أكرر دعوة لابيد للعالم .. تفضلوا بزيارتنا!
خرج لابيد بخطاب سياسي على منصة الجمعية العامة، خاطب قلوب العالم قبل عقولها، وطلب من الجميع الحضور وزيارة المنطقة ليروا السلام والليبرالية والتقدم والديمقراطية واندماج العرب الفلسطينيين في إسرائيل بأم أعينهم.
تواصله استراتيجي بالدرجة الاولى؛ حدد الجمهور والرسائل واللغة!
خاطب مشاعر العالم وحدثهم عن أبيه وجده وعن ابنته الطفلة ذات "التوحد" من الاحتياجات الخاصة اللي يحملها الساعة ٣:٠٠ فجراً ويركض بها إلى الملجأ ليحميها من صواريخ فلسطينية !!
ردود الفعل الدولية ايجابية جداً بعد خطابه حيث أقنعهم بإيمانه بحل الدولتين، هنا، سأكرر دعوة لابيد للعالم لزيارة أرض الواقع والتعرف على الحقيقة بأعينهم.
أشد على أيدي الجميع لزيارة المنطقة، العرب قبل الأجانب، لتتعرفوا على حقيقة 30 عامًا من رؤية حل الدولتين منذ بدء عملية السلام، تفضلوا لتشهدوا كيف تجذر العنف والتدهور وقُتلت الآمال والأحلام بسبب المشروع الاستعماري الكولونيالي الاستيطاني المستمر. تفضلوا لتتعرفوا على الحقائق منذ توقيع أوسلو، تزايد تبعية الفلسطينيين لإسرائيل. (5.1 مليار دولار من إسرائيل ، 750 مليون دولار لإسرائيل) 85٪ صادرات إلى إسرائيل. أكثر من 130 ألف عامل فلسطيني يعبرون الحواجز بطرق غير انسانية الساعة 4:00 صباحاً ليبنوا في المستوطنات غير القانونية ؛ 21 ديسمبر 2017 ، نص قرار مجلس الأمن رقم 2334 بوضوح على أن المستوطنات تعرقل إمكانية حل الدولتين. منذ بدء عملية السلام، تضاعف عدد المستوطنين ثلاث مرات ليصل إلى 750 ألف مستوطن في أكثر من 432 مستوطنة وبؤرة استيطانية أقيمت على أراضي الضفة الغربية الفلسطينية. في أيار 2018، صدر أمر عسكري جديد رقم 1797 يسمح بهدم أي مبنى فلسطيني في المنطقة "ج" خلال 96 ساعة!
تفضلوا بزيارة الأرض المقدسة لتشهدوا على الاحتلال، 74 عامًا من الجرائم الإسرائيلية، ونكبة ثانية على شكل أوامر عسكرية من تهجير قسري في الخان الأحمر، في الشيخ جراح وبيتا، في مسافر يطا، ومصادرة الأراضي لأغراض التوسع الاستعماري، وعمليات الإعدام والقتل خارج نطاق القضاء التي تستهدف كل فلسطيني، شيرين أبو عاقلة، أبسط وأعدل مثال. تفضلوا لتتعرفوا على ممارسات إسرائيل ضد المنظمات الفلسطينية البارزة في مجال حقوق الإنسان والمجتمع المدني، كيف تنعت دولة الاحتلال هذه المنظمات بالإرهاب لمجرد توثيقها لانتهاكات حقوق الانسان الاسرائيلية.
تفضلوا لتشاهدوا جدار الفصل العنصري بأعينكم، كيف عزل المجتمعات الفلسطينية لصالح مصادرة الارض وبناء المزيد من المستوطنين، كيف قضى على نوعية الحياة الفلسطينية، كيف يعيق كل هذا أي جدية أو إمكانية لإقامة دولة فلسطينية.
تفضلوا لزيارة سجن قطاع غزة، نعم انسحبت إسرائيل من غزة كما روى لابيد وتم إعادة نشر 9000 مستوطن إسرائيلي، لكن غزة بقيت تحت السيطرة الكاملة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي. لم يكن الهدف من فك الارتباط عن غزة منح غزة الحرية، كما أوضح مساعد أرييل شارون، دوف فايسجلاس، "فك الارتباط هو في الواقع الفورمالديهايد" فهو يوفر ما يلزم حتى لا تكون هناك عملية سياسية مع فلسطينيين"، بحجة وجود ورقة التين "حماس"!
