سياسيو إسرائيل فريقٌ رياضي!
إن ساحة إسرائيل السياسية والحزبية هي لعبة سياسية رياضية، مصنوعة في إسرائيل فقط، تحظى بشعبية واسعة في العالم، لها فقهاؤها، ومحللوها، وقارئو طوالعها، هي ساحة رياضية مُغررِّة، تصيب متابعيها بالدهشة والإعجاب للوهلة الأولى، فهي في ظاهرها تبدو ديموقراطية، لأن اللاعبين يتراشقون بالتهم والسباب وحتى الاشتباك بالأيدي، بدون أن يتدخل (كوتش) الفريق، بل إنه ينظر إليهم بإعجاب، لأنهم حققوا مشاهدات حاشدة، تغذي الهدف، وهو القناعة بأن هذا الفريق ذا اللباس السياسي فريقٌ ديموقراطي، حتى وإن كان المتخاصمون عنصريين، ينكرون آدمية وبشرية كل من هو ليس على دينهم! مَن يواظب على مشاهدة فريق الأولمبياد السياسي في إسرائيل يُدمن المتابعة، يحفظ أسماء الفريق، وخطط كل فرقة منافسة، حتى أنَّ كثيرين صاروا يظنون أنهم صاروا (خبراء) في هذه الساحة!
قليلون هم مَن فكروا في استكناه خبايا هذا الفريق الرياضي السياسي، وعثروا على بعض الإجابات عن أسئلة كثيرة، أبرزها: لماذا لا يتأثر اقتصاد إسرائيل بالهزات الأرضية والبراكين الحزبية دائمة الفوران؟ ولماذا تظل قيمة عملة إسرائيل كما هي لا تتغير، بل تنتعش؟ وهذا نقيض الدول الأخرى، ففي الأزمات الحكومية تضطرب الأسواق، وتنهار العملات؟!
أما مخططو الفريق فهم يسخرون من كل المحللين والخبراء في كل ثورة بركان جديدة، يقولون: سنشغلكم طوال الوقت، سنبعدكم عن جوهر قضاياكم، بفريقنا الرياضي السياسي، فالحياة في إسرائيل تسير وفق المخطط المرسوم لها، لا تتأثر بالفريق الرياضي في إسرائيل، فهو فريقٌ عالمي نُسوِّق له في كل وسائل الإعلام العالمية، وندسُّ لكم في ثنايا أخبارنا أسرار حكوماتكم وخفايا زعمائكم، لنثير البلبلة بينكم، ونغذي الثورات، ونصرف انتباهكم عن جوهر قضاياكم! لن نسمح بتوقف الإثارة في فريقنا السياسي الرياضي، فعندما تغيب الإثارة تنتعش المطالب، وينشغل العالم بالاحتلال والاستيطان ومصادرة البيوت، لذا، فإننا ادَّخرنا لكم بعض المفاجآت، سنجعل الحزبين الكبيرين متعادلين في القوة، حتى تستمر الإثارة، وعندما تشعرون بأن فريقا قد أصبح منيعاً، سنكسر طرفاً من أطرافه لتجديد الإثارة والإدمان، وسندفع بعضهم إلى الانشقاق عن الفريق، وحين تهبط مستويات الاهتمام بالفريق سننظم أولمبياد الانتخابات الخامسة في إسرائيل، في أقل من أربع سنوات، وهو أولمبياد رياضي، ولعبة يانصيب، سنفكك فريق الأحزاب الرياضي، وندمج حزب «أبيض وأزرق» مع حزب بيتنا، ونضم بيني غانتس لغدعون ساعر، وسنرفع من مكانة إيليت شاكيد ونعطيها مفاتيح حزب جديد، حتى تظلوا في حالة ترقُّب وانتظار، وسنخرج لكم من (جِراب الحاوي) لاعبينَ جُدداً، مثل العسكري البارز، غادي إيزنكوت لتستمر حالة الإثارة!
أما عن مخططي ومديري ومدربي الفريق الرياضي السياسي في إسرائيل، فهم بالتأكيد يعيشون في الظل، ولا يُسمح بكشفهم، غير أن بعض اللقطات تفضح بعضهم، ومنها ما كتبه رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، إيهود أولمرت، حين كشف اسماً من أسماء مدربي الفريق، لأن هذا المدرب هو الذي أمر بسجن إيهود أولمرت، فسجن أولمرت تسعة شهور بتهمة الفساد عام 2012م!
قال أولمرت في مقال له في صحيفة «جروساليم بوست» كانون الثاني 2021 بعد أيام من وفاة شلدون أدلسون: «طلب، الملياردير الجمهوري شلدون أدلسون أن يقابلني في مكتبي عام 2007، عندما كنت رئيس وزراء، وقال لي: احذر، لا تتنازل عن أي قطعة أرض في المفاوضات مع الفلسطينيين، ثم ذهب إلى واشنطن، وقال لأحد السياسيين الأميركيين: يجب إقالة كوندليزا رايس، لأنها تكره إسرائيل، أما عن إيهود أولمرت؛ يجب التخلص منه، لأنه حاول مقايضة الأرض بالسلام!»
بعيداً عن نظرية المؤامرة، لا تنسوا أن تفتحوا ملف خليفة الملياردير الجمهوري الراحل، شلدون أدلسون، هذا المدرب (المايسترو) هو الجمهوري الأميركي اليهودي، رونالد لاودر، رئيس الوكالة اليهودية، يملك عدة قنوات إعلامية، وهو سفير سابق لأميركا في النمسا، ومستشار لمعظم الرؤساء الجمهوريين، وبَّخ هذا المدربُ اللاعبَ، نتنياهو، عام 2012 عندما قُبلت فلسطين في الأمم المتحدة، دولة مراقباً، اتَّهمَ نتنياهو بالتقصير في المجال الدبلوماسي، هذا المدرب ضمن طاقم تدريب الفريق، له طائرة خاصة تجوب كل مطارات العالم، يلتقي بمعظم رؤساء الدول والسياسيين، بلا حواجز أو برتوكولات، وهو أيضا ممن يقررون مصير الفريق!