مَن يحمي المستهلك؟
بدون مجاملات ــ والواقع الحالي ليس بحاجة إلى ذلك ــ في ظل الارتفاع المطرد لأسعار مواد غذائية وسلع أساسية، اسمحوا لي أن أدخل بالموضوع مباشرة؛ المستهلك الفلسطيني لا يوجد أحدا يرعاه ويسانده، فهو متروك دون حماية، والأخطر بأن الكل يتاجر به ليكون المستهلك هو في ذات الوقت السلعة المستهدفة لدى «حيتان» رجال الأعمال وكبرى الشركات.
لماذا حماية المستهلك مهمة؟ تعمل حماية المستهلك على جعل الأسواق تعمل لصالح كل من الشركات والمستهلكين. على الجهات المسؤولة ضرورة تفعيل قانون حماية المستهلك لضمان حصول المواطنين على سلع ذات جودة عالية وللحد من الممارسات الاستغلالية. فالحصول على سلع وخدمات بجودة عالية يعتبر أبسط حقوق المستهلك، لهذا أعتقد أن وجود قانون فاعل لحماية المستهلك يعتبر من القوانين الناظمة للسوق المحلية لضمان تحقيق التوازن بين جميع أطراف معادلة السوق المتمثلة في: الصانع، التاجر، المستهلك، بحيث لا يتعدى أي طرف على آخر.
يحتاج المستهلك الفلسطيني إلى أن يكون قادرا على الحصول على معلومات دقيقة وغير متحيزة حول المنتجات والخدمات التي يشتريها. وهذا يمكنه من اتخاذ أفضل الخيارات بناءً على اهتماماته ويمنعه من التعرض لسوء المعاملة أو التضليل من قبل الشركات. تساعد سياسات وقوانين ولوائح حماية المستهلك على زيادة رفاهية المستهلك من خلال ضمان إمكانية محاسبة الشركات.
من زاوية أخرى، ستكتسب الأعمال التجارية المعروفة بمعاملة المستهلكين بعدالة سمعة طيبة وتصبح مرغوبة بشكل أكبر. هذا يزيد من ربحيتها وقدرتها التنافسية ما سيؤدي أيضا إلى النمو الاقتصادي على المدى الطويل. وتضمن سياسات وقوانين ولوائح حماية المستهلك مراقبة الأعمال التجارية.
وتساهم حماية المستهلك في أسواق ديناميكية وفعالة في نمو الأعمال التجارية. يدفع طلب المستهلك إلى الابتكار والتنمية الاقتصادية حيث يتعين على الشركات الحفاظ على أسعار عادلة وجودة جيدة لمنتجاتها وخدماتها. بالتالي ترك عملية التسعير للأهواء والظروف سيؤدي إلى انخفاض حجم الطلب على السلع وتكبد المستهلكين تكاليف إضافية وفي النهاية ستكون الآثار سلبية على الجميع.
اسمحوا لي أن أهمس في أُذن كل مسؤول يتحمل المسؤولية مهما كان حجمها بأن عليه عدم السماح بالعبث بقوت المواطن أو المغالاة في أسعار السلع والمواد من قبل أي جهة كانت تلجأ إلى التكسب على حساب المواطن والاستغلال غير المبرر لآثار وتداعيات الأزمات.
أما المستهلك الفلسطيني فأدعوه وبصوت مرتفع إلى تغيير «ثقافة الاستهلاك السلبية» وإلى تنظيم أنفسهم كمستهلكين بصورة أفضل بحيث يؤثرون على أي رفع للأسعار، وتعزيز ثقافة المقاطعة المنظمة في السوق، وألا يقتصر الأمر على حالات فردية في ظل غياب حملات منظمة فاعلة بسبب غياب أي جهة تحمي المستهلك بشكل عملي وليس نظريا!