السامريون، يستحقون منصباً فلسطينياً رفيعاً!
السامريون الفلسطينيون مهددون بالانقراض والاندثار بعد أن كان عددهم كبيراً في القرون السالفة، أصبحوا اليوم يُعدون ببضع مئات، لا يصل عددهم إلى ألف سامري فقط، هم يسكنون في منطقتين فقط، نصفهم في قرية لوزا في محافظة نابلس، وهم حراس جبلي جرزيم وعيبال، وأتباع يوشع بن نون، نصفهم الآخر في منطقة، حولون في تل أبيب، هذه الطائفة اليهودية جزءٌ من نسيجنا الفلسطيني الديموقراطي يتعرضون اليوم للتصفية، فطوائف الحارديم في إسرائيل لا تعترف بهم يهوداً، بل تعتبرهم مهرطقين، ينبغي أن يتهودوا من جديد، لأنهم يؤمنون بأسفار التوراة الخمسة فقط، لهم توراتهم الخاصة بهم، فهم لا يؤمنون بالتلمود والشريعة الشفوية المعتمدة عند المتزمتين الحارديم، كما أنّ لهم مقدساً خاصاً، ليس هو هيكل القدس المُدَّعى، بل هو جبل جرزيم الخالد، يسمونه جبل الطور أيضاً، جرت محاولات تهميشهم منذ سنوات طويلة، لأنهم يقفون عقبة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، فهم فلسطينيون مناضلون يدحضون افتراءات إسرائيل بأن الفلسطيني إرهابي متطرف، ويؤكد عقيدة الفلسطينيين الراسخة بحقوق الإنسان، لذا سرقتْ من كنيسهم ومتحفهم أقدمُ نسخ التوراة في العالم العام 1995 وسُرقَ معظم تراثهم!
في يوم 23-4-2022 اصطحب، يوسي داغان رئيسُ مجلس مغتصبات الضفة الغربية، اصطحب جاسوسَ إسرائيل في أميركا، جوناثان بولارد، لزيارة جبل عيبال شمال نابلس، بادعاء أن قمة الجبل كانت مذبحَ القرابين ليوشع بن نون، خليفة النبي موسى، وأن الأثريين وجدوا منذ أسبوع في المكان دليلاً على ملكية المكان لشعب إسرائيل، وجدوا قطعة من الرصاص بحجم العملة المعدنية، عليها مجموعة من اللعنات على منكري أوامر الله، ونسبوا هذا الاكتشاف (الكنعاني) إليهم فقط! قال الجاسوس، بولارد عقب الزيارة: "أدعو المسؤولين الإسرائيليين إلى أن يعترفوا بهذا المكان مكاناً أثرياً إسرائيلياً خالصاً"!
هذا الحدث يقع ضمن سلسلة عمليات اغتصاب الأرض الفلسطينية، وتأسيس المستوطنات، بطريقة غير عسكرية، بوساطة الأبحاث الأثرية (الحكومية) الممولة والموجهة المدروسة بعناية، لأنها وسيلة سهلة للاغتصاب، ففي مدينة سلوان مقرُ أخطرِ جمعيات التزييف الاستيطاني الديني الأثري، جمعية، عير داود (إلعاد).
بدأت خطط اغتصاب المواقع الدينية (أثرياً) في القدس كما يحدث كل يوم في شمال فلسطين وبئر السبع، ثم في الحرم الإبراهيمي، بدأت حملات الغزو الأثري باقتسام أماكن العبادة، ثم السيطرة والاحتكار، ثم نقلوا المستوطنين ليسكنوا إلى جوارها.
وها هو المشروع ذاته يُطبق في نابلس، وفي النقب، وفي كل فلسطين، هو اغتصاب بذريعة البحث الأثري المأجور! فقد حاول المحتلون أن يطوقوا مدينة الثورة، نابلس بالمواقع الأثرية المدعاة، بدأت المحاولة بعد الاحتلال العام 1967 بادعاء أن قبر يوسف، هو قبر النبي يوسف المقدس وليس مسجداً أثرياً إسلامياً لأحد الأولياء المسلمين، على الرغم من أن معالم المكان كلها تشير إلى ذلك، ثم أسسوا في ثمانينيات القرن الماضي مدرسة دينية توراتية!
أخيراً، سيظل وجود الطائفة السامرية عقبة في وجه اغتصاب نابلس، لأن السامريين جزء من نسيج المدينة، وهم يحملون ثلاث هويات، فلسطينية، وأردنية، وإسرائيلية، وهم يشاركون اقتصادياً واجتماعياً في حياتنا الفلسطينية، لأنهم فلسطينيون، فقد ضممناهم إلى صفوفنا في تسعينيات القرن الماضي، فكان لهم عضو مجلس تشريعي، هو، النائب، سلوم عمران المتوفى العام 2004، ولم يخلفه حتى اليوم عضوٌ آخر جديد، للأسف!
سأظلَّ آملُ ألا نفقد هذه الفسيفساء الفلسطينية الأصلية، لأنها مصدرُ قوتنا، ورمزٌ لثقافتنا وحضارتنا، إن منحهم مناصب سياسية رفيعة في مؤسساتنا ضرورةٌ وطنية فلسطينية،
أخيراً، فإن أهداف علم أبحاث الآثار هي خلق روح التواصل بين الأجيال، وتنمية روح التسامح، إلَّا في إسرائيل، فإن البحث الأثري فيها يهدف لتزييف التاريخ، وترحيل وتشريد واحتلال السكان والأرض، فهل نتمكن نحن الفلسطينيين من تكثيف هذه الرسالة وتوجيهها للعالم أجمع؟!