البلد.. والناس.. والقضية.. والمخرج
ما نعيشه الان يجسد بدقة حال بلدنا وناسنا وقضيتنا.
- محاولة قتل في وضح النهار استهدفت شخصية فلسطينية كانت تحتل موقع نائب رئيس الحكومة، لم تكن الأولى ونأمل ان تكون الأخيرة.
- اجتياحات إسرائيلية واسعة النطاق متنقلة من مكان لآخر، وآخرها اجتياح نابلس وقتل وجرح عدد من الفلسطينيين مع اعتقالات في أماكن متفرقة مع ما يجري بصورة دائمة في غزة من حصار وقصف.
- انسداد يكاد يكون مطلقا فيما دأبنا على وصفه بالافق السياسي.
- لجوء متكرر في الخطاب الى ذلك المصطلح عديم الفاعلية "المجتمع الدولي".
- وضع البلد الجامد المتجمد منذ اكثر من خمسة عشر سنة حيث سلطة في رام الله وأخرى في غزة وموت بفعل اليأس لجهود المصالحة ما يحول الانقسام عمليا وموضوعيا الى انفصال كامل.
هذا هو حال بلدنا ما يضع ناسنا في حالة دائمة من القلق والتوجس اذ لا شيء يسير ولو بالحد الأدنى من الإيجابية المطمئنة.
غير ان ما يضاعف الحالة المتردية والقلق الشعبي الناجم عنها، هو عدم رؤية جهد من جانب السلطة لمعالجة هذه الحالة اللهم الا اذا اعتبرنا مناشدة المجتمع الدولي هو اقصى المراد، ولو توقف الامر عند الجهد الذي لا يرى لقلنا قد يجري التفكير به لاحقا، الا ان ما يلاحظ هو عدم اعتراف من جانب اولي الامر بسلسلة المآزق التي تجتاح البلد والناس فلغة الجسد الباسمة دوما حتى في الجنازات وبيوت العزاء تشي بأن المبتسمين يرون ان البلد على ما يرام وما على الناس الا ان يشكروا الله الذي منحهم قيادة كهذه تملك قدرة مميزة على اصدار الأوامر للمجتمع الدولي كي يتدخل، كما تمتلك رغم هول ما يجري قدرة على الابتسام.
الملفت حقا هو ظاهرة تنطوي على غرابة، فالقضية قوية وفارضة حضورها على كل المحافل الصديقة والشقيقة وحتى المعادية، وحل هذه القضية يبتعد ليصل الى حدود الاستحالة، وهذا ما افصح عنه وبأشد العبارات وضوحا وصراحة الرئيس بايدن الذي جاملنا بزيارة قصيرة مع بعض دعم لمستشفياتنا ولوكالة غوث اللاجئين كما لو انها ابدية، ومعه حلفاؤه في إسرائيل الذين لا يرون ممكنا غير ما يصفونه بالحل الاقتصادي الذي هو مجرد تسهيلات سطحية لا تسمن ولا تغني من جوع.
وبين قوة القضية وابتعاد الحل تراوح طبقة سياسية فلسطينية في مكانها سعيدة بالقابها وبياناتها شاهرة سلاحا متكررا رفعته منذ سنوات ... "ان قرارات المركزي على الطاولة".
كثيرا ما يتوجه المواطن بسؤال يقول.. فهمنا التحليل ولم نفهم الحل.
التحليل لا يحتاج المواطن الى المزيد منه فهو يلمسه على جلده ليل نهار ويراه ويسمعه ويتفاعل معه في زمن لا تترك الفضائيات فيه شاردة ولا واردة دون ذكرها وتحليلها والتعليق عليها، ذلك يزيد من الحاح المواطن على سؤال ما الحل..
بداية لابد من الإشارة الى ان حل قضية شائكة يتداخل فيها الخارجي مع الداخلي وفيها احتلال وحصار واجتياحات متواترة وأدوات حكم وقرارات ضعيفة ان لم نقل عاجزة، الحل لا يأتي من خلال نصائح يقدمها كاتب رأي ولا من خلال قرارات تصدرها حكومة قابلة للخطأ والصواب ولا من خلال مراسيم تحل محل التشريعات والقوانين ولا من خلال مناشدة المجتمع الدولي واستنهاض العدالة والانصاف الذين يطرقان كل باب الا بابنا، ذلك لا يجدي خصوصا واننا جربناه بل نعيش فيه، ان الذي يجدي هو ان يتولى الامر داخليا وخارجيا نظام سياسي قوي ومتماسك يصنعه الشعب، فيه برلمان اختاره الشعب تنبثق عنه حكومة يختارها ممثلو الشعب الذين يملكون حقا دستوريا في وضع القوانين ومراقبة تنفيذها ومساءلة من لا يتقيد بها، من هنا تكون البداية ونقطة انطلاق المسار الصحيح فنحن شعب يحترم الشرعية ولا يقبل الخروج عنها بأي شكل من الاشكال غير ان الشرعية بحاجة ودائما الى ان تتجدد بالانتخاب وان لم يتسن ذلك بفعل معارضة العدو وحتى الصديق لحسابات خاصة بهم فمن خصائص الشعب الحي ان يفرض انتخاباته فرضا وبالتحدي، السنا نقاوم الاحتلال؟
ومثلما فرض الظلم العالمي علينا ان نكون استثناء في تطبيق العدالة بابسط قوانينها، فيجب ان لا نقبل لانفسنا ان نكون استثناءً في امر الانتخابات.