قنبلةُ تفجير في جيب، بن غفير!
مقالات

قنبلةُ تفجير في جيب، بن غفير!

إن خوفَ ورعب الإسرائيليين من الإسرائيليين بسبب تشكيل حكومة نتنياهو اليمينية هو الأهم، لأنه يكشف طبيعة تكوين فسيفساء المجتمع الإسرائيلي المتعددة، والمتناقضة، والمتصارعة، والمتجددة، لأن إسرائيل أشتات مجتمعات!
ليس من قبيل المبالغة القول: إن خوف أكثر من نصف سكان إسرائيل من نتنياهو وحكومته أشدُ من خوف الفلسطينيين من هذه الحكومة، فقد اعتاد الفلسطينيون أن يكونوا ضحايا كل حكومات الاحتلال بمختلف أشكالها!
أشعل قادةُ الرأي الإسرائيليون الضوء الأحمر في وجه عربة نتنياهو السياسية، ليس فقط بسبب خوفهم من انتفاضة الفلسطينيين، وخسارة الدعم من كثير من دول العالم، وبخاصة أميركا كما يزعمون، ولكنَّ السبب الرئيس هو خوفهم على وجودهم، فهم لم يكتفوا بالضوء الأحمر، بل إنهم استخدموا الأبواق الإعلامية للتحذير من الآتي المرعب لهم: «نتنياهو يهدد أمن إسرائيل، يعرضها للخطر»!
أشعل حادثُ اعتداء وضرب أحد بقايا اليساريين الإسرائيليين في الخليل من أحد جنود جيش إسرائيل لأنه يتضامن مع الحق الفلسطيني أشعل انتفاضة إعلامية، لأن الجندي قال لهذا اليساري: «انتهى دوركم أيها اليساريون، سيطبق بن غفير القانونَ هنا»!
هذا الحدث أشعل أقلام بقايا مَن يُنسبون لليسار بالشجب والاستنكار، كثيرون لم يقرؤوا كتاب، تسفي رخلبسكي (حمار الماشيح) الصادر العام 1998، وهو الكتاب الذي تنبأ بزوال اليساريين في إسرائيل، شبههم بالحمار الذي حمل الماشيح إلى القدس، ثم انتهى دور الحمار، تُرك ليموت، أما راكبو الحمار من الحريديم فهم اليوم يصولون ويجولون، أما اليساريون فهم (أغيار) يتكلمون العبرية!
بدأت ثورة الإسرائيليين على حكومة عائلة نتنياهو (سارة ويائير) كما وصفها أحد المعلقين الإسرائيليين، لأن سارة زوجة نتنياهو، وابنه يائير هما عرَّابا هذه الحكومة اليمينية!
بدأ الرعب من هذه الحكومة بالمستوى الأمني وعلى رأسهم، بيني غانتس ورؤساء الشرطة، قال غانتس: «حكومة نتنياهو ستعرِّض ضباط الجيش للخطر في المحافل الدولية، لأن نتنياهو منح بن غفير السلطة لتأسيس ميليشيا خاصة به» شارك الصحافيون وكتاب الرأي في التحذير من خطر هذه الحكومة، حتى أن الصحافي عاموس هرئيل في «هارتس» قال: «وضع نتنياهو قنبلة جاهزة للتفجير في جيب بن غفير ومنحه السلطة لتشكيل جيشه الخاص، سيكون بن غفير هو الآمر على 18 وحدة من حرس الحدود، يتلقون الأوامر منه شخصياً».
لقد بدأت الحرب بين الفسيفساء الإسرائيلية، ليس بسبب الفلسطينيين، ولكن بسبب خوفهم على وجودهم!
أما الصحافيان، رعنان شاكيد في يديعوت أحرونوت، والصحافي، شوكي فردمان في «جروساليم بوست» فقد حذرا من خطر حكومة نتنياهو اليمينية على الاقتصاد الإسرائيلي» ستكون حكومة نتنياهو كارثة اقتصادية، لأنها ستُضاعف أعداد إعفاء شباب الحريديم المتفرغين لدراسة التوراة من الالتحاق بالجيش والخدمة المدنية، وستُضاعف مرتباتهم»، أوردا إحصائية عن نسبة الحريديم في إسرائيل، فهم اليوم 13% من مجموع السكان، وبعد سنوات قليلة سيصبحون ربع سكان إسرائيل، معظمهم لا يدفعون الضرائب، وهم لا يُجيزون الالتحاق بالجامعات أو دراسة اللغات الأجنبية والرياضيات والعلوم، مع العلم أن نسبة إنجاب المرأة الحريدية ثمانية أطفال لكل امرأة، هؤلاء سينضمون إلى سوق البطالة، وسيقع العبء الأكبر على كاهل بقايا اليساريين، فهم البقرة الحلوب، يدخلون الجيش ويدفعون الضرائب!
أما جماهير يهود المهجر فإنهم أرسلوا الرسائل التحذيرية من حكومة نتنياهو اليمينية، لأن هذه الحكومة لا تعترف بمعظم يهود الدياسبورا وتعتبرهم مهرطقين، لا تعترف الحاخامية الكبرى في إسرائيل بيهوديتهم ولا بشهاداتهم إلا إذا هاجروا لإسرائيل، نظَّم قادةٌ من المنظمات اليهودية في الخارج حملة ضد منح وزارة الهجرة والاستيعاب لحركة شاس العدو اللدود لمعظم يهود الدياسبورا، وذلك بسبب عدائهم للنساء والأقليات!

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.