
لإنتفاضة الثالثة
إرهاصات الإنتفاضة في الأفق ، مع بعض التعديلات في سيناريو المقدمات و الأسباب و طريقة الإخراج.
الإنتفاضة الكبرى، أو إنتفاضة الحجارة في 8 ديسمبر 1987 لا ينكر أحد أنها بدأت إنتفاضة عفوية وفعل شعبي مقاوم واضح الرؤية و الهدف و الوسيلة.
كانت صرخة مظلوم في وجه الإحتلال الظالم ، من أجل الحرية و الإنعتاق ، من أجل إرسال رسالة للعالم بأن هناك شعب صاحب قضية ليست فقط إنسانية ، بل قومية وطنية سياسية ، شعب لا يريد طحيناً و خيمة ، بل أرضاً وماء و جواً و حدوداً و عاصمة و سيادة وطنية و إستقلال . شعب كان هو القائد و هو المعلم ، بدأ المشوار الصعب و لحقت به قيادته ومؤسساته وليس العكس .
و عندما شعر الشعب مرة ثانية ، بثقل الظلم و العنصرية و الإستخفاف الممارس ضده ، سواء من قبل الإحتلال أو من يقف مع الإحتلال من قوى عالمية ، و عندما إستُفزت مشاعر الشعب الدينية و الوطنية و تم تعريض ثوابته العقائدية و موروثاته الثقافية التي تشكل هويته للإهانة ، ثار بغضب في ما عرف بإنتفاضة الأقصى أو الإنتفاضة الثانية في 28 سبتمبر 2000، تلك الإنتفاضة التي كان لإستفزازات و تبجحات أريئل شارون اليد الطولى في إشعالها ، ليقوض ما كان منافسوه في الأحزