ماذا علّمني كأس العالم؟
برة
استفدت كثيراً بقدر ما استمتعت بمونديال كأس العالم 2022 لكرة القدم، دروس كثيرة يمكن أن تستخرجها من هذه الاحتفالية بكافة الأصعدة. كأس العالم في قطر درس حي حول ما نحتاجه لتحقيق هذا الحلم. أهم درس كان هو أن تلعب وتقوم بدورك بأفضل ما لديك، بالمقابل اعلم أن الآخرين لديهم الحس والقدرة لفعل الشيء نفسه.
وبالفعل علّمتني دولة قطر أنه يمكن أن تبدو الحياة بلا معنى إذا تركنا أنفسنا نضيع في شدائدنا وحروبنا وخيباتنا. دولة قطر تمكنت من ابتكار أشياء تمنحنا السرور وترفع من قيمة الحياة بكل معانيها ومكوناتها من الجوانب السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية والاجتماعية.
استضافة دولة قطر لكأس العالم شكل من أشكال الحرب الباردة، لكن من خلال لعبة كرة القدم ومتابعتي لها في هذا المونديال تعلمت أنها حرب حقيقية لمدة 90 دقيقة أو لموسم كامل. في كرة القدم لا معنى لعرقك أو ثروتك أو دينك كلها عديمة الفائدة في الساحة الخضراء.
تُلعب كرة القدم أمام الجميع، والجميع أحرار في الحكم على اللاعبين والفرق والمُدربين. نجلس في المقاهي وفي منازلنا نأكل ونشرب بكل أريحية، نتابع وننتقد أولئك الذين نعتقد أنهم ليسوا جيدين بما يكفي ونمدح من نعتقد أنهم استثنائيون. من خلال مشاهدة فِرق أفضل يتم إحباطها من قبل فرق متواضعة، نتعلم أنه في بعض الأحيان حتى الأفضل قد يفشل ومن يخسر وينهض يصل الى القمة.
تعلمت من خلال المونديال بأنه قد تكون استثنائيًا في لعب اللعبة، ولكن حتى أفضل اللاعبين في نهاية المطاف سيضطرون إلى مغادرة الملعب فلا كبير يدوم في هذه اللعبة، لذلك تذكر أن تكون متواضعًا خاصة وأنت في القمة لأن القمة لا تدوم لأحد.
الحياة عملية تعاونية، وكما علمني أبي «قوم تعاونوا ما ذلوا»، لهذا سبب وجود لاعبين مختلفين ومتنوعين بمهامهم في هذا المجال. لا أحد يستطيع أن يفعل كل شيء بأفضل ما لديه. أنت بحاجة للآخرين للفوز باللعبة. اعلم أنك إنسان وسوف تتعب في مرحلة ما.
لا يتم الفوز بالمباريات على أرض الملعب في يوم المباراة بل هي تتويج لساعات لا نهاية لها من التدريب والتخطيط والانضباط. يستغرق لاعبو كرة القدم بعض الوقت لفهم ما الذي يجعل خصومهم يقرؤون ويخرجون بخطة لعبة للتغلب عليهم في لعبتهم الخاصة. هل لديك خطة لحياتك المهنية أو حياتك بشكل عام؟ أم أنك تدير كل أزمة كما تأتي؟ هل تختار أن تعيش الحياة وفقًا لما تتمتع به من تساهل أم أنك تدرك كيف تقضي وقتك؟.
علمني المونديال لكي ينجح الفريق يتعين على كل فرد أن يلعب دوره الخاص وليس التدخل في دور شخص آخر. في الحياة أيضًا، يجب أن تتعلم ألا تدع نفسك تعيق التقدم. العب دورك بأفضل ما لديك وثق في أن الآخرين لديهم الحس لفعل الشيء نفسه وعند الضرورة.
لا شيء يسبب الألم بقدر الإصابة أثناء المباراة. بعض الإصابات طفيفة في حين أن البعض الآخر أنهى وظائفه. لا أعتقد أن أي لاعب يستيقظ وهو يفكر في الإصابة المحتملة، ولكن عندما يحدث ذلك فإنه يأخذها بروح جيدة ويركز إما على إعادة التأهيل أو تغيير المسار الوظيفي. لذلك، في الحياة سوف تواجه الكثير من النكسات؛ يمكنك إما أن تختار التركيز عليها وقضاء حياتك في الشكوى من الظلم كله أو التركيز على التحسن في اللعبة التالية.