المبادئ والمصالح التي يخدمها انعقاد مجلس الشراكة الأوروبي الإسرائيلي
مقالات

المبادئ والمصالح التي يخدمها انعقاد مجلس الشراكة الأوروبي الإسرائيلي

لقد خضع يائير لابيد لمطالبات المستوطنين بعدم حضوره امس الاثنين اجتماع مجلس الشراكة الأوروبي الإسرائيلي الذي انعقد في بروكسل والذي كان من المتوقع أن يصل اليها للقاء وزراء خارجية جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 28 دولة ، لعقد اجتماع بين اسرائيل والاتحاد الأوروبي ، والمعروف باسم "مجلس الشراكة"، حيث مثل دولة الاحتلال في هذا اللقاء ما يسمى بوزير المخابرات الإسرائيلية شتيرن ، الأمر الذي عكس رؤية إسرائيل لهذا اللقاء وتحديد مسار الشراكة بانتداب المسوؤل الأمني الأول فيها  ، كما وعبر عن تحدي واستهتار دبلوماسي وقح بعدم مشاركة رئيس الوزراء نفسه على أثر تحفظات الاتحاد الأوروبي بشأن توقيع الاتفاقية الثقافية وموضوع المستوطنات منها . 

وقد انعقد اجتماع المجلس امس في ظل تزايد اعمال القتل اليومي والاقتحامات اليومية وكل ما يجري من استمرار لجرائم ترتكب من دولة الاحتلال ومن انتهاكات لكافة المواثيق الدولية والقانون الدولي ، وفي ظل تسارع وتيرة الاستيطان الكولنيالي بقرارات من حكومة الاحتلال نفسها .

ان مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل هو أعلى هيئة على المستوى الوزاري تناقش العلاقات الثنائية فيه، حيث لم يجتمع هذا المجلس منذ عام 2012 بسبب الخلافات الأوروبية حول قضية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ، وتحفظات عدد من دول الاتحاد الاوروبي في حينه على عقد المجلس .

وقد وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قبل حوالي شهر على عقد اجتماع لمجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل بعد توقف اجتماعته متذ عقد من الزمن ، دون ان يتغير من واقع سياسات وجرائم إسرائيل شيئا بل أصبحت اكثر عدوانية ووحشية في تنفيذ مشروعها الاستعماري والعنصري في فلسطين .

وكانت قد وقعت إسرائيل اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي في عام 1995 لكنها ألغت المحادثات السنوية بموجب الصيغة في عام 2013 احتجاجا على قرار الاتحاد الأوروبي بالتمييز بين المستوطنات "واراضي" إسرائيل في جميع الاتفاقات.

ورغم أن الاوروبين يعلمون تماما بعدم وجود اي مسيرة سلام بحكم المواقف الاسرائيلية ويعرفون

ان إسرائيل تتصرف وفق قانون الغاب كدولة تمارس الإرهاب المنظم وتسرق الارواح والارض والمصادر الطبيعية كما ما زالت تمارس سياسات توسيع واستدامة الاحتلال الاستيطاني في مخالفات وانتهاكات واضحة لكافة المواثيق الدولية ، وتمارس سياسة الابرتهايد والفوقية اليهودية كنظام فاشي في مخالفات واضحة وبما يتعارض مع اسس نشؤ الاتحاد الأوروبي نفسه ، كما وتمارس سياسات الاقتحام والاغلاق بحق التجمعات والمراكز الفلسطينية لحقوق الإنسان والتي تحظى بمساعدات أوروبية ودعم المنظمات الحقوقية الأوروبية. 

الا ان الملفت للنظر اليوم إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وافقت على عقد المجلس المشترك بحجة انها لا ترى سبباً للانتظار حتى إجراء محادثات مشتركة لحين الانتخابات الإسرائيلية المتوقعة في نوفمبر القادم وتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة ، لمحاولة تحديد تقاطع المصالح الأمنية والاقتصادية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي في ظل المتغيرات الجارية ، ولأن الغرب الأوروبي باعتقادي ما زال يحيط نفسه عمدا بعقدة المسألة اليهودية  والهولوكست المتعلقة منها بإعداد من اليهود الاوروبين رغم ان تلك الجرائم قد استهدفت الشعوب الأوروبية نفسها من غير اليهود ، والى تاثيرات المال اليهودي حتى اليوم في مصارفها ، والى مؤثرات سياسات الولايات المتحدة والناتو . 

 كما ان الاوروبين يعرفون تماما تفاصيل الوضع على الأرض في مناطق دولتنا المحتلة ، لكن وزرائهم اتفقوا على أن مجلس الشراكة سيكون "مناسبة جيدة" للتواصل مع إسرائيل بشأن قضايا مختلفة ومن أهمها موضوع الطاقة مع قرب حلول الشتاء والاشكال القائم بخصوص توريد الغاز الروسي على أثر القرارات العقابية الأوروبية والتي أصبحت ترتد على القارة الأوروبية نفسها بشكل سلبي وتؤثر على الاستقرار الاقتصادي فيها ، حيث انخفاض اليورو مقابل الدولار إلى أدنى مستوى للعملة في العشرين سنة الماضية ، وفي ظل متغيرات عميقة تجري في شكل ومضمون النظام الدولي ، كما ومتغيرات أوروبية داخلية بحكم نتائج انتخابات برلمانية لعدد من الدول الاوروبية مؤخرا ، إضافة إلى أهمية موضوع توريد الغاز من اسرائيل إلى أوروبا .

وبالرغم من ان ٩ دول من أصل ٢٧ دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تعترف بدولة فلسطين ومعظمهم فعلوا ذلك عند اعلان الاستقلال عندما كانوا اعضاء بالمنظومة الاشتراكية قبل انهيارها عام ١٩٩١ ، اضافة الى السويد كأول دولة من خارج مجموعة تلك الدول تعترف بدولة فلسطين عام ٢٠١٤ اضافة الى اعترافات مالطا وقبرص قبل انضمامهم إلى الاتحاد الأوروبي .

 الا ان باقي الدول والتي شكلت أساس نشؤ الاتحاد الأوروبي قبل توسعه ما زالت ترفض فكرة الاعتراف بدولتتا الفلسطينية وفق حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية رغم إعلانها اللفظي دعم حل الدولتين واعترافها باسرائيل كدولة دون حدود معلنة ، رغم اننا عملنا مع البرلمانات الأوروبية المختلفة التي اتخذ معظمها توصيات أمام حكوماتها بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية حتى ينسجم الأمر مع ما يعلنوه من مساندة حل الدولتين ولكي تتساوى معادلة الاعتراف بالدولتين .

لقد اَن الأوان ومنذ فترة طويلة أن ينسجم الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء مع نفسه ومع ما تنص عليه نصوص مبادئ نشؤ الاتحاد الاوروبي المتمثلة بالعدالة والديمقراطية وحقوق الانسان وحق تقرير المصير  من جهة ، ومع مواقف شعوب دوله وقواها السياسية الديمقراطية التقدمية بالاعتراف الفعلي بدولة فلسطين من جهة اخرى ، واتخاذ الإجراءات العقابية اللازمة بحق دولة الاحتلال ، بما ينهي سياسة ازدواجية المعايير والنفاق السياسي عند البعض منهم . كما والابتعاد عن التبعية للسياسات الخارجية للولايات المتحدة التي تاخذ أوروبا إلى المجهول في مواجهة الشرق سياسيا وحضاريا وتحديدا روسيا والصين بما يهدد استقرار هذه القارة واستمرار وجود الاتحاد الأوروبي نفسه بشكله الحالي . 

ولماذا ينسى بعض الأوروبيين انهم هم من أقاموا المحاكم الدولية والأوروبية في نورمبرغ وغيرها ضد جرائم الاحتلال النازي بحقهم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهم الذين قاتلوا هذا الوحش النازي من خلال الجيوش ومن خلال المقاومة الوطنية الشعبية الباسلة التي خاضتها الشعوب الأوروبية ، في حين يحرمون علينا مقاومة الاحتلال الإسرائيلي حتى بالاساليب التي شرعتها القوانين الدولية في محاربة اي احتلال ، ويعتبرون جرائم اسرائيل بانها دفاعا عن النفس في معظم الاحيان ، رغم اننا نقاتل اليوم سياسيا بالمحافل الاممية وعلى الارض وفق مسلكيات المقاومة الشعبية في مواجهة رابع قوة عسكرية بالعالم وما يتبعها من مستوطنين ارهابين مسلحين  بعقيدتهم التوراتية المزعومة .

 أن مواقف تلك الدول هو ما يجب ان يشكل معيار علاقاتنا معها بما تتضمنه مواقفها السياسية الفعلية من القانون الدولي ومن مدى مساهمتها  الفعلية من تنفيذ حقنا في إنهاء الاحتلال وتقرير المصير وتحقيق الحرية والاستقلال الوطني في دولتنا ذات السيادة أسوة بدول الاتحاد الأوروبي نفسها التي خاضت كفاحا وطنيا من أجل استعادة استقلالها وحرياتها عبر التاريخ السياسي لها .

 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.