ارتقت سعدية بيانات الشجب لا تكفي
باستشهاد الاسيرة سعدية فرج الله 68 عاما اكبر الاسيرات سنا وهي من بلدة اذنا غرب الخليل يصل عدد الشهداء الاسرى الى 230 شهيدا من بينهم بحسب ما وثقت مؤسسات الاسرى 73 نتيجة الاهمال الطبي المتعمد او بلغة اخرى سياسة الموت البطيء التي تنتهجها دولة الاحتلال بحق الاسيرات والاسرى في سجونها من بين اكثر من الف حالة مرضية منها ما يقارب 600 حالة مستعصية او تستوجب العلاج الطبي المتواصل بالحد الادنى ما لا يقل عن 24 منهم مصابون بالسرطان ناهيك عن الامراض المزمنة والاسرى الذين فقدوا اطرافهم بسبب الاصابة بالرصاص والامراض التي تفتك باجسادهم تماما مثلما تفعل جدران السجن باعمارهم وشبابهم في واقع اعتقالي لا يمت للانسانية بشيء ولا يمت لمقومات الحد الادنى من الحياة الادمية التي تكفلها كل المواثيق والاعراف الدولية للمعتقل والاسير .
ملف استشهاد فرج الله قوبل بعاصفة من بيانات الشجب والادانة والتنديد كما جرت العادة من الجهات المحلية والحقوقية فيما حملت جهات اخرى المسؤولية الكاملة لدولة الاحتلال عن هذه الجريمة هذا في اطار ردود الفعل الرسمية والفصائلية والمؤسساتية وهو امر مهم للغاية ولا يمكن التقليل منه في ايصال رسالة ومعاناة الاسرى الى كل المحافل الدولية لكن ايضا من الاهمية بموازاة ذلك وان يتبعه اتخاذ خطوات فعلية ملموسة لوقف هذه السياسة التي تمعن دولة الاحتلال في ممارستها - لانها لو كانت تدرك ان هناك موقفا جديا باتجاه المحاسبة والمساءلة فانها بألتاكيد ستعيد النظر في مجمل ما تمارسه بحق الاسيرات والاسرى، وتحديدا سياسة الاهمال الطبي حسنا فعلت العديد من المؤسسات والشخصيات بالادانة ولكن اما الان الاوان لفتح ملف جرائم الحرب لملف الاسرى الشهداء في سجون الاحتلال؟؟ وهل ننتظر سقوط شهيد او شهيدة في كل لحظة مع مواصلة الصمت حيال هذه العملية المتواصلة التي يجري تنفيذها بادوات واضحة في عملية متكاملة اعدادا وتنفيذا وغطاء قانونيا وقت الحاجة في دولة تمارس كل اشكال الارهاب دون حسيب او رقيب!! .
وما يستدعي الوقوف عنده باستشهاد فرج الله بعد ان فقدت وعيها في سجن الدامون حيث تقبع منذ العام 2021 وفق روايات رفيقاتها في الاسر هو عدم تقديم العلاج لها بالشكل اللازم الذي تقتضيه وتنص عليه القوانين الدولية ونقلها الى عيادة السجن ليعلن عن وفاتها في حين كان محامي الشهيدة قدم التماسا في وقت سابق بعد عرضها امام المحكمة لعرضها على طبيب بعد ارتفاع السكري والضغط حيث لوحظ تراجع ملحوظ على وضعها الصحي الامر الذي لم يحدث وهو ما يمثل قرارا مسبقا بالقتل العمد بعد المماطلة في عرض الاسيرة على طبيب مختص لمعاينتها ومتابعة وضعها الصحي وتقديم العلاج الطبي هذه الحالة اي استشهاد فرج الله تمثل مرة اخرى فرصة ومدخلا لتسليط الضوءعلى واقع الحياة الاعتقالية تحديدا للاسرى المرضى، واهمية العمل من اجل انقاذ حياتهم من خطر الموت في اية لحظة، ولم تعد المواقف وحدها حتى لو عبرت عن حالة السخط والاحساس بالغضب تكفي!! للاسف لان الوقت يمضي واي لحظة قد تحمل اخبارا جديدة عن ارتقاء المزيد من الشهداء كل يوم قد يحمل نذر موت جديد فاصبح الزمن كحبل المشنقة الذي يلتف حول اعناق الاسرى .
