جيفارا وماجد نجمين ساطعين في فضاء حرية وكرامة الشعوب
في هذه الأيام التي يرتقي بها شهداء شعبنا شهيدا تلو الشهيد برصاص احتلال حاقد لا يعرف سوى لغة القتل والتهجير والتطهير العرقي منذ اكثر من سبعة عقود بحق شعب هو صاحب الأرض والديار ، حيث احيينا قبل أيام بالعاشر من هذا الشهر تشرين الأول ذكرى استشهاد قائدين ثوريين مميزين ، هما تشي جيفارا وماجد أبو شرار برغم فارق السنوات التي فصلت بين اغتيالهما الوحشي .
المجرمين كانوا هم أنفسهم ولو اختلفت المسميات والمواقع ، هم أعداء الإنسانية و الحرية والسلام هم من تلطخت اياديهم بدماء احرار العالم من خلال ما ارتكبوه من المجازر والجرائم بحق سكان الأرض في فترات زمنية مختلفة وما زالوا ، واثاروا الحروب الاستعمارية بهدف اضطهاد شعوب أخرى ، فهم عملاء المخابرات المركزية الأمريكية وعملاء الموساد الصهيوني الذين لا يفرق بينهم شيئا.
جيفارا الطبيب المقاتل والثائر الأممي أعدم برصاص حاقد في جسده وهو مكبل اليدين والقدمين يحاول الانتقال بما حققه ورفاقه بالثورة الكوبية الى الشعب البوليفي وشعوب اخرى في افريقيا وامريكيا اللاتينية ، وماجد أبو شرار اعدم بتفجير عبوة تحت سريره عند خلوده للنوم في غرفته الفندقية قبل أن يرى أحلامه تتحق بحرية شعبه التي اعتاد على رؤيتها في منامه كل يوم وكان هو من يسعى لتحقيقها من خلال مواقعه النضالية كثائر وكاتب مثقف ومشتبك .
لقد جمعت افكار ورؤية الثورة ببعدها الإنساني التقدمي هاذين القائدين برغم بعد المسافة الجغرافية وفارق زمن الاغتيال بينهما . الا ان ما قاربهما كان منهج الفكر اليساري الذي جمع بين مضمون منهجهم بالثورتين ، ومسارهما في الكفاح ضد توحش السياسة الأمبريالية الأمريكية وحليفها من الفكر العنصري الاستعماري الصهيوني ، فكان العدو واحد في منهجه بمعاداة الفكر الإنساني الذي حملها القائدين الغائبين ، لكن الحاضرين بيننا دوما لتحقيق العدالة والحرية للشعوب المقهورة .
لقد كافح القائدين الشهيدين بالقلم والفكر والبندقية كل من مواقعه النضالية ، وهذا ما جمعهما برغم بعد المسافة الجغرافية حين كان للشهيدين دورا بارزا بل واساسيا في المشاركة بتوجيه مسار الثورتين حتى استشهادهما . لقد كانوا من هؤلاء الذين التصقوا بقضايا الوطن والإنسان معاً ، فانحازوا إلى مصالح المستضعفين بالأرض وحقوقهم ، والى قضايا الكرامة والعيش الكريم والعدالة والتقدم الاجتماعي .
لقد نجح الاثنين في الممازجة بين الأممي والوطني في كفاهم ورؤيتهم الثورية التي حملت المفاهيم القومية للتحرر الوطني ومفاهيم الاشتراكية العلمية والفكر التقدمي اليساري للتحرر الاجتماعي وفي معادة كل أشكال القهر والجشع والاستغلال وتوحش الفكر الراسمالي ، فاعتبروا أنفسهم جنودا في حركة التحرر العالمية بمضمونها اليساري دون ان يغفلوا اولوية القضايا الوطنية لشعوبهم التي كانت اولوية كفاحهم الثوري .
خمسة وخمسون عاما مرت على اغتيال تشي جيفارا ، وواحد وأربعون عاما منذ اغتيال ماجد ، عقود طويلة لم يغيب أو يخبوا نجميهما الساطعين في فضاء حريات الشعوب وكرامتهم وكفاحهم العادل .
اثنين من القادة الثوريين الذين أضحوا ايقونات ثورية تستلهم من تراثهم حركات الشعوب في كفاحها من أجل مستقبل وغد افضل اكثر اشراقا وعدالة .
ففي ذكرى غيابكما نقول ، كلما أمعنتما في الغياب أمعن فينا حضوركما ، فلكما المجد ولسيرتكم التي ستبقى منارة لحرية شعبنا الفلسطيني من الاحتلال والقهر الخلود .