الحقيقة والرئيس في مواجهة فزاعة الهلوكوست ونفاق الغرب
مقالات

الحقيقة والرئيس في مواجهة فزاعة الهلوكوست ونفاق الغرب

قبل يومين وخلال زيارة الرئيس أبو مازن إلى ألمانيا ولقائه بالمستشار الألماني شولز وتأكيد الرئيس عباس على ضرورة حماية حل الدولتين واحترام القانون الدولي والقرارات الدولية ووصفه دولة إسرائيل باتباع نظام الفصل العنصري ولجرائم الاحتلال الإسرائيلي كشكل من إرهاب الدولة، الا ان شولز رفض وصف إسرائيل بدولة ابرتهايد وقال إن الوقت غير مناسب الآن للاعتراف بدولة فلسطين او رفع  مكانتها بالامم المتحدة الى دولة كاملة العضوية. 

لقد كان لأخ الرئيس أبو مازن يطرح الحقيقة الدامغة بوضوح لا يقبل التفسيرات المختلفة  بخصوص اكثر من ٥٠ مجزرة وجريمة شبهها بالهولوكست ضد شعبنا، وذلك ردا على سؤال لأحد الصحفين خلال المؤتمر الصحفي مع المستشار الألماني.

لقد كانت إجابة الرئيس تتفق والحقائق التاريخية عبر ٧٤ عاما بل وأكثر لوحشية العصابات الصهيونية وحكام دولة إسرائيل الفاشيين من ارتكابهم للمجازر وجرائم التطهير العرقي وحرق بعض الأطفال أحياء مثل الدوابشة وابو خضير، والتي ما زالت ترتكبها حتى يومنا هذا  كمجزرة الاطفال في غزة التي اعترف الاحتلال نفسه بتنفيذها دون ان يعتذر عنا، فلماذا كان على الرئيس وفق مطلب الصحفي الألماني بسؤاله أن يعتذر عن عملية ميونخ.

عبر التاريخ قدمت بعض حركات التحرر الوطني اعتذارها عن بعض الأعمال، لكن ذلك كان وفق التعامل بالمثل مع المستعمر الذي قدم اعتذارات عدة بعد توقيع اتفاقيات إنهاء الاستعمار عن جرائم قام بها ضد الشعوب.

لكن إسرائيل التي قامت كمشروع استعماري على حساب حقوق شعبنا الوطنية وارضه ترفض تقديم اي اعتذار عن جرائمها المرتكبة منذ النكبة حتى اليوم ، رغم ما نشروه هم مؤخرا من تفاصيل وحقائق عن تلك المجازر.
 
لقد تمتع الرئيس بجرأة الحق والوصف في مواجهة باطلهم وتزويرهم للحق ووقائع التاريخ ، فلم يكن من حاجة لمزيد من الايضاح، فمكانة الاخ الرئيس لا تخضع لاستفزازاتهم التحريضية، بل ومن غير المقبول أيضا بحكم مبادى المواثيق الدبلوماسية وحريات الرأي التي من المفترض العمل بها لدى الاوروبين وفق أسس نشؤ اتحادهم الأوروبي أن تفتح شرطتهم ملف تحقيقي بحق رئيس دولة على ما قدمه من حقائق وسرد للرواية الفلسطينة أمام روايتهم المتلاعب بها منهم دون ان ينكر جرائم التاريخ.

أن المستشار الالماني أولاف شولتز لا يعتقد أن إسرائيل ترتكب سياسات الفصل العنصري، فماذا عن قدومه ليرى حقيقة ما يعنيه أكثر من 60 قانونًا عنصريًا تُروج للتفوق اليهودي؟  ماذا عن الذهاب إلى مسافر يطّا ؟  وماذا عن الشيخ جراح والاغوار والقدس والمستوطنات والطرق الخاصة بهم.