تفضلوا بزيارتنا لتتعرفوا على قانون الدولة القومية اليهودية لعام 2018، الذي حدد بوضوح الحقوق في دولة إسرائيل لليهود، وأهمل حقوق 2 مليون من السكان العرب من المسلمين والمسيحيين.
تفضلوا بزيارتنا لتتعرفوا على حوالي 5000 أسير، بينهم 723 معتقلين إدارياً دون محاكمة، و110 جثث شهداء محتجزة في ثلاجات إسرائيلية، في حين أن عائلاتهم محرومة من حق إنساني أساسي في عملية دفن كريمة.
تعرفوا على جرائم الفصل العنصري الموثقة في تقرير هيومن رايتس ووتش وتقرير بتسيلم 2021. زوروا لتجربوا إجراءات دخول الأجانب العنصرية الجديدة كما أخرجت COGAT في سبتمبر 2022!.
لابيد وهو يتحدث على منبر الجمعية العامة في الأمم المتحدة، يذكرنا بحل الدولتين، يذكرنا أن القدس هي قضية الوضع النهائي ويجب الاتفاق عليها من قبل الطرفين- كما هو متفق عليه في إعلان المبادئ عام 1995. يذكرنا أن الاعتراف بالقدس كعاصمة يهودية لإسرائيل غير قانوني وأحادي الجانب وينتهك القانون الدولي واتفاقيات جنيف الرابعة، المادتين 49 و 146 على وجه التحديد، والتي تعتبر جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي وتتعارض مع اتفاقيات السلام، وخاصة الفقرة 7 من المادة 31 من اتفاقيات أوسلو لعام 1995. كما يذكرنا لابيد أن قرار ترامب يخالف قرارات مجلس الأمن الدولي التي تضمن حق الفلسطينيين في أراضي عام 1967 والقدس الشرقية: 242 ، 253 ، 267 ، 298 ، 476 ، 478 ، 2334.
يجب على أصدقاء إسرائيل وأولئك الذين يحرصون على المستقبل الاستراتيجي لدولة إسرائيل أن يزوروا الأرض ويتعرفوا على كل هذه الحقائق ثم يرفضوا السياسات والممارسات العنصرية التي تواصل فضح حقيقة إسرائيل العنصرية.
من المتوقع بعد زيارة المنطقة أن تستند الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة التي تلزم الدول الأعضاء بالامتثال لجميع قرارات مجلس الأمن، لدى الفلسطينيين أكثر من 800 قرار من الجمعية العامة وأكثر من 100 قرار من مجلس الأمن أولها 181، مروراً بـ194 وآخرها 2334.
يذكرنا لابيد أن عملية السلام بدأت بفكرة لتحقيق السلام بفترة انتقالية قصيرة الأمد على أساس حل الدولتين، يجب أن يدرك صناع القرار وأولهم لابيد أن المفاوضات هي أداة، وليست غاية، وهذه حقيقة يجب على جميع الأطراف الاعتراف بها. لا ينبغي أن تكون عملية السلام في الشرق الأوسط أو عبارة (حل الدولتين) مسألة كيفية إعادة الأطراف الأساسية إلى طاولة المفاوضات بل صياغة حل قائم على الإجماع الدولي المتفق عليه بالفعل فيما يتعلق بقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي.
لابيد قدم خطابا سياسيا عاطفيا للعالم، من الهولوكوست الى إيران، تبنى أسلوبا روائيا قصصيا ليجذب انتباه الجمهور وليقنعهم بجدية إسرائيل في إقامة السلام على أساس حل الدولتين، جَيَّشَ الدعم الدولي وأظهر إسرائيل بأبهى صورها بدقائق من منصة الجمعية العامة على الرغم أن ذلك ربما لن يساعده في الانتخابات المقبلة.
ليتذكر الجميع أن حل الدولتين كان موقف المجتمع الدولي، وأكبر تنازل قدمته منظمة التحرير الفلسطينية من أجل السلام في المنطقة.
بعد مرور ثلاثين عامًا على أوسلو، أليس من الحكمة للمجتمع الدولي الذي لا يزال يدعو إلى حل الدولتين الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟
أكرر دعوة لابيد للعالم، تفضلوا بزيارتنا والتعرف على الحقيقة!
- دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.