الجزء الأول.. صديقي الرئيس
الرئيس محمود عباس أكثر من يعرف انني حين استخدم كلمة صديقي، سواء في الحديث او الكتابة عنه، أكون بعيدا عن المجاملة.
وكذلك حين أدعو له بموفور الصحة والعافية، فهذا تأكيد لوصف حالتي كمواطن يهتم بالشأن العام في صلته برئيس مسؤول عن الشأن العام، بحيث الاختلاف في الرأي والموقف مهما اتسع وازداد، فينبغي إنسانيا وحضاريا واخلاقيا ان لا يفسد للود قضية.
كان لابد من هذه المقدمة للدخول الى معالجة يجري تجنبها من قبل كثيرين ان لم اقل الجميع، حول حالته في العموم، وما تردد عن مرض مفاجئ الم به على وجه الخصوص، ورغم ان شارعنا مكتظ بالهموم التي يفرض كل واحد منها جدلا مستفيضا حوله، الا ان ما سيطر وبصورة تكاد تكون مطلقة على الاهتمام والنقاش، ما تردد من اخبار حول الوضع الصحي للرئيس.
لم ينف بصورة يقينية ولم يتأكد كذلك، فالنفي المقنع ان يظهر الرئيس على الشاشات ليطمئن شعبه عن صحته وهذا هو أفضل وانفع نفي لكل ما يشاع.
حين يستبد الغموض تنطلق المخيلة الشعبية في تأليف الحكايات، بعضها يتم بصورة تلقائية وبعضها الاخر يبثه معنيون يعرفون بالضبط ماذا يريدون، وكيف يستثمرون الانفعالات الشعبية باتجاه تعميقها، وجعلها مثار تساؤلات تنتج قلقا يبلغ حد الرعب من مفاجآت الحاضر والمستقبل.
الجدل الذي سيطر على الحياة الفلسطينية حول هذا الامر، كشف امرا كان يجري الحديث عنه همسا او بتحفظ دون ان يعالج لا على صعيد التحليل ولا الإجراءات، وهو ماذا بعد؟
وما يجعل المتسائلين على حق ان الحكاية تهم حاضر ومستقبل الناس ومصالحهم وحتى حياتهم، خصوصا وان الفلسطينيين يتلقون الاف ساعات التخويف من جهات شتى، وبديهي ان يوجد كثيرون يصدقون ما يقال وينقلونه من بيت الى آخر، ذلك في غياب الرواية اليقينية حول ما يحدث، فنحن الأكثر تأثرا بالمنابر الهاجمة علينا من كل حدب وصوب، ولكل منبر اجندته ولكل اجندة اغراضها الخاصة بها، وفي حال غياب اعلام وطني موثوق وفعال، ووجود اعلامات متعددة تحمل عنوان الوطني، يتحول الشعب كله الى مجرد مستهلك لما يهبط عليه من مطر دعائي، في زمن تزاحم الفضائيات وتوالد الإلكترونيات التي تشكل القلق اكثر بكثير مما ترفع منسوب المعرفة والاستنارة.
الرئيس محمود عباس وقد دخل ما بعد العقد الثامن من عمره، يجسد حالة لا يصح معها نفي أي عارض صحي يتعرض له، أو نسبه الى مؤامرة، فالرجل انسان من دم ولحم وقدره مثل قدر شعبه ان يكون كل ما يتصل به ذو تأثير مباشر على حياة الناس في حاضرهم ومستقبلهم، فالأمر هنا ليس مجرد خبر سياسي يجري نفيه او تأكيده او حتى تجاهله، انه غير ذلك تماما وما يجري من نقاش شعبي الان حول هذا الامر يؤكد ذلك.
الشعب الفلسطيني ناضج بما يكفي ولديه جاهزية تلقائية بل ومناعة لتقبل التطورات مهما كانت، الا ان امرا واحدا يربكه ويؤذيه هو ان يفاجأ بأي امر يخصه والرئيس في حالتنا وواقعنا، هو شأن عام لا يصح الا ان يكون في غاية الوضوح، وسواء كان الرئيس في صحة جيدة وهذا ما يرجوه له كل اصدقاءه وانا منهم او كان في حالة أخرى، فناسه أولى من غيرهم بمعرفة الحقيقة.
اختم بما بدأت..
أتمنى لصديقي الرئيس موفور الصحة والعافية وأتمنى على من منحوا انفسهم حق معالجة الامر، ان يتجنبوا ان استطاعوا وضع الشعب تحت طائلة المفاجأة.
يتبع ... ما نحن بحاجة اليه.