان للشعب الفلسطيني اهتمامات وحقوقاً ومطالب واولها واهمها زوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية ومع ان الفلسطينيين يدركون صعوبة ما يطالبون به بحكم عوامل معيقة متزايدة الا ان المعيقات لا تلغي الطموحات ولا تقلص الحقوق ولا توقف السعي بكل الوسائل المشروعة والفعالة لتحقيقها.
التوجه للسلطة كي تساعد على التهدئة هو توجه الى العنوان الخطأ وعلى صناع السياسة والقرارات في إسرائيل ان يقرأوا جيدا تصريحات السفير الأمريكي نايدز ووعي مدلولاتها ما يستوجب التصرف بصورة مختلفة، ذلك اجدى واكثر جذرية من سياسة العصا الغليظة والبلدوزر الذي لا يتوقف عن العمل والجزرة الذابلة التي لا فاعلية لها منذ بدء الصراع وحتى يومنا هذا والى المدى المفتوح على الزمن.