لا فــرق بـين أطــراف "الكوكتيل" الحكومي الإسرائيلي
مقالات

لا فــرق بـين أطــراف "الكوكتيل" الحكومي الإسرائيلي

بينما يخوض الشعب الفلسطيني معاركه ضد العدوان الإسرائيلي على الأرض والشجر والبشر، ولحماية المسجد الأقصى من المخطّطات التي تستهدف تقسيمه زمانياً ومكانياً، وتدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية يلوذ منصور عباس وقائمته «الموحدة»، بالصمت المريب.
طيلة شهر رمضان الكريم، كان المسجد الأقصى، ساحة معركة يتجند في الدفاع عنه كل الشعب الفلسطيني في الضفة وأراضي 1948، إلّا الطابور الخامس الذي يمثله منصور عباس وجماعته، وكأنهم ليسوا من الشعب الفلسطيني، ولا ينتمون إلى الإسلام الذي يحظى المسجد الأقصى بمكانة خاصة بالنسبة لمسلمي العالم.
لا يستطيع منصور عباس تقديم مطالعة أو تقرير يذكر من خلاله، أي إنجازات حققها حزبه لمن تذرّع بأنه من خلال مشاركته في حكومة المستوطنين، سيحقق لهم حياة أفضل.
بالعكس من ذلك تماماً، فهو منذ مشاركة جماعته في الحكومة لم يعترض على السياسات الإسرائيلية الإجرامية، لا بحق الفلسطينيين في القدس أو الضفة، ولا بحق الفلسطينيين في إسرائيل.
أكثر من ذلك فقد عبّر أكثر من مرّة عن استنكاره للعمليات التي يخوضها الفلسطينيون ضد الجيش ومستوطنيه، بل واعتبرهم إرهابيين.
إذا لم يكن لمنصور عباس وجماعته برنامج سياسي له علاقة بحقوق الفلسطينيين في تقرير المصير، وإذا لم يكن له أي إسهام في حماية المسجد الأقصى، كحد أدنى، أو لجم الاستيطان، وإذا فشل في تحسين الأحوال المعيشية لمواطني إسرائيل من الفلسطينيين فماذا لديه لكي يبرّر انضمامه واستمرار وجوده في حكومة هي الأكثر يمينية في إسرائيل؟
ألا يقدم منصور عباس نموذجاً للنفاق الديني والسياسي لفئة تدّعي التزامها بالشريعة الإسلامية، وخروجاً فظّاً وصارخاً ووقحاً على الكفاح الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال؟
بسرعة شديدة جاء رد منصور عباس على ما قاله رئيس حركة «حماس» في غزة يحيى السنوار.
رد منصور عباس كان من دون مضامين منطقية، حيث قال: «نحن لسنا مدينين للسنوار، ولا لأي أحد بشيء، نحن نفعل ما هو خير للمجتمع العربي وللشعب الفلسطيني».
ويعتقد منصور عباس أن حوار الشراكة سيعزز السلام بين الشعوب. ومرّة أخرى كان على عباس أن يقدم عرضاً لما حققه من خير للمجتمع العربي، وللشعب الفلسطيني، وكان عليه أن يدفع حكومته إن استطاع، لفتح مسار المفاوضات مع قيادة الشعب الفلسطيني من أجل تحقيق السلام.
رد عباس يشكل مبرّراً لمن ينتظرون تبريراً وغطاءً من المطبّعين العرب، حتى المطبّعون العرب يحرصون بين الحين والآخر، على تقديم تبريرات، بأنهم يدعمون الحقوق الفلسطينية وأن ما أقدموا عليه ينطوي على مصلحة للشعب الفلسطيني، أما عباس فلم يفعل ذلك.
حديث السنوار، كان يقدم براءة وطنية وإسلامية من جماعة منصور عباس الإسلاموية، ويستنكر مشاركة جماعته في دعم حكومة تقتحم الأقصى، واعتبر ذلك خيانة وطنية.
يعرف ويسمع منصور عباس، ما تحدّث به أكثر من مرّة شريكه في الحكومة وزير الجيش بيني غانتس، الذي لا يرى للفلسطينيين أكثر من كيان مع وجود المستوطنات، وبهيمنة أمنية إسرائيلية على الأراضي المحتلة العام 1967.
يعرف ويسمع منصور عباس عن مبادرة شريكه في الحكومة، الذي يتحدث عن كونفدرالية فلسطينية إسرائيلية مع استمرار وجود المستوطنات، ومن دون أي إشارة لحق العودة.
تبدو هذه المبادرات على أنها أفكار فردية، لا تستحق خلافاً داخل الائتلاف الحكومي، طالما أنها مجرد تصريحات إعلامية، تندرج في سياق تبرئة الذمم، إزاء رفض إسرائيل لأي مفاوضات أو عمل من أجل تحقيق السلام.
من يجرؤ في حكومة «الكوكتيل»، على الحديث عن مفاوضات على أساس رؤية الدولتين، طالما أن الهدف الجوهري لكل عضو في الائتلاف هو المحافظة على المصالح الذاتية والحزبية؟
ثم من بإمكانه أن يجد فوارق جوهرية ذات أبعاد سياسية بين اليمين المتطرف والوسط واليسار، طالما أن الكل يصمت عن الجرائم التي يرتكبها الجيش والشرطة والمستوطنون الذين لا يتوقفون عن اقتحام المسجد الأقصى.
في السياق ذاته، وفي محاولة مكشوفة لتبرئة الحكومة الإسرائيلية من مسببات التصعيد، والتوتر في الضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني، يلقي رئيس الحكومة باللائمة على «حفنة من المشاغبين» الفلسطينيين والمتطرفين اليهود.
هكذا يختصر بينيت المسألة وهكذا يحاول التهرب من رؤية الأسباب الحقيقية للصراع والتصعيد، فهو لا يعترف بأن دولته تمارس الاحتلال والقمع ضد الشعب الفلسطيني في الضفة التي لا يعتبرها أرضاً محتلة. وحتى تكتمل القصة المزيّفة، يتخذ «الشاباك» قراراً مدعوماً من الحكومة، بمنع بن غفير من الوصول إلى باب العامود، باعتبار أن ذلك يجرّ على إسرائيل تهديدات لأمنها القومي.
لن يمرّ على الشعب الفلسطيني تكتيك الاقتحامات الجزئية السريعة لمدن وقرى الضفة، وتخفيض التوتر في المسجد الأقصى، من دون وقف الاقتحامات، الأمر الذي يؤدي إلى تصاعد المقاومة بكافة أشكالها.
هذا التكتيك، أيضاً، لن ينجح في تحقيق الهدوء في غزة، التي توثق ارتباطها مع القدس وتحذر الاحتلال من الاستمرار في سياساته.
يتأخّر الوقت حين يدرك الاحتلال، بأنه لن ينعم بالراحة والاستقرار، يوماً واحداً من دون الإقرار الحقيقي والعملي بحقوق الشعب الفلسطيني، وإلى ذلك الحين فإن التصعيد والتوتر سيظل عنوان الصراع في هذه المرحلة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.