ومع صدور تقارير جديدة يومين او ثلاثة ايام قبل استشهاد فرج الله لمؤسسات الاسرى تتحدث بشكل واضح عن اكتشاف ستة حالات بين الاسرى مصابون بالسرطان منذ اب الماضي حتى شهر ايار الماضي اكثر هذه الحالات خطورة هو الاسير ناصر ابو حميد مع رفاقه اياد نظير عمر، محمود ابو وردة وهو معتقل اداري وموسى صوفان، وشادي غوادرة من بين 24 اسيرا مصابون بالسرطان، ومعظم الاسرى المصابون بالسرطان هم من سجون الجنوب النقب، وعسقلان، ونفحة، وايشيل ومنهم من مضى على اعتقاله اكثر من عشرين عاما مما يؤكد ان للاوضاع الاعتقالية التي يعيشونها التاثير الكبير والسبب الرئيس للاصابة، ومن بين القضايا التي باتت تستوجب العمل عليها على كل المستويات هو خضوع الاسرى للفحص الدوري ومن قبل لجنة طبية مختصة من الامم المتحدة ومؤسساتها بما فيها منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الدولية لما فيه من اهمية ليس فقد لاحساس الاسير بالاهتمام من المؤسسات الدولية، وانما ايضا لانقاذ حياتهم ووقف سياسات الاحتلال التي تقوم ادارات السجون بابلاغ الاسير باصابته بالسرطان بعد مضي وقت طويل وفي مراحل متقدمة من الاصابة ومن بين الشهداء الاسرى لحالات الاهمال الطبي سامي العمور، وحسين مسالمة، وايهاب الكيلاني ومن ضحايا ما يسمى (مشفى الرملة) الذي يتم احتجاز الحالات المرضية فيه في ظروف قاهرة الشهداء بسام السايح،وسامي ابو دياك، وكمال ابو وعر .
هذا الارتفاع غير المسبوق على حالات الاستشهاد خلال السنوات القليلة الماضية وربط ذلك بعدد الحلات الجديدة التي تنضم بشكل يومي تقريبا الى قائمة الاسرى المرضى تنذر بما هو اسوء، ويضع علامات سؤال هامة حول توجهات الجميع فلسطينيا ما العمل؟؟ المطلوب اليوم يتعدى بكثير اصدار بيانات الشجب والادانة وصولا لوضع برنامج وطني نضالي متكامل لحمل ملف الاسرى المرضى لكل الاروقة والمنابر الدولية لم يعد الانتظار ممكنا لا وقت للانتظار اصلا!! الوقت مثقل بهموم ووجع اهالي ودموع امهات ينتظرن الابناء احياء ولا يردن لهم ان يعودوا جثامين ان عادوا!! حيث تستمر دولة الاحتلال في احتجاز جثامين 104 شهداء في ثلاجات الموت والقهر في جريمة مركبة يعاقب فيها الاسير واهله بحرمانهم من دفن جثمانه وفق التعاليم الدينية وبما يليق بالكرامة الوطنية والانسانية للشهيد .
اليوم بات مطلوب ان يشكل هذا الملف حجر الزاوية في اي تحرك سياسي ودبلوماسي وان يحظى بالمزيد من الاهتمام من الجميع على كاقة المستويات الشعبية والرسمية والحقوقية وعلى المستوى الدولي من اجل انقاذ حياة الاسرى لا نريد لرقم 231 ان يكون في سجلاتنا وفي حضورنا بالامكان عمل الكثير ليس اقله ايفاد لجان طبية متخصصة للسجون، وباشراف دولي والسماح للاطباء بالوصول للاسيرات والاسرى لتلقي العلاج وفق القانون الدولي، وتغير ظروف احتجاز واعتقال الاسرى، وتقديم العلاج اللازم لهم بالوقت المناسب، والضغط على دولة الاحتلال من اجل اطلاق سراح اسرى لتلقي العلاج في مشافي مدنية او خارج البلاد، ومتابعة حالاتهم من طواقم طبية متخصصة ومهنية الا يكفي ما يعيشه الاسير من وجع وحرمان وبعد قسري عن اهله واطفاله بفعل الاعتقال ليجد نفسه في معاناة مزدوجة بين الظروف الاعتقالية غير الانسانية وبين انتظار الموت في كل لحظة!! هذا الواقع يجب ان لا يستمر علينا العمل قبل فوات الاوان! مطلوب اليوم حملات دولية مكثفة وواسعة ترتقي لمستوى المعاناة لا نريد الا اطلاق سراح الاسرى المرضى هذا السبيل الوحيد لعودتهم احياء وانقاذ حياتهم فورا، وهذا هو مقياس التحرك المقبل المطلوب وليس اقل من ذلك .