الحكومة الثيوقراطية الكولونيالية
بعد ما يقرب من أربع سنوات من الجمود السياسي وخمسة انتخابات، أدت الحكومة الأكثر تديناً وتشدداً والأكثر ثيوقراطية (حكم رجال الدين) في تاريخ إسرائيل اليمين الدستورية. نتنياهو الذي شغل منصب رئيس الوزراء 12 عاماً، عاد إلى السلطة بعد إقالته من منصبه العام الماضي. وتتألف حكومته الجديدة من الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة، وهي فصائل دينية يمينية متطرفة تنتمي إلى حركة المستوطنين في الضفة الغربية، وحزبه الليكود.
وضعت الحكومة الإسرائيلية المتشددة القادمة التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية على رأس قائمة أولوياتها، متعهدة بإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية العشوائية التي تعتبر غير قانونية حتى من قبل الحكومة الإسرائيلية. كما وعدت بضم الضفة الغربية "مع اختيار التوقيت ومراعاة المصالح الوطنية والدولية لدولة إسرائيل".
من بين التغييرات الأخرى، وضع بتسلئيل سموتريتش، زعيم المستوطنين الذي يترأس حزب الصهيونية الدينية في منصب وزاري تم إنشاؤه حديثاً يشرف على سياسة الاستيطان في الضفة الغربية. ومن المتوقع أن يضغط سموتريتش - الذي أصبح أيضاً وزيراً للمالية - لتوسيع البناء والتمويل للمستوطنات، بينما يخنق التنمية الفلسطينية في المنطقة. وهذا يمنحه سلطة واسعة محتملة لتوسيع المستوطنات اليهودية الواقعة في المنطقة (ج)، التي تشكل حوالى 60 بالمائة من أراضي الضفة الغربية، ما قد يؤدي إلى "ضم فعلي" للمنطقة.
الاتفاقات الائتلافية، التي صدرت قبل يوم واحد من أداء الحكومة اليمين الدستورية، تضمنت أيضاً لغة تؤيد التمييز ضد أفراد مجتمع الميم على أسس دينية، وإصلاحات قضائية مثيرة للجدل، فضلاً عن رواتب سخية للرجال الأرثوذكس المتشددين الذين يفضلون الدراسة بدلاً من العمل.
وضعت الحزمة الأساس لما يُتوقع أن تكون بداية عاصفة للحكومة الأكثر تديناً ويمينية في البلاد في التاريخ، ما قد يضعها على خلاف مع أجزاء كبيرة من الجمهور الإسرائيلي، وما يثير غضب أقرب حلفاء إسرائيل ويصعّد التوترات مع الفلسطينيين.
من المتوقع أن تكون التغييرات القانونية من بين أولويات الحكومة الجديدة. ويشمل ذلك تمكين النواب من تجاوز أحكام المحكمة العليا التي يحتمل أن تكون بأغلبية بسيطة ومنح السياسيين السيطرة على تعيين القضاة. سيكون هذا بمثابة اعتداء على القضاء. وقال المتطرف بن غفير: إنه سيدعم تشريعاً لرفض محاكمة الفساد التي تطارد نتنياهو لمدة عامين، وهو الهدف النهائي المحتمل لرئيس الوزراء القادم.
يجب على حلفاء إسرائيل الغربيين ألا يقفوا مكتوفي الأيدي وهم يشاهدون هذه الكارثة تتكشف. يجب على الولايات المتحدة، الحليف العسكري الرئيس لإسرائيل، والاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لها، استخدام نفوذهم لمحاسبة حكومة نتنياهو.
في الماضي، تجاهل المسؤولون الغربيون تجاوزات إسرائيل، بينما كانوا يروجون للقيم المشتركة معها. ومع ذلك، فإن القيم الديمقراطية ذاتها التي طالما أعلنت إسرائيل أنها تتبناها تواجه تهديداً خطيراً. يجب على العالم الديمقراطي أن يستيقظ من سباته ويقوم بتعرية حكومة نتنياهو الجديدة. لسنا وحدنا كفلسطينيين سنتضرر، بل العالم كله سيصاب بالأذى من هذه الحكومة الثيوقراطية الكولونيالية.