حـرب أوكـرانـيـا الأهـم أمـيـركـيـاً
أشاد الرئيس الأميركي، جو بايدن، بالهدنة اليمنية التي توسطت فيها الأمم المتحدة، ووصفها أنها: «المهلة التي طال انتظارها من قبل الشعب اليمني».
المبعوث الأممي هانز غروندبرغ أعلن، يوم الجمعة 1/4/2022، أن السبت الأول من رمضان، سيكون بداية تنفيذ اتفاق الهدنة لمدة شهرين، ووقف جميع الأعمال العسكرية جواً وبراً وبحراً، داخل اليمن، وفي نطاق حدوده، وهو ما تم الاتفاق عليه والتوصل إليه بين طرفَي الصراع اليمني محلياً وإقليمياً.
اتفاق الهدنة اليمني يتم لأول مرة منذ انفجار القتال قبل سبع سنوات، بين طرفَي الصراع داخل اليمن، بين الحوثيين المدعومين من إيران من طرف، والحكومة اليمنية المدعومة من العربية السعودية من طرف آخر.
مفاوضات التهدئة متواصلة منذ سنوات، ولم تفلح، ولكن لماذا نجحت الآن؟ وما هي مكانة اليمن لدى الأميركيين، كي يهتم بها بايدن شخصياً؟؟
نزيف اليمنيين متواصل منذ سنوات كلفتهم التشرد والموت والخراب والدمار، بينما العالم يتفرج عليهم، ما الذي حصل حتى يتم التوصل إلى الهدنة، بموافقة الطرفين المتصارعين ؟
الولايات المتحدة اشترطت على إيران التدخل لدى الحوثيين بقبول وقف إطلاق النار، مقابل تسهيل المفاوضات حول التوصل إلى الاتفاق النووي، وهذا ما تم فعلاً!!
الولايات المتحدة استعملت نفوذها على طرفي الصراع من أجل الهدنة، لسبب جوهري وهو لا تريد أي اهتمام، وعدم الانشغال على المشهد السياسي الدولي بأي حدث سوى ما يجري في أوكرانيا: جرائم روسيا واحتلالها، مقاومة الشعب الأوكراني وبسالة رئيسه، شجاعته في الصمود، وفي التصدي للغزو الروسي، أي باختصار من أجل شيطنة روسيا وعزلها، ونجاح العقوبات الاقتصادية والسياسية المفروضة أميركياً عليها.
التدخل الأميركي لم يكن محبة لشعب اليمن الذي يستحق كل التضامن والتعاطف والدعم والإسناد، وأن تتاح له فرصة حق تقرير مصيره بيده، بعيداً عن التدخل الفظ من أي طرف كان، بل جاء التدخل الأميركي وفرض التوصل إلى الهدنة من أجل بقاء المشهد السياسي الدولي مقتصراً على التوجه نحو الاهتمام بما يجري على جبهة الصراع الروسي الأوكراني، بهدف استنزاف روسيا، وبقاء الهيمنة والتسلط الأميركي، وهيمنة القطب الواحد على القرار السياسي الدولي.
نجحت واشنطن في إسقاط الرئيس الباكستاني عمران خان بالرشوة، يوم السبت 9/4/2022، مثلما نجحت بوقف إطلاق النار في اليمن بدءاً من يوم 2/4/2022، ولكنها فشلت في فلسطين لسببين: أولاً بسبب التطرف الإسرائيلي نحو مواصلة اقتحامات المستوطنين لحرمة المسجد الأقصى في شهر رمضان، وثانياً لعدم تجاوب الفلسطينيين بإظهار الخنوع والصمت أمام انتهاكات الإسرائيليين لحرمة المسجد الأقصى طوال شهر رمضان، وأمام جرائم القتل التي تقترفها بحق الفلسطينيين.
واشنطن بذلت جهوداً مباشرة من أجل التهدئة في فلسطين، من خلال وزير خارجيتها، ولكنها فشلت إسرائيلياً وفلسطينياً، وبقيت فلسطين وتضحياتها وشهداء شعبها من الرجال والنساء تتصدر المشهد في مواجهة جرائم المستعمرة وآثامها بحق الإنسان ومقدساته في القدس، وسائر فلسطين.