نحن نختنق بالفلتان الأمني كل يوم!
كتب رئيس التحرير: لم يبدأ الفلتان الأمني بإطلاق النار على الأستاذ الجامعي والقيادي الفلسطيني ناصر الدين الشاعر، فهو موجود منذ سنوات، بل مترسخ في الشارع وبات نمطاً وسلوكاً يومياً.
ما معنى استخدام السلاح في الأفراح والأتراح وتطبيق القانون باليد والقتل على خلفيات الثأر وغيرها، وإطلاق النار على المحلات التجارية والمنازل في محافظات عدة وحتى إطلاق النار على المقرات الأمنية؟ ما تعريف هذه الظواهر إن لم تكن فلتاناً أمنياً بحتاً؟!
من الغريب وغير المفهوم هذا الكم من الإدانات والتصريحات التي تقول إن السلطة لن تسمح بعودة الفلتان الأمني؟ أية عودة؟ هو لم يختفِ أصلاً حتى يعود؟ هل يعيش مطلقوا هذه التصريحات في نفس الأحياء التي نعيش فيها ونفس المدن التي نسكنها؟ ألا يسمعون صوت الرصاص شبه اليومي؟ ألم يروا بأعينهم هذا الكم من السلاح الذي يضاهي بل يتجاوز في حداثته الذي بيد أجهزة الأمن؟
الفلتان الأمني لا يقتصر على السلاح وحده، هناك فلتان السيارات المشطوبة والمسروقة، فلتان العادات الاجتماعية في تهجير أهالي المتهمين بالقتل، فلتان غياب القانون الرادع في كل مناحي الحياة، والفلتان القانوني في عدم ضبط السلاح غير الشرعي أو سلاح الزعرنة.
الكثيرون من قيادات وطنية وأكاديمية وثقافية وصحفية نبهوا وحذروا مراراً من الفلتان الأمني وظاهرة السلاح غير المنضبط، هذا السلاح الذي روّع وقتل وهدد الفلسطينيين دون أن يطلق رصاصة واحدة تجاه دورية إسرائيلية، لكن كل هذه التحذيرات والتنبيهات وإشارات الخطر لم تلقَ أذناً مصغية.
لم تكن جريمة إطلاق النار على الدكتور الشاعر حدثاً نادراً أو عابراً، بل هو استمرار للفلتان الأمني ولعصابات السلاح والبلطجة التي لم تجد من يردعها، بل إن شخصيات ثقيلة تقف وراء حماية وتمويل وتسليح هذه الفئات الضالة.
هذا الفلتان الذي بات يهدد كل عابر طريق لن تستطيع المنظومة الأمنية بشكلها الحالي مجابهتها، فالمطلوب خطة حقيقية وواقعية لاجتثاث هذه الظاهرة، ولو تطلّب الأمر سنوات، المطلوب قيادات أمنية واعية بما يحدث بالشارع وقادرة على إدارة أجهزتها، المطلوب تدخل مباشر من الرئيس محمود عباس لتشكيل لجنة أمنية تكون مسؤولة عن نزل سلاح الفلتان ومحاسبة حامليه ومن يقفوا وراءهم مهما كانوا، فالانتظار والتطنيش سيجر الشعب إلى مربع الانهيار الأمني الشامل.
نحتاج لقانون رادع، ولسلطة تنفيذية ذات هيبة، ولمؤسسات أمنية قوية تخدم الناس وتحافظ على أمنهم.
الفلتان لن يُجابه بالاستنكارات والبيانات الصحفية، الفلتان يحتاج لقبضة فولاذية لمسحه عن بكرة أبيه!