ومنذ أيام يتسابق ممثلين الاتحاد الأوروبي بوريل وكوبر وغيرهم على إدانة أعمال المقاومة باشد العبارات، التي تمت ضد مستوطنين بمدينة القدس المحتلة وغيرها، والتي وصفوها بابشع ما وفرها لهم قاموسهم السياسي الذي يحمل كل معاني ازدواجية المعايير والتنكر لمواقفهم هم أنفسهم في زمن كفاح شعوبهم بمرحلة تحررهم من الإرهاب والوحش والاحتلال النازي، وفي التنكر لقيم المقاومة باشكالها المختلفة التي وفرتها لشعب مُضطَهد ومُحتَل كافة المواثيق الدولية كحق طبيعي ، كانوا هم انفسهم طرفا فيها بالتوقيع عليها.

في تصريحات هولاء المسؤلين الأوروبين الذين باتوا يساون بين الجلاد والضحية ويوفرون لدولة الاحتلال نوعا من "الشرعية الدولية" بتبرير ما سموه "بحقها بالدفاع عن نفسها "، قد كرروا مواقفهم بأهمية أمن إسرائيل الذي يشكل بالنسبة لهم اولوية قصوى كما قالوا، غير مدركين أو لا يريدون أن يدركوا عمدا وهو الأصح باعتقادي، أن أمن إسرائيل لا يتوفر من خلال ممارسة احتلال بشع وجرائم يومية ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مكتملة الاركان ضد الشعب الفلسطيني الذي يكافح من اجل الكرامة والحرية والسلام على أرضه ومع كل الشعوب، وحقيقة أن إسرائيل لا تدافع عن نفسها وانما عن استدمة احتلالها الاستعماري. 

ان ما يجري من مقاومة شعبية ضد المستوطنين وجنود الاحتلال بأرض ليست هي ارضهم هو رد طبيعي على إرهاب دولة الأحتلال المنظم والمستمر وعلى عمليات عصابات الاحتلال إلاسرائيلي بتنفيذ جرائم العدوان بالقتل الجماعي والاعدام من مسافة الصفر وقتل العشرات في غزة معظمهم من الاطفال، وبالاساس على استمرار جريمة الأحتلال الاستيطاني التهويدي منذ عقود طويلة الذي يشكل جوهر الإرهاب وعدم الاستقرار بالمنطقة.

هذا الغرب الذي مارس الاستعمار عبر تاريخه وهؤلاء الأوروبين لا يريدون النظر إلى واقع الأمور الحقيقية بعدالة ويصرون على عدم تحمل مسوؤلياتهم الاخلاقية والسياسية بل والتاريخية في انهاء هذا الاحتلال الاستعماري الذي لا يستهدف شعبنا الفلسطيني وحقه في تقرير المصير كمبداء سامي للشعوب فقط، وانما لميثاق هيئة الأمم والقانون الدولي وحتى لمبادئ نشؤ اتحداهم الأوروبي نفسه، كما يستهدف ايضا الأمن والسلم الدوليبن خاصة في منطقتنا.

 
كما ويبدوا انهم لا يريدون العمل الجاد من أجل الأمن والاستقرار الذي يتحقق فقط من خلال إنهاء هذا الاحتلال الإرهابي وتداعياته اليومية التي يجب أن تحظى باولوية ادانتهم وفرض عقوباتهم كما يفعلون بحق دول أخرى ، لكنه النفاق السياسي الذي تستوجبه مصالحهم في أتباع ما يسمى "بادارة الازمة"،  وتبعيتهم لسياسات الهيمنة الأمريكية، في وقت ترفض الشعوب الأوروبية واحزابها التقدمية الصديقة تلك السياسات والمواقف الرسمية الأوروبية التي تكاد أن تكون منحازة أن لم تكن بعد أمام تلك الوقائع.

أن تلك المواقف برأيي هي ما يعطي الحماية لحكام دولة إسرائيل ويشجعهم على المضي قدما في سياسة التمييز العنصري واستدامة الاحتلال وجرائمه.

 أن ألمانيا الحديثة التي ما زالت تشعر بعقدة الهولوكست التي لم ترتكب من النازيين بحق اليهود فقط وانما بحق كل الشعوب الأوروبية من غير اليهود. 
الهولوكست النازي وتلك الجرائم التي رفضها شعبنا وقيادتنا  لأننا ضحية مجازر وحرائق من جانب الحركة الصهيونية ولاننا نؤمن بالمبادئ الانسانية، الا ان إسرائيل والغرب لا يريدون لاحد سواهم أن يكون ضحية ظلم تاريخي، واليوم تريد الشرطة الألمانية فتح تحقيق ضد الرئيس أبو مازن بخصوص ما أدلى به من تصريحات، أن ذلك لا يتسم مع مبداء حسن العلاقات الثنائية ولا مع الأسس الدبلوماسية المعمول بها. 

