إنهم مسؤولون
بات مطلوبا من المواطن إيجاد حلول خلاقة لكافة مناحي حياته، وعليه ألا يكون ظلا ثقيلا على الحكومة وجهات الاختصاص!!!! رغم أن الحلول الخلاقة شأن الحكومة وأدوات الحكم على المستويات كافة.
الخطوة الأولى لأي مواطن حينما يشعر بتوعك صحي أن يذهب صوب عيادة خاصة أو مجمع طبي خاص ويفتح دفتر الحساب: الكشفية، التصوير بأشكاله، الفحوصات المخبرية، مراجعة، حاجة لفحوصات أكثر، ويدفع المواطن فاتورته وأمله بالله أن يكتب له الشفاء التام.
فجأة، يأتي التقرير الطبي للمريض بأنه مصاب بمرض عضال أو مرض بحاجة لعملية كبرى، فيتوجه صوب المستشفى الحكومي لينال جزءا من التغطية عبر التأمين الصحي كما يحدث في كل العالم، فأنت تدفع رسومك لحين حاجة وقد لا تحتاج فتصبح متكافلا مع الآخرين في التأمين الصحي، وهنا تبدأ الدوامة (ونصطدم في الحائط) وتبدأ المواعظ والحكم والحساب وقدرة التغطية، و»أنتم بتتدلعوا وبتزيدوها مش معقول اللي بصير»، ويصبح المريض عبئا على التأمين وكأنه لم يساهم بأغورة واحدة.
ويأتيك مواطن لإقناعك ألا سبيل إلا ما حصلت عليه ولا يمكن أن تنال أكثر من هذا، وفجأة تهاتف صديقا لك فيبلغك انه خضع لعملية جراحية، أمس، فتقرر زيارته في المشفى فتكتشف أنك بحاجة لتصريح لتتمكن من التوجه إلى حيث يرقد، فتحمل بطاقة تأمينك الصحي الحكومي وتكلمه، ما نفعك أيها التأمين اخبرهم اخبرهم.
وتزداد موجة الغلاء اشتعالا في البلد وتصبح لسان حال كل الناس ولا يجدون موضوعا آخر إلا الغلاء الذي بات يطال كل شيء حتى الذي لم يرتفع عالميا أو ارتفع بنسبة لا يجوز أن تؤثر على سعر المستهلك، وفجأة يخرج علينا خطاب رسمي من جهة حكومية محتواه يقول لنا، (يا مواطن، الأمر لدى أوكرانيا وروسيا وليس لدينا!!!) ويحلو الأمر ويتطور (أنتم لا تتابعون تعقيدات سلسلة التوريدات اللي كان يكلف 1000 دولار صار يكلف 4000 دولار هذا بس شحن!!!).
ويستمر الغلاء ويتصاعد ويستقر الدخل على تراجع، وتتراجع القدرة الشرائية وتتسع قاعدة المتحولين إلى الفقر وترتفع نسبة الاعتماد على الإعانات التي تراجعت أصلا، ولا حلول خلاقة إلا تحميل المسؤولية لجهات لا يعرفها المواطن.
ونذهب صوب مهرجانات تخريج رياض الأطفال التي تضع أولياء الأمور في حالة حيص بيص. فهم بين نارين: ضرورة المشاركة للحفاظ على نفسية الطفل وتحميل الأسرة أعباء مالية فوق أعبائهم لأنهم أصلا يضعون أطفالهم في الرياض ليس ترفا بل لأنهم يعملون، وبالتالي ملف التعليم والرسوم يجب أن يطرق ويعالج بطريقة مسؤولة وشمولية.
أتحفنا، امس، خطيب مسجدنا بالتعرض لموضوع النظافة وإماطة الأذى عن الطريق موضحا أهمية خطوة بلدية رام الله في إطلاق فعاليات يوم النظافة الوطني، وحث المصلين على المشاركة والاستمرار بالحفاظ على النظافة والتوعية بها كجزء من الإيمان.
لا بد من الانتباه لأهمية معالجة النفايات الصلبة والسائلة وتوفير مكب نفايات مركزي وتفعيل العمل بهذا الاتجاه، وهذا مكون من مكونات النظافة والوعي البيئي.
الحلول الخلاقة والتعمق بها ليست مسؤولية المواطن الذي يجب أن يكون شريكا في المعالجات من خلال تفويضه السلطة لمن انتخبهم، ولمن ما زالوا يديرون شأنه العام باسمه منذ آخر انتخابات عامة حدثت، ولا يجوز قلب المعادلة والحديث مع الناس: أيها المواطن قم بواجبك، ولا من عيار: أنت مسؤول عن الغلاء والنظافة والتعليم والعلاج، وأنتم عن ماذا مسؤولون إن شاء الله، ألستم مسؤولين عن هذا كله.