الجامعة والجبل نموذجاً
برة
حتى لا أكرر مقالات سابقة حذرت بها أكثر من مرة أن حل حقن التخدير ليس علاجاً للأزمة وإنما يعني ترحيلها، ما يجعل الأمور تزداد سوءاً، وأيضاً الواقع الحالي بحاجة الى الاستماع للشارع الذي يطالب بالتغيير بكافة المواقع، وخصوصاً هؤلاء الذين أصبح استمرارهم يضر بالنسيج المجتمعي والسلم الأهلي والمهني ليكون المواطن هو الضحية التي تضررت أكثر من مرة.
ما تعيشه جامعتي التي أنتمي لها وبفخر جامعة الشهداء جامعة بيرزيت من سلسلة أزمات وصلت لما وصلت إليه الآن لهو أمر متوقع كتبت عنه أكثر من مقال، ما يحدث الآن في هذه الجامعة هو عيّنة من جينات واقع كل الجسد الفلسطيني؛ الذي أصبح لا يستقبل ويتعاطى مع التخدير الموضعي وحتى العام، ما جعلنا بحاجة الى جراحة فوراً قبل أن نخسر الروح.
مدينة نابلسجبل النار دمشق الصغرى_عش العلماء، المدينة التي فاضت لنا برجالها ونسائها وعطائهم: أحمد طوقان، سليمان النابلسي، الشيخ عبدالحميد السائح، روحي الخماش، فدوى وإبراهيم طوقان، حكمت المصري، طاهر المصري، بسام الشكعة، ثريا ملحس، مريم هاشم، عوني عبدالهادي، ظافر المصري، تاريخ وحاضر نقف له احتراماً وتعظيم سلام، أضاءت لنا هذه المدينة بأحداثها الأخيرة الضوء الأحمر بشكل يجعل من صانع القرار عدم المرور مرور الكرام وكأن شيئاً لم يكن.
ليس ما حدث في نابلس هو خاص بها، إنما ينطبق على جميع المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وبنسب متفاوته، بالتالي هناك عدد من الأسئلة التي تطرح نفسها على صانع القرار: هل تم أخذ الدروس والعبر؟ هل استمعتم لنبض الشارع بعيداً عمن يريد إشعال الوطن لأجنداته الخاصة؟ متى ستتم الجراحة والعلاج في نابلس وكل الوطن دون حُقن الكورتيزون قبل أن نفقد ما تبقى من الجسد والروح؟!
ما بين جامعة الشهداء وجبل النار قصة وطن بحاجة الى أبنائه المخلصين الذين لا ترتعش أيديهم وهي تحمل مقبض المشرط للجراحة الفورية مهما كان الثمن، فمصلحة الوطن والمواطن أهم من أي منصب، السلم الأهلي والمجتمعي والمهني الوظيفي يتطلب لياقة في الفعل المبني على الانتماء والأخلاق وسرعة الأداء.
الحل لا يكمن في فنجان قهوة وصورة على "الفيسبوك" والسلام ختام!! يتطلب الأمر تغييراً في الأدوات والمناصب والفكر، ووضع خطة ملموسة لمواجهة مُعاناة المواطنين، المواطن أصابته التُخمة من الوعودات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والتصريحات الفضفاضة التي تضرب عصب ثقة المواطن بالمؤسسة. إهدار الوقت دون علاج جدي سريع مدروس سيجعل الأمور تشتعل أكثر وأكثر، وهذا ما لا يتمناه أي فلسطيني قلبه على الوطن، فالجامعة والجبل نموذج لانفجار أخشى وقوعه...!!!