إسرائيل والغرب منذ ايام يشنون هجوما متعمدا ضد الرئيس أبو مازن بسبب استخدامه كلمة هولوكست في وصف الجرائم الإسرائيلية ، ويتباكون على أطلال الهولوكست ويتنكرون لجرائم الحركة الصهيونية التي لم تَقِل بشاعة عن جرائم النازية التي نُدينها بالطبع، ويتناسون مسوؤلية الحركة الصهيونية بالتاَمر مع النازيين في تلك البشاعة التاريخية التي لم تستهدف فقراء اليهود فقط بهدف إجبار بقيتهم على الهجرة الاستيطانية إلى فلسطين وعملهم المشترك لعدم حل المسألة اليهودية في إطار المجتمعات الأوروبية، بل أيضا شعوب أوروبا كافة وحركات المقاومة فيها التي قاتلت ضد الوحش النازي ومنهم اليساريون الألمان.

وقبل يومين في ١٧ اَب احيا اليونانين ذاكرة احدى جرائم الهولوكست النازية والتي راح ضحيتها ٣١٦ يوناني ارثوذكسي في ليلة واحدة باحدى قرى اليونان من بين مجازر كثيرة أخرى ارتكبت هنالك وراح ضحيتها عشرات الآلاف من اليونانين.

كما أن ضحايا الهولوكست تضمنت روس والعديد من شعوب الاتحاد السوفيتي السابق وشعوب أوروبا الشرقية من غير اليهود الذين يريدون احتكار بقاؤهم كيهود ضحية وحيدة بالتاريخ تُذرف الدموع عليها تبني عليها دولة إسرائيل مصادر التعاطف معها حتى اليوم.

 إن مصطلح "الهولوكست" ليس احتكارا احاديا singularity او اختراعا لغويا يهوديا، أن أصل الكلمة يعود لكلمة يونانية قديمة "الهولوكوستوم "، وقد استخدمت مرارا بالتاريخ لوصف جرائم التطهير العرقي والمحارق وما زالت تستخدم في أحياء ذكرى بعضها كما ذكرت باليونان مثلا،  فما المانع من ان تُوصَف جرائم الصهيونية بها، وهي من المفترض انها لا تضيرُ أحداً وخاصة ألمانيا الحديثة التي تخلصت من النازية منذ زمن انكسارها . واذكر هنا بأن بعض الإسرائيلين أنفسهم ومن بينهم جنرالات حرب شبهوا جرائم الاحتلال باعمال النازية. 
 
ان ألمانيا لا تزال مؤيدا قويا لإفلات إسرائيل من العقاب، مما يؤدي إلى استمرار واقع الفصل العنصري الحالي وتوسيع الاستيطان الذي تحدث عنه الرئيس أبو مازن، وامتعض منه المستشار الألماني في اعتراضه على وصف إسرائيل بدولة الابرتهايد وفق تقارير كافة المنظمات الحقوقية بالعالم التي تؤكد ذلك.

لقد تعرضت شعوب أوروبا وتحديدا منها شعوب الاتحاد السوفيتي السابق أثناء الحرب العالمية الثانية للقهر والتعذيب بسبب جنون هتلر وفي افران الغاز مات الملايين منهم، وأستغل اليهود الحادثة وأدعوا كذباً أن جميع الموتى منهم وسموها الهولوكست وأصبحت واقعة الهولوكست مصدر تُرهب به اسرائيل  كل الشعوب والدول وتمارس ابتزاز العالم بها من خلال المال والدعاية وتنظيم الإحتجاجات والضغط على الدول، وقد حصلوا على التعويضات والدعم المادى بسببها .
وحتى الآن توجد قوانين ببعض الدول مثل فرنسا تعاقب كل من ينكر هذه الواقعة على اليهود، كما تجري محاولات اليوم لاقرار مثل تلك القوانين في دول أوروبية أخرى من خلال نشاط التحالف الدولي لذكرى الهولوكست الذي بادر الرئيس الأمريكي السابق ترامب لانشائه ووضع لوائحه العنصرية.

