الإعلام الفلسطيني.. لسانُ مقطوع وعين عمياء!
كتب رئيس التحرير: لسان الدول اليوم هي وسائل إعلامها، من خلالها تستطيع إيصال رسائلها داخلياً وخارجياً، كذلك فهي من خلال الإعلام تُؤرخ لنفسها، وتكتب روايتها بخط يدها، وتزيد أهمية هذا اللسان عند الأزمات والحروب والنكبات والاحتلال، وكذلك الحال في فلسطين.
تحتاج الرواية الفلسطينية لبحور مليئة بالحبر، وأقلام على امتداد البصر، لتستطيع كتابة وحفظ محطاتها وتاريخها والنكبات التي عصفت بشعب أعزل، لكن الواقع مختلف، فالرواية الفلسطينية غائبة، باستثناء محاولات فردية أو شبه جماعية لم ترقَ إلى مستوى "رواية شعب"، كذلك فإن الإعلام الرسمي الفلسطيني أو حتى الفصائلي والخاص لم يرقَ إلى مستوى الحديث عن دولة هي الوحيدة الرازحة تحت الاحتلال في العالم.
قصص كثيرة، ومئات بل آلاف الروايات المغيبة، أم شبه عمياء لستة أطفال تقتل على قارعة الطريق كما تُذبح الخراف، ولا يحرك المجتمع الدولي المنافق شعرة في جسده، طفل يُعدم، وشيخ يُسحق تحت الأنقاض، والعالم غائب، كذلك الرواية الفلسطينية وإعلام فلسطيني بكل مكوناته، فالتغطيات الإخبارية لا تصنع رواية، كذلك الاكتفاء بتلفزيون رسمي ينطق بالعربية لا معنى له ولا فائدة تًرجى منه دولياً، فسكان فرنسا لن يتعلموا العربية ليشاهدوا التلفزيون الرسمي الفلسطيني ويعرفوا من الظالم ومن المظلوم في الملف الفلسطيني الإسرائيلي.
هذا ليس جلداً للذات، بل نقاط نظام نضعها بين يدي نقابة الصحافيين الفلسطينيين، ووزارة الإعلام الفلسطينية، وقبلها الرئاسة ومجلس الوزراء، نحتاج لرواية فلسطينة قوية، لمتحدثين يتقنون الإنجليزية ينتشرون في كل العالم وجميع وسائل الأنباء والإعلام، نريد للحقائق أن تُكشف لا زيادة ولا نقصان.
الموازنات التي تُصرف على الإعلام الرسمي هائلة، لكن النتائج غير التي نأمل، كذلك الإعلام الخاص والحزبي، لا توحيد فيه لرواية فلسطين، فحتى مع الاختلاف السياسي يجب أن تظل الرواية الفلسطينية موحدة، هذا إن كنا نعمل لفلسطين، لا للحزب.
إسرائيل تُتقِن فن الاعلام وتسيطر عليه بحيث جعلت من جيش نازي جرار يملك كل الأسلحة الفتاكة ضحية أمام طفل يحمل لعبة او حتى يلقي حجرا ضد آلياته المصفحة وطائراته الفتاكة، ويتفنن بابداع بنزع الصبغة الإنسانية وحقوق الإنسان عن إعدام الأطفال الفلسطينيين وأمهاتهم بدم بارد من قِبل جنود الاحتلال، ويعزز هذه الحالة الغياب غير المفهوم لوزارة الإعلام الفلسطينية ومسؤوليها والتي لم تقدم الرواية الفلسطينية حول ما يجري.
لدى السلطة وسائل إعلام متطورة ووسائل اتصالات عالية الجودة ومواقع إخبارية و وسائل تواصل اجتماعي عالية الانتشار، لكنها خالية من الرواية الفلسطينية، المتحدثون الإسرائيليون متواجدون حتى في شاشاتنا العربية والإسلامية يصدحون بمهاجمة الفلسطينيين وتبرير جرائمهم ومعظم المسؤولين الفلسطينيين يرفضون الظهور على وسائل الإعلام بل معظمهم لا يجيبون على هواتفهم.
بعض الكُتاب الاسرائيليين مثل "جدعون ليفي" الذي كتب عن جرائم الاحتلال بشكل جريء عبر صُحفهم و وسائل قال في مقال نشره في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية يوم الأحد الماضي إنه "لا يوجد حافز أقوى من أجل تنفيذ عمليات فردية أو لتشكل تنظيمات محلية، من انتشار اليأس، الشعور بأنه "لا يوجد مستقبل وخصوصا أنه ليس ثمة ما يمكن خسارته بعد الآن لدى الفلسطينين" فأين الكُتاب الفلسطينيون من جرائم الاحتلال؟
الموقف الأوروبي تم كشفه بمعاييره المزدوجة بالتعامل مع قضية فلسطين مقارنة بما يحدث في أوكرانيا والذي لا يرى الدم الفلسطيني ويتباكى على القتلى الجنود من الاسرائيليين أو الأوروبيين في ثكناتهم، فهل مقبول أن لا يرى الأوروبيون جرائم إسرائيل، وفي الوقت ذاته نقدم لهم أعذاراً حول إقرار مناهج فلسطينية لا تدعم الاحتلال لأرضنا؟! ولا تصف المقاومة إرهاباً؟ ولا تقول عن القدس عاصمة إسرائيل؟ أين الصوت الفلسطيني مما يحدث؟
الإعلام الرسمي بكل مكوناته مواقعه شبه خالية من ذكر لجرائم الاحتلال، لم نسمع عن عقد أي مؤتمر صحفي للمسؤولين في وزارة الإعلام أو الحكومة عن الهجمة وحصار مدينة جنين!
الاحتلال الإسرائيلي يملك خطة منسقة علمية مدروسة يستخدم فيها بإتقان دور الضحية وينزع عن الفلسطيني حقوقه حتى الإنسانية ويعزز التجرد من الانسانية وزرعها في أذهان الأوروبيين والأمريكيين وحتى العالم عندما يتعلق الأمر بجريمة ضد الفلسطينيين، فهل يجد هذا العدو من يواجهه إعلامياً؟