اسرائيل تحتلنا وتحتل نفسها كذلك
مقالات

اسرائيل تحتلنا وتحتل نفسها كذلك

اضيق بقعة جغرافية على سطح الارض هي الاكثر اكتظاظا بالسلاح، من المسدس الى الـF35، وما بينهما من التقليدية والنووية .

هذا ما تمتلكه اسرائيل وحدها ولأنه لم يكن كافيا بعد عمليات بئر السبع والخضيرة وبني براك، جرى تعزيزه بآلاف قطع السلاح طُلب شرائها وحملها، وتقول آخر التقديرات ان الاقبال على سوق السلاح بلغ عشرات اضعاف ما كان عليه قبل ان يدعو بينيت شعب اسرائيل الى حمله واستخدامه حتى لو كانوا في رحلة استجمام على شاطئ البحر.
ولأن كل عملية تنفذ تكشف عن ثغرات في بناء المؤسسات الامنية الاسرائيلية التي توصف بالعملاقة، فإن موسما اضافيا للإنفاق يفتتح في اسرائيل، فالشرطة تريد رفع ميزانيتها بتجنيد الاف جدد، والجيش يطلب المزيد لتغطية خططه سواء لمواجهة من هم وراء الحدود او لتعزيز قوة الشرطة في الداخل، او لإقامة جدران اضافية في كل مكان يحاذي الفلسطينيين .
هذا هو الواقع حيث دولة بكاملها تعيش تحت السلاح، ذلك دون احتساب من يتولون منذ اثنين وخمسين سنة احتلال ستة الاف كيلو متر مربع تكتظ بملايين الفلسطينيين، ودون احتساب مئات الوف المستوطنين الذين يجسدون رديفا للجيش ورأس حربة لتنغيص حياة الفلسطينيين وقهرهم، هذا هو واقع اسرائيل التي تحتلنا وتصر على مواصلة احتلالها لنا في نطاق سعيها نحو سراب تدجين الفلسطينيين ليظلوا ابد الدهر استثناء عن كل شعوب المعمورة بلا كيان ولا دولة وبلا حرية ولا كرامة.
يتزايد الاسرائيليون الذين يتساءلون هل احتلال الفلسطينيين هو الوسيلة المضمونة والفعالة لتوفير الامن والحياة الطبيعية للإسرائيليين، وكل هؤلاء يجيبون بـ “لا” قاطعة لأنهم لا يرون املا مع استمرار الاحتلال، ولأنهم كذلك يدركون المعادلة التي تقول ان احتلال الفلسطينيين في ارضهم افرز احتلالا موازيا فرض نفسه على كل مكان في اسرائيل وحتى على كل عائلة وفرد من ساكنيها .
غير ان الذي يحير الاسرائيليين هو سؤال ما هي القوة الحقيقية للخصم الفلسطيني الذي تتسلح اسرائيل بهذا القدر للسيطرة عليه؟
بمقياس التسلح فليس لدى الفلسطينيين ما يوازي الواحد بالالف قياسا لما لدى إسرائيل، وبمقياس الاقتصاد فالنسبة اقل من ذلك بكثير فالملاليم التي يقتات بها الفلسطينيون مسيطر عليها من قبل إسرائيل، اما بميزان التحالفات فحلفاء الفلسطينيين لا يرون بالعين المجردة وأين هم مع حلفاء إسرائيل في المحيط والعالم الاوسع.
الاحتلال يجسد معضلة للإسرائيليين بذات القدر من كونه معضلة للفلسطينيين، ذلك لأن إسرائيل أي أصحاب القرار فيها ما يزالون يعتقدون بأن لديهم القدرة على الإمساك بنقيضين في قبضة واحدة، مواصلة احتلال الفلسطينيين الذي يعني مواصلة اعتناق وهم السيطرة المطلقة على حاضرهم ومستقبلهم، وبالمقابل توفير امن وامان نموذجيين للدولة وساكنيها ومستوطنيها.
نعترف بأن إسرائيل نجحت في الدخول الى معادلات المنطقة اما كحليف او كأمر واقع، الا ان هذا النجاح لا يخفف من فشل اعمق ترى تجلياته الراهنة في الواقع الذي يقول، إسرائيل تحتل فلسطين والفلسطينيين ومن اجل الحفاظ على ذلك تحتل نفسها. ليس الفلسطينيين وحدهم من يقول ذلك بل كثير من الإسرائيليين والعالم كله.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.