وقد اعلن المبعوث الأمريكي الخاص لمكافحة معاداة السامية بوقاحة : "إن ادعاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بأن إسرائيل ارتكبت "50 محرقة هو امر غير مقبول كما يمكن أن يكون لتشويه الهولوكست عواقب وخيمة ويؤجج معاداة السامية".  هكذا ببساطة ووقاحة كلام في شأن هذه الفزاعة التي يستخدمها الغرب الاستعماري الذي يرى في نفسه مخلص الحرية بالعالم عبر الحروب ومرتكب الجرائم بحقها شعوب الارض  . أن الحركة الصهيونية كحركة عنصرية تقف نفسها في خندق معاداة السامية. 

فأوروبا الرسمية لا تمارس أي نوع من الضغط على إسرائيل او اي محاولات لمحاسبتها بل وترفض ذلك  وتكرس التعاون معها في كافة المجالات ومن ضمنها العسكرية، تحت اعتبارات واهية من أهمها الشعور بعقدة الذنب من فزاعات الهولوكوست ومعاداة السامية واستمرار الارتهان للمواقف الأمريكية السياسية المنحازة وتأثير المال اليهودي الصهيوني،  في الوقت الذي تنتهج فيه دولة إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" ممارسات  ”إرهاب الدولة”  والهولوكست المستمر منذ 74 عاما بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل.  

حتى أن بعض دول الاتحاد الأوروبي أصبحت اليوم تتحدث بتراجع وخجل عن حل الدولتين ودون الإشارة إلى الحدود الجغرافية المرتبطة بذلك لعام67، ودون الإشارة في بعض الأحيان إلى القدس الشرقية كمدينة محتلة تمثل مكانة عاصمة دولتنا الفلسطينية.


كما أن العديد من الدول الأعضاء بالاتحاد الاوروبي أن لم يكن معظمها ورغم انها تصوت إلى جانب العديد من القرارات المؤيدة لفلسطين، اصبحت تساوي الضحية بالجلاد عبر العديد من مواقفها التي تُحملنا فيها جزء من مسوؤلية الاعمال" الاحادية الجانب"، وكأننا في صراع عسكري أو نزاع حول اراضي مع اسرائيل، متجاهلة احيانا اننا شعب يخضع للاحتلال الاستعماري كما كانت شعوبهم قد خضعت لذلك من جانب النازييين لفترة من الزمن ، فقاتلت شعوبهم من أجل تحررها وحق تقرير مصيرها انذاك.


وهذا جزء من مفهوم ممارسة سياسات النفاق و الكيل بمكيالين تجاه حقوق الشعوب بمقاومة اي احتلال وفق الشرائع الدولية، إضافة إلى ممارسة هذه السياسة وذاك النفاق عند مقاربة قضية شعبنا بشعوب أخرى أو حين فرض عقوبات على دول أخرى باستثناء إسرائيل.

 ان الحقيقة الواضحة هي أن الصهيونية كانت ولا تزال حركة معادية للسامية تتلاعب بالرواية الدينية اليهودية وتستغلها من أجل مصالحها الاستعمارية السياسية وتفترض باليهود شعباً دون وجه حق تاريخي أو قانوني، وان الحركة الصهيونية هي حركة عنصرية الامر الذي اشار له وزير خارجية روسيا   لافروف عند حديثه عن هتلر قبل عدة أشهر، كما وان هذه المقاربة أكدتها لاحقا عام ١٩٧٥ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أن يتم إلغائه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وبضغوط من الولايات المتحدة وحلفاؤها.


فإن الحركة الصهيونية ما زالت تعيش على استغلال دماء ضحايا الحرب العالمية الثانية وبالاخص اليهود منهم والى استمرار تقديم نفسها كضحية أمام العالم ، خاصة في ظل الازمات المتتابعة الداخلية التي تعيشها وتعصف بهويتها ، فإنها تصر على وجودها كدولة يهودية خالصة وفق قانون القومية العنصري الذي أقره الكنيست فيها قبل أعوام، وفي ظل مواجهة الانتقادات المتزايدة لها من منظمات حقوقية وجماهيرية ودولية وحتى يهودية حول العالم.

ان إسرائيل قد حسمت موقفها واكدت مكانتها الطبيعية مع الولايات المتحدة وقوى الاستعمار الغربي منذ ان أقيمت في محاولة للابقاء على النظام العالمي احادي القطب وفي معاداة حضارة وثقافة الشرق، قناعة منها في ان ذلك سيساهم في استدامة احتلالها الاستيطاني وتمييزها العنصري ويبقيها محمية مدللة. 

ان التاريخ لا يعود إلى الوراء، بل يتقدم ويتغير دون ثبات، والأمور والعلاقات الدولية لن تبقي كما كانت خاصة وأن العالم أصبح منخرطا في التحولات الجارية لتغير النظام العالمي الاحادي باتجاه تعددية الاقطاب، والذي سيشهد برأيي عدالة اكثر للشعوب المضطهدة وتثبيت مبداء حق تقرير المصير، وينهي مفاعيل الحرب العالمية الثانية ومن ضمنها فزاعة احتكار الهولوكست، وانحصار دور مجمعات الصناعات العسكرية والمالية تحديدا بالولايات المتحدة والتي ترسم سياسات العداء للشعوب وتعمل على إثارة النزاعات والحروب.

 فنحن لم نصنع الهولوكوست ولن تتوانى عن مطالبة الجميع بالاعتراف أن هناك منذ ٧٤ عاما هولوكست متدحرج يتسم بالتطهير العرقي  مستمر ضد الشعب الفلسطيني من خلال مجازر متعددة ومسح قرى عن وجه الأرض واغتيالات يومية، أن استمرار الاحتلال والاستيطان بحد ذاتهم هم جرائم مكتملة الأركان.

وفي هذا السياق كان لا بد لي من العودة هنا مرة أخرى لمقال سابق نشر هنا  لأهمية ما كتبه الأخ الرئيس محمود عباس في كتابه بعنوان "الحركة الصهيونية في أدبيات لينين "(زعيم ثورة أكتوبر الاشتراكية)، الذي صدرت طبعته الأولى عام1979 والثانية عام2011، حيث يقول في هذا الكتاب، "لقد رأى لينين أن استمرار استغلال القضية اليهودية   لمصلحة الاستعمار هو ما يحقق أهداف الحركة الصهيونية التي تعيش على هذه القضية وتحركها وتستفيد منها".


 ويتابع الكتاب في نصوصه: "إذا اتبع زعماء العالم حذو لينين في تقييمه ومعالجته للقضية اليهودية ، فما كانت قد تمددت الحركة الصهيونية، ولما كانت هناك دولة إسرائيل الاستعمارية، لأنه باختصار، فان لينين قد أعتَقد بأن اليهود لا يشكلون أمة وليس لديهم مكونات الأمة ويجب أن يعيشوا داخل المجتمعات التي كانوا موجودين فيها منذ مئات أو حتى آلاف السنين".


ويذكر الكتاب في اجزاءه  الأخيرة، "لم يقبل لينين بمبداء الفصل بين الاستعمار والإمبريالية من جهة والحركة الصهيونية من جهة اخرى".

 من الملاحظ اليوم  أن الغرب ألاوروبي لا يزال يعيش في ظل عقدة خوف نتيجة ما تم بحق اليهود من كراهية بأوروبا ما قبل الحرب العالمي الثانيةوخلالها، وهم يخشون فكرة الحركة الصهيونية التي زرعتها في أذهان الكثيرين منهم، والتي تساوي بين انتقاد سياسات إسرائيل ومعاداة السامية. حيث يتحالف العديد من الأوروبيين على هذا الأساس، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى أيديولوجية اليمين المتطرف واليمين الشعبوي ، مع نهج الحركة الصهيونية العالمية، ويستمرون في لعب الدور المطلوب منهم لأنهم رفضوا حل القضية اليهودية في اطار المجتمعات الأوروبية خلال الحرب العالمية الثانية وحتى ما قبل ذلك وحتى يومنا هذا، ولذلك لا نشعر بمواقف حاسمة حتى من الدول الاوروبية من أجل إنهاء الاحتلال اولا، في ظل نوع من التبعية لسياسات الدولة العميقة بالولايات المتحدة المعادية لحقوق الشعوب.

لقد ضحت الحركة الصهيونية العالمية بإعداد كبيرة  من اليهود في جرائم الحرب العالمية الثانية بالتعاون مع النازيين انذاك الذين سهلوا هجرة اليهود الي فلسطين وفق اتفاقية "هافارا" مقابل المال ومحاولة تفريغ أوروبا من اليهود الذين ضاق منهم الأوروبيين لسيطرتهم على مفاصل المال هنالك انذاك.

 في أعقاب الهولوكوست، الذي استغلته الحركة الصهيونية واحتكرت استخداماتها اللغوية زورا، والذي لم تستهدف اليهود وحدهم من قبل النازيين بل العديد من الشعوب الأوروبية وذوي الامراض والاعاقات والجوعى، وهو أمر بغيض بالكامل يندرج في إطار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فقد تجاهلت الحكومات الأوروبية وكذلك الولايات المتحدة المناشدات المختلفة لمعاملة إعادة توطين اليهود المشردين كواجب والتزام العالم بأسره ورفض تخفيف القيود المفروضة على الهجرة، مما أجبر معظم اليهود الاوروبين على السعي لبناء حياة استعمارية جديدة في فلسطين في إطار تنفيذ اتفاقيات ومؤامرات مختلفة بين الحركة الصهيونية والمانيا النازية في استغلال اليهود في تنفيذ المشروع الاستعماري الصهيوني على حساب السكان الأصليين الفلسطينين ووجودنا على ارضنا وعلى حساب مستقبل اتباع الديانة اليهودية أنفسهم، على الرغم من أن الكثير من اليهود كانوا يفضلون الاستقرار في مكان آخر أو في بلدانهم الأوروبية الأصلية، وما زال العديد منهم يقفون في معارضة فكر الحركة الصهيونية وممارسات الاحتلال والابرتهايد ويرفضون مساواة معاداة الصهيونية بمعادة السامية، تلك النظرية التي تحاول الحركة الصهيونية فرضها وممارسة الابتزاز على أساسها بعلاقاتها مع الغير وقامت بإنشاء التحالف الدولي بخصوصها.

حتى يومنا هذا، نلاحظ أن الغرب الأوروبي لا يزال يعيش في ظل عقدة خوف من ما رسخته الحركة الصهيونية التي تمتلك مفاصل مالية عديدة في أوروبا، في أذهان العديد من الأوروبيين، والتي تساوي انتقاد سياسات إسرائيل بمعاداة السامية وتجريم اتهام الصهيونية بالعنصرية.

  إن العديد من الأوروبيين والذين يخوضون حربا بتعليمات السياسة الأمريكية وتحالف الناتو من أجل تحطيم القوة الروسية الصاعدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في وجه هيمنة احادية القطب الأمريكية بالتعاون مع الناتو، ولا سيما أولئك الذين يقدمون الدعم إلى زيلينسكي اليهودي الصهيوني النازي، ينتمون إلى أيديولوجية اليمين المتطرف واليمين الشعبوي والمتحالفون مع نهج الحركة الصهيونية العالمية والمحافظين الجدد والإنجيليين بالولايات المتحدة، يستمرون في لعب الدور المطلوب منهم استمرارا لرفضهم حل المسألة اليهودية في إطار المجتمعات الأوروبية التي ابتدأت خلال الحرب العالمية الثانية أو حتى قبل ذلك، ولذلك نرى أن الغرب الأوروبي لا يشجع عودة إعداد من اليهود لديارهم الأوروبية، وهو عاجز عن التقدم بمبادرات جادة لانهاء الاحتلال والظلم التاريخي الواقع على شعبنا الفلسطيني منذ اكثر من سبعة عقود من الزمن، وهو أيضا يقف في تناقض مع اسس نشؤ الاتحاد الأوروبي التي تدعو إلى حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات، حتى أن كثير من قادة الغرب الأوروبي ما زالوا يصفون دولة الاحتلال بواحة الديمقراطية بالشرق الأوسط ويتشاركون معها في اتفاقيات مختلفة، ويرفضون فرض إجراءات عقابية بحقها.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.