سلاح الدبلوماسية الذي نفتقده
خرم إبرة
هذا المقال استكمال لمقالي الأسبوع الماضي المُعنون («اتفاقات إبراهيم» خسرت كأس العالم)، هنا سأنظر إلى كأس العالم 2022 بتسليط عدسة المجهر على الدبلوماسية الفلسطينية؛ وأقول باختصار، إن هذا المونديال قام بما عليه على صعيد القضية الفلسطينية وأظهر ضعفنا المؤسساتي على صعيد الدبلوماسية العامة ونجاحنا على صعيد الأفراد.
أدعي هنا بأن الدبلوماسية العامة والرقمية في المؤسسات التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها بهذا الجانب لن أقول إنها في ذمة الله وإنما هي بين الحياة والموت، على الرغم من وجود كادر محترم مهني وطني لكنه لا يستثمر بالطرق والأهداف التي يجب علينا كفلسطينيين أصحاب قضية تحقيقها وهذا ما نستطيع النجاح به في ظل موازين القوى العالمية، وغطرسة الاحتلال على كافة مناحي الحياة، والأهم أننا نمتلك الطاقات البشرية في مختلف المجالات من أجل التنفيذ وبأقل التكلفة.
دون أدنى شك، مونديال قطر 2022 أيقظ النائمين عن قضيتنا وقدم مبادرة توعية لفلسطين عالمية، وجسد كيف يمكن للمؤسسات الفلسطينية استخدام الأدوات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي للتغلب على قيود الدبلوماسية التقليدية وممارسة الدبلوماسية العامة.
العالم، الآن، يسير بهذا الاتجاه والقفز عن التقليد في الدبلوماسية العالمية التي نحتاجها نحن كشعب خاضع تحت الاحتلال ولا يمتلك أي مقومات وأنياب من أجل إحقاق الحق، خير مثال على أهمية الموضوع أتذكر في العام 2011، أطلقت وزارة الخارجية الأميركية « Virtual Embassy Iran» وهي منصة على شبكة الإنترنت تهدف إلى تعزيز «القيم والثقافة» الأميركية للإيرانيين.
كانت هذه المنصة بمثابة مثال على كيفية استخدام الدبلوماسيين للتقنيات الرقمية للتغلب على قيود الدبلوماسية التقليدية. على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين الولايات المتحدة وإيران، تمكنت وزارة الخارجية من استخدام السفارة الافتراضية لسرد السياسة الخارجية الأميركية، وتعزيز صورة إيجابية عن أميركا بين الإيرانيين.
إن النضال الحالي ضد الاحتلال الإسرائيلي العابر للحدود هو صراع لكسب القلوب والعقول والضمائر، والاعتماد المفرط الحالي المتمثل بما يقوم به جيش الاحتلال على القوة الصلبة يجب أن يواجه بذكاء. الدبلوماسية العامة والرقمية أداة مهمة في ترسانة القوة الذكية، لكن الدبلوماسية العامة الذكية تتطلب فهما لأدوار المصداقية، والنقد الذاتي، والمجتمع المدني في توليد القوة الناعمة والأهم وضع خطة بخطوات تدريجية تستثمر جميع الطاقات الشبابية العالمية المؤمنة بعدالة قضيتنا.
أتمنى من المطبخ السياسي الفلسطيني والمؤسسات ذات العلاقة والتي يجب أن تقوم بما عليها من مهام في هذا المجال أن تضع رؤية ومنهجية وأهدافا وأدوات لدخول معركة الدبلوماسية العامة أو الشعبية كما أصبحت تسمى مؤخراً على كافة الأصعدة والميادين.
مونديال قطر الرابح به الدبلوماسية الشعبية العالمية لقضيتنا؛ التي يجب البناء عليها والاستمرار بأفكار ابداعية تتلاءم مع التطورات التقنية والفكرية، وألا تنتهي هذه الدبلوماسية بانتهاء المونديال، وإنما علينا اقتحام كافة المحافل الدولية من خلال القوة الناعمة التي أصبحت أخطر من الصواريخ النووية، فهي الوحيدة التي تخترق القبة الحديدية من حيث لا يعلمون!!