إستراتيجيات لتحقيق الممارسات الفضلى ومحاربة الفساد في عمل الهيئات المحلية
تعتبر الهيئات المحليه مكون أساسي في تحقيق التنميه المحليه وصولا للتنميه الشامله.كما وتلعب الهيئات المحليه دورا هامآ في تعزيزالعمليه التطويريه الشامله من خلال الخدمات التي تقدمها للمواطنين. لم يقتصر دور الهيئات المحليه على الدور الخدماتي بل تعدى ذالك الى الدور التنموي. هذا ومع إنتهاء الجوله الثانيه من الانتخابات المحليه وانتخاب مجالس بلديه 2022 فانني اتقدم بالتهنئه للمجالس المنتخبه كما وأرى لزامآ علي أن أضع بعض الاسترتيجيات والممارسات الفضلى في عمل الهيئات المحليه بما يفضي الى تعزيز النزاهه والشفافيه والحفاظ على المال العام من مخاطر الهدر والاختلاس والغش ومحاربه الفساد في عمل هذه الهيئات لما للنزاهه والشفافيه والالتزام بالقوانين والانظمه الماليه والاداريه المعمول بها في السلطه الوطنيه الفلسطينيه من دور فاعل في كسب ثقه المواطن واكتساب ثقه المانحين والوزاره ومؤسسات المجتمع المدني وبالتالي تعزيز سمعه البلديه كمؤسسه رائده وملتزمه في تقديم افضل وأجود الخدمات .
لأ شك أن بعض الهيئات المحليه الفلسطينيه حققت انجازات كبيره في تطبيق معاييرالحكم الرشيد في عملها الداخلي والخارجي بما يسهم في تقديم افضل الخدمات للمواطنين بينما أخفقت بعض الهيئات في محاربه الفساد والالتزام بدفع المستحقات الماليه المترتبه عليها من مستحقات مياه و كهرباء وتحقيق حتى أبسط مبادئ الحوكمه في عملها مما يعرقل عمليه التنميه خاصه في ظل الظروف الماليه الصعبه التي تمر بها السلطه الوطنيه الفلسطينيه. تحقيق الممارسات الفضلى في العمل يتطلب الوقت والجهد والاداره المتمثله في اللامركزيه في العمل من خلال اشراك العاملين و المواطنين والاستماع اليهم لا سيما وان البلديات تقوم بدور خدماتي.لا شك أن قياده بعض الهيئات المحليه الفلسطينيه أدركت قيمه الممارسات الفضلى كوسيله للنجاح مما يؤكد على الجاهزيه لتحمل المسؤؤليات العظام لدى هذه البلديات.
من خلال تحقيق الفاعليه والكفايه في عمل بعض الهيئات المحليه أثبتت هذه البلديات على أنها مؤسسات قادره وفاعله ويتمتع القائمون عليها بالقدره والكفاءه والشعور بالمهنيه والمسؤؤليه الوطنيه. كما وأخفقت بلديات اخرى في تطبيق اللامركزيه في العمل، ناهيك عن وجود تقصيرفي عمل وزاره الحكم المحلي والمتمثل في توعيه موظفي واعضاء الهيئات المحليه بأحكام القوانين والانظمه التي تنظم عمل الهيئات المحليه والتقصير في المتابعه واتخاذ الاجرأأت الاداريه والقانونيه اللازمه وإلزام الهيئات المحليه بتطبيق كافه أحكام نظام موظفي الهيئات المحليه رقم (1) لسنه 2009 وكذالك مواصله المتابعه لعمل الهيئات المحليه من قبل الجهات الرقابيه في الدوله وجهات الاختصاص في الحكومه وكذالك من قبل الاطراف ذات العلاقه .
المطلوب من الهيئات المحليه تحقيق الفاعليه والكفايه في العمل. تعرف ألفاعليه Effectiveness في علم الاداره بفعل الشئ الصحيح بينما تعرف الكفايهEfficiency بفعل الشئ بشكل صحيح .وبالتالي المطلوب سلامه القرارات اي عمل الشي الصحيح وبالتالي خفض التكاليف واستخدام أقل كم ممكن من الوقت والجهد والمال للحصول على المنفعه المطلوبه بمعنى “Doing The Right Thing Than Doing Things Right”
هذا و بحكم عملي وخبرتي الرقابيه في السلطه الوطنيه الفلسطينيه تم رصد العديد من المخالفات الماليه والأداريه في عمل بعض الهيئات المحليه والتنبيه إليها آنذاك مما تسبب في هدرألمال العام واللذي كان له أئر مباشر على خزينه وأموال ألهيئات المحليه و موظفيها ومواطنيها وعلى طبيعه ومستوى ألخدمات التي تقدمها.
قد يكون رئيس البلديه شخص كفؤ ومؤهل غير أنه يحقق أهداف ألبلديه بكلفه عاليه وبالتالي فان عدم كفايه المنظمه يؤثر سلبا على فاعليتها.كما وعلينا أن ندرك أن ما يمكن بلديه ما من تحقيق نتائج مميزه قد لا يمكن توفره أو تطبيقه في بلديه أخرى.
تشجيع بل تعزيزألممارسات الفضلى في عمل البلديات والهيئات المحليه مسؤوليه المجلس البلدي بل رئيس البلديه و المجلس تحديدا وكذالك مسؤوليه وزاره الحكم المحلي والتي يقع على عاتقها توفير التدريب الكافي و تعزيز و تحسين معايير الرقابه والمتابعه على عمل البلديات .
حينما نتحدث عن ألممارسات الفضلى في العمل فاننا نتحدث عن التغييرأولا و تحقيق عمل تعلمي تشاركي مما يحقق الفرص لبعض البلديات للاستفاده من خبره البلديات التي حققت انجازات في مجال الممارسات الفضلى والحكم الرشيد في ظروف متشابهه ألأمر الذي سيمكن من تعزيز الثقه بهذه البلديات مما يعزز من فرص التمويل والدعم لها. يقع الامر كذالك على المؤسسات ذات العلاقه مثل اتحاد البلديات ومنظمات المجتمع المدني حيث يقع عليها دور التمكين الاداري و ممارسه الرقابه والمساءله وفضح ألممارسات الفاسده. تعزيز الممارسات الفضلى في عمل الهيئات المحليه يتطلب طاقم تنفيذي مدرب ومؤهل قادرعلى تحمل المسؤؤليه ويتمتع بالكفايه والفاعليه والنزاهه والشفافيه في العمليات والاجراأت مما يتطلب من المجلس البلدي التوظيف السليم للكوادر البشريه بعيدا عن المحاباه والمحسوبيه مع توفير التدريب الكافي والملائم. كما وأرى من الصعب على المجلس البلدي تطبيق الممارسات الفضلى في العمل في ظل وجود طاقم تنفيذي فاسد. كما وأن البلديات الناجحه والملتزمه بمعايير الحوكمه والنزاهه والشفافيه قد تصبح مراكز مشاهده بل وتدريب للعاملين في البلديات الاخرى مما يعزز الشراكه و المسؤوليه الاجتماعيه ويحفز العاملين في البلديات الناجحه ليصبحوا سفراء للبلديات الاخرى .
تعزيز الممارسات الفضلى في العمل يتطلب ممارسه أساليب قياديه إداريه حديثه و سليمه تشمل اعطاء الصلاحيات للعاملين وتشجيع الابداع والتميزوالمبادرات الخلاقه لديهم وتعزيز الشعور لديهم بقيمه الاهداف وحجم المسؤؤليات. وعليه أرى ان إداره البلديات التي تطبق الممارسات الفضلى في العمل تمكن من جذب واستقطاب طاقم تنفيذي أفضل وقادر على تحمل المسؤوليه ويتواصل باستمرار مع متلقي الخدمه ويستمع الى أرائهم ومقترحاتهم لضمان ملاءمه تطبيق الخدمات كونهم متلقين لها.
كما وعلى قياده البلديه تطوير البلديه وتوفير بيئه عمل ملائمه ومعامله العاملين فيها على أنهم أهم مكون أساسي من مكونات البلديه بحيث يوفر لهم فرص الابداع والابتكاروالتميز مع تقويه شعورهم بحجم الاهداف والمسؤؤليات مع اعطائهم الصلاحيات الكافيه بعيدا عن المركزيه القاتله في عمل البلديات مما يحقق مصلحه ورغبات إداره البلديه والمجتمع على السواء عملا بالمقوله الاداريه " أداء الرئيس يقاس بأداء المرؤؤسين".
الممارسات الفضلى في الاداره تمكن من الاستجابه للتحديات التي تواجه المجتمع. لتحقيق ذالك يقع على قياده البلديه ايجاد بيئه عمل سليمه واتصالات سليمه ومناسبه وملائمه وخلق ثقافه التحسن المستمر في العمل من خلال تشجيع سياسه التطويروالتعلم المستمر مع التركيز على الحكم الرشيد والذي هو عكس الحكم السئ. وبالتالي كي تصبح البلديه مؤسسه فاعله يقع على عاتق رئيسها والمجلس البلدي البحث عن أفضل الممارسات في العمل بحيث يقدم المجلس البلدي افضل جوده خدمات من خلال عقد لقاأت مع المواطنين والمؤسسات للاستماع منهم حول احتياجاتهم وهمومهم وآليه تقديم وتطوير الخدمات. وعليه يقع على عاتق اداره البلديه تمكين العاملين واعطائهم الصلاحيات اللازمه والفرص للابداع والتطور في تلبيه احتياجات ورغبات المواطنين و تحميلهم المسؤوليات وبالتالي المحاسبه والمساءله.
كل هذا لا يمكن تحقيقه في ظل وجود إداره مركزيه لا تعطي العاملين الفرصه للتصرف هذا وتعتبر المركزيه من اهم المشاكل في عمل البلديات حيث تقتل عمليه الابداع وروح المبادأه والابتكارلدى العاملين. مشاركه العاملين واعطائهم الصلاحيات يجعل البلديه أقوى كون مهمه قياده البلديه معالجه المشاكل وايجاد الحلول الملائمه ولا يمكن تحقيق ذالك في ظل وجود طاقم تنفيذي مترهل أو فاسد . وبالتالي لكي تصبح البلديه فاعله يقع على عاتق رئيس البلديه والمجلس البلدي ما يلي :
- تقييم مستوى جوده الخدمات المقدمه للمواطنين ويتم ذالك من خلال المتابعه وعقد لقاءات دوريه مع المواطين والاطراف الاخرى ذات العلاقه.
- التشاور مع المواطنين والمؤسسات المحليه وعقد لقاءات دوريه ومنتظمه حول نوع وطبيعه الخدمات المطلوبه ضمن حدود البلديه.
- تحليل مدى كفايه أداء البلديه .
- التطلع الدائم والمستمر لتحسين أداء المجلس ألبلدي والتوفير والاستفاده من البرامج التدريبيه المتاحه.
- تحقيق وضمان السينرجي بين الاعضاء بمعنى 1+1= 3 من خلال الانسجام والعمل بروح الفريق.
- إستحداث و تفعيل دور وحدات الرقابه الداخليه بالتعاون مع ديوان الرقابه الماليه والاداريه.
- العمل بعقليه القطاع الخاص من خلال ايجاد المشاريع والاستثمارات بما يعود بالنفع والفائده على لبلديه وبالتالي تقديم خدمات أفضل للمواطنين.
- تحصيل الدعم للمشاريع من خلال تحسين عمليات الجبايه وحسن اداره المال العام .
- تشجيع السياحه والاهتمام بترميم المناطق الاثريه والتاريخيه والمتنزهات.وهذا يتطلب عمل البروشورات والبرامج الترويجيه بالتعاون مع وزاره السياحه والاثار والقطاع الخاص.
- الاهتمام بقطاع التعليم من خلال بناء المدارس بالتعاون مع المانحين وأبناء الجاليات وعمل الصيانه الدوريه اللازمه للمباني بالتعاون مع وزاره التربيه والتعليم ووزاره التعليم العالي.
هذا ولتشجيع ألهيئات المحليه على تطبيق الممارسات الفضلى وتعزيزمعاييرألحكم الرشيد في عمل الهيئات أقترح على وزاره الحكم المحلي تفعيل جائزه الهيئه المحليه الآفضل بحيث تكون سنويه وذالك من خلال تشكيل لجنه اشرافيه خاصه من أساتذه الجامعات والوزاره والمؤسسات الرسميه والاعلاميه والأهليه ذات العلاقه.
قياده البلديه الفاعله تلتزم بتقديم خدمات ذات جودةعاليه مع مشاركه نجاحات البلديه مع البلديات الاخرى. وعليه ارى ان الاداره الفاعله تسعى باستمرار لتقديم وتطويرالأداء وصولآ لأفضل النتائج من خلال الانفتاح والتعلم من البلديات الناجحه محليا ودوليآ حول كيفيه تحسين خدمات البلديه وتطويرها.
بالتأكيد تختلف البلديات عن بعضها من حيث حجمها وتصنيفها فيوجد بلديات مسؤوله عن مدن وبلديات ومجالس مسؤوله عن قرى وبالتالي نجاحات بلديه ما قد لا يمكن تحقيقها في بلديه اخرى. بعض البلديات ترفض التغيير وتبقي على نفس السياسات والاجراءآت لسنوات وقد تكمن الأسباب وراء رفض التغييرفي الخوف من الفشل أو حتى أسباب نفسيه. بينما تسعى إدارات بعض البلديات للتغيير والتطويرقناعه منها بأهميه التغيير. وبالتالي ألوعي والادراك هو البدايه للتطوير الذاتي والقدره على إداره التغيير في عمل البلديات.
تطبيق الممارسات الفضلى في الأداره من أهم التحديات التي تواجه البلديات لا سيما وان البلديات تختلف عن بعضها لاسباب تتعلق بمستوى الامكانيات والثقافه وتاريخ البلديات.غير أنني أرى ضروره الوعي بأهميه التغيير والتطوير والتحديث في عمل البلديات لاسيما في ظل الانفتاح والعولمه وتزايد حجم التوقعات من البلديات. من الامثله الناجحه والتي حصلت في مجال التطوير انشاء مراكز خدمات الجمهور والتي سهلت تقديم الخدمات للجمهور غير أن الثقافه المجتمعيه وثقافه حكم المكاتب السائده وللأسف لا زالت موجوده فقد تجد المواطن يتجنب مركز خدمات الجمهور ويتواصل مع المسؤؤلين منهم رئيس البلديه في أمربسيط قد لا يستغرق عمله دقائق في مركز خدمات الجمهور وقد يكون السبب الثقافه السائده والشعور بالاهميه والقيمه من خلال الوصول الى من هم في قمه الهرم.وعليه ارى ضروره إتخاذ اجراأت من قبل اداره البلديه لتعزيز وتفعيل دور مراكز خدمات الجمهور وتطوير أداء الطواقم الاداريه والتنفيذيه العاملين فيها.
تطبيق الممارسات الفضلى في عمل الهيئات المحليه يعني إداره التغيير وبالتالي أنصح إداره البلديات التفكير والعمل بالعقليه الربحيه في العمل من خلال تطوير مستوى الخدمات المقدمه واستحداث طرق وأساليب جديده في العمل وزياده ايرادات البلديه من خلال استحداث متنزهات ومدارس وايجاد مواقف سيارات بالاجره وحل مشاكل الاختناقات المروريه وتسميه الشوارع وترقيم المباني مثلا بالاضافه الى تطوير وترميم المناطق السياحيه والاثريه بحيث تصبح جاذبه للسياحه الداخليه والخارجيه والالتزام بالقوانين والانظمه المعمول بها في الدوله والاستفاده من تجارب البلديات الناجحه والتعاون مع القطاع الخاص وجهات الاختصاص كوزاره السياحه والاثار ووزاره البيئه والاحصاء وغيرها من الوزارات والمؤسسات في السلطه.
حينما نتحدث عن الممارسات الفضلى في العمل نتحدث عن تأثيرتطبيق تلك الممارسات على البلديه و نتحدث عن قيمه واهميه تلك الممارسات للبلديات الاخرى. وبالتالي عمليه تقييم الممارسات الفضلى تأخذ بالاعتبار عمليه التنفيذ والتطبيق للممارسات والمنطق وراء تلك الممارسات.
وفي النهايه لا بد من التأكيد على أن تطبيق الممارسات الفضلى في عمل البلديات والمجالس القرويه يتطلب الجهد و الاراده والوقت من المجلس البلدي والطاقم التنفيذي مما يتطلب التطوير في أداء البلديات مع الالتزام بالأخذ بالتوصيات التطويريه الماليه والاداريه والفنيه التي تصدر عن وزاره الحكم المحلي والاجهزه الرقابيه في السلطه. بالطبع هذا يحتم على قياده البلديه وضع خطه استراتيجيه للبلديه باشراك والتعاون مع المواطنين والمؤسسات ذات العلاقه من القطاع العام والخاص والأهلي ومؤسسات المجتمع المحلي والمدني عملا بنظريه إشراك المواطنين The Theory of Citizen Involvement بحيث تتضمن الخطه المراحل المتمثله باعداد وتطويرالرؤيه والرساله والتحليل البيئي الداخلي والخارجي للبلديه مع تحديد نقاط القوه والضعف والفرص والتهديدات التي تواجه البلديه و صياغه الاستراتيجيات الملائمه وتنفيذها والتقييم المستمر لعمليه التنفيذ واتخاذ الاجرآآت التصحيحيه آولآ بأول.