نحو مدن أكثر استدامة
مقالات

نحو مدن أكثر استدامة

تقليدياً في فلسطين يطرق الناخب باب من انتخبه في المجلس البلدي في اليوم التالي للانتخابات، ليقول له: ها نحن قد انتخباك فماذا أنت فاعل؟
ولأن فلسطين تختلف في مدنها ومناطقها الحضرية جذرياً عن بقية العالم لسبب بسيط وهو (الاحتلال)، ولا نعتبره شماعة بل نعتبره تحدياً حقيقياً لتحقيق هدف مدن مستدامة وقادرة على الصمود، وبالتالي تكون هناك دواع لتقسيم العمل إلى جانبين الأول: استجابة مباشرة لأولوية العمل اليومي الروتيني الذي يترك أثراً لدى المجتمع المحلي، الثاني: رؤية إستراتيجية متكاملة لمعالجة تحديات التنمية المستدامة وتشكيل المدينة الجاذبة الإبداع ومواجهة الطوارئ، وبحيث تجد التحديات الحضرية الملحة حلولها.
أنا على ثقة أننا في فلسطين انتخبنا مجالس في البلديات الكبرى لنقدم خدمات أكثر استدامة وقادرة على التأسيس لمدن قادرة على الصمود وعدم انتظار الصدف، ولكن أدوات القياس لتلك الخدمات والأدوار عندنا مختلفة تماماً لسبب بسيط أننا بحاجة لتقديم معالجات سريعة طارئة كانت عالقة في السابق، أو أنها لم تكن ممكنة وهذا تحدِ وارد بقوة في بلادنا.
ويجب أن نخرج من دوامة تحميل كل ما يحدث ولا يلقى قبولاً على كاهل المجالس البلدية السابقة، تلك مرحلة مضت بسلبياتها وإيجابياتها، وبقاؤنا أسرى لها لن يقود إلى أي مكان ولا إلى التقدم خطوة، والتفكير بسلبية سيقود إلى ذات النتيجة أيضا.
المطلوب غداً تحويل السياسة إلى ممارسة والمبتعدين إلى مشاركين؛ لأن مدننا ومناطقنا الحضرية تستحق ويجب أن نظل مع أهداف التنمية المستدامة 2030 في الهدف 11 جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة، وتركز الغاية 2 من الهدف 11 على توفير إمكانية وصول الجميع إلى نظم نقل مأمونة وميسورة التكلفة ويسهل الوصول إليها ومستدامة، وتحسين السلامة على الطرق، لا سيما من خلال توسيع نطاق النقل العام.
ونذهب صوب الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة (ضمان حياة صحية)، الذي يعتمد على النشاط البدني بتجهيز أماكن آمنة ومريحة وجذابة للمشي على الأقدام واستخدام الدراجات الهوائية.
وحتى نجعل المدن شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة، يجب أن نشمر عن سواعدنا ونحشد الطاقات ونستفيد من الخبرات والمواهب والابتكارات والتقنيات الحديثة والمسؤولية الاجتماعية لدى القطاع الخاص والشراكة في مشاريع تحتاج إلى الشراكة. وهنا لا نتحدث عن خصخصة وغيرها، بل نتحدث عن شراكات في مواضيع لا تستقيم دون تلك الشراكات.
وهذا يتطلب أيضاً نشر وتعميم المعلومات عن العمل البلدي وإبلاغ الناس بالرؤية والخطوات العملية، وكيف سنبدأ ليكون الجميع شركاء حقيقين ومنفذين أيضا، وقد يعتقد البعض أن الشراكة مع المجتمع المحلي تقتصر على قضايا محددة ولكنها يجب أن تكون شراكة مؤسسة وشاملة لتحقيق هدف الاستدامة والصمود ومدن آمنة.
اليوم يجب أن ننظر بعمق صوب توسيع قاعدة المشاركة من أجل معالجة نوع من العزوف بحيث تتحول المنطقة الحضرية إلى منطقة نشطة تشاركية وفاعلة، صحيح أن البلديات تقدم خدمات وبرامج تشمل الأسرة والشباب والمسنين والفقراء والأغنياء، ولكن هذا لا يمنع من برامج محددة نصل من خلالها إلى كل فئة بفئتها إضافة للوصول العام، تماما كما حدث في مدينة رام الله بإنشاء (منتدى الخبرات) وتركيزه على فئة كبار السن من المتقاعدين والاستفادة من خبراتهم وطاقاتهم، وأيضا مدينة رام الله أنشئ فيها مسار رياضي يتوافق مع هدف ضمان حياة صحية وبيئية، وهذه نماذج لتخصيص الخدمات لفئات ولأهداف محددة.
وكما ننظر للمدن أن تكون منفتحة ننظر لبلديات منفتحة على ناسها وأكثر قدرة على التفاعل، وهذا يستدعي مجالس بلدية منسجمة متفاعلة تستطيع أن تجلس على طاولة واحدة لتصنع غد مدنها.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.