جو بايدن ليس توم كروز
مقالات

جو بايدن ليس توم كروز

خرم إبرة
خلال الأسبوع الماضي قرأت العديد من المقالات الفلسطينية والإسرائيلية والعالمية حول زيارة الرئيس الأميركي لمنطقتنا، وعلى رأس تلك المقالات ما نشرته صحيفة "The Washington Post" مساء السبت الموافق 9 تموز مقال رأي للرئيس جو بايدن، يستعرض فيه الأسباب الدافعة لزيارته للدولة التي سبق وأن وعد بجعلها "منبوذة" وتعهد بأن يجعل أميرها وولي عهدها محمد بن سلمان "يدفع الثمن غالياً" بدعوى انتهاكاته لحقوق الإنسان على حد ادعاءاته.

حالة التضخيم الإعلامية العالية على الرغم من تنوع الآراء على صعيد ما قرأته أو تابعته في كافة أشكال وسائل الإعلام المحلية والدولية جعلتني أتذكر سلسلة أفلام بعنوان المهمة المستحيلة (Mission: Impossible) بطولة الممثل الأميركي المشهور توم كروز الذي مثل دور العميل إيثان هانت.

ما بين جو بايدن وتوم كروز تكمن الإثارة والمتعة من منظور "هوليوود" ومن منظور سياسي "أميركا لا أصدقاء دائمين لها بل مصالح دائمة"، لهذا زيارة بايدن للمنطقة وتنقله ما بين العواصم المختلفة كما يقوم بها كروز في سلسلة أفلامه ليس هدفهما الحفاظ على المنطقة بدرجة أساسية وإنما الحفاظ على أن تستمر بلاده قوية وآمنة.

لكن جو بايدن ليس توم كروز، بايدن الفاشل في سياساته الداخلية وفق معظم المؤشرات والأرقام من استطلاعات الرأي وغيرها، يرغب في إضافة رقم قياسي جديد في سلسلة إخفاقاته في رسم سياساته الخارجية، والتي كان آخرها فشله في حشد حلفاء من غير دول حلف الناتو الأعضاء في مجموعة العشرين ضد روسيا في القمة التي عقدت مؤخراً في جزيرة بالي الإندونيسية. وفي مهمة أخرى، سبق لبايدن وان فشل في جمع حلفاء جدد ضد الصين في جولته الأخيرة في منطقة المحيطَين الهندي والهادي.

أما كروز فلديه شعبية ليس فقط في الولايات المتحدة الأميركية وإنما عالمية، وتتصاعد أسهمه مع كل مهمة مستحيلة يقوم بتنفيذها في جميع العواصم العالمية، حتى مهمته للعثور على عينات من فيروس جيني خطير لتدميرها قبل أن تتسبب في تدمير حياة ملايين البشر ينجح بها، وفي المقابل بايدن ليس فقط يفشل في مواجهة فيروس كورونا "كوفيد19" وإنما يعمل ضد مصالح الصين ويفشل أيضاً.

بايدن الآن يتوجه إلى السعودية كمهمة جديدة لتصحيح خطئه "نبذ المملكة" واعترافه بقدرة قادة السعودية في التأثير على مواقف أشقائهم قادة مجلس التعاون الخليجي الى جانب دول الإقليم، وأيضاً للحصول على براميل النفط له ولأوروبا بفعل سياساتهم الفاشلة في تركيع روسيا والحصول على طاقة قبل بدء فصل الشتاء.

وسيفشل بايدن في محاولاته لصناعة حلف عسكري شرق أوسطي على غرار حلف الناتو، بالنظر لتاريخ أميركا المُدمر في المنطقة، وكأن الوطن العربي لم يفقد من أبنائه الملايين بين قتيل وجريح وغريق ومهاجر ضمن السياسات المتتابعة من أداء كونداليزا رايس وهيلاري كلينتون...، وبقراءة سريعة للتاريخ  سنجد سهولة أن تلقي الولايات المتحدة حلفاءها من السفينة أو مروحية "هليكوبتر" عندما تشعر أنهم باتوا يشكلون عبئاً استراتيجياً على سياساتها.

بايدن لن يكون بطل هوليوود مثل كروز، ولن يكون بطل سلام وهو الذي وعد ناخبيه ذات يوم أن يكون رجل إطفاء للحرائق التي خلفها ترامب، نرى أن واشنطن تعمل بإصرار على مواجهة كل من روسيا والصين وإيران، وضد حقوق شعبنا الفلسطيني وأهمها حق تقرير المصير، فنجد هذا الموقف بوضوح قبل السفر لمنطقتنا بمقاله حينما يستخدم مصطلح "إسرائيل والضفة الغربية" وليس فلسطين ولا حتى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويزعم أن بلاده راعٍ نزيه لعملية السلام!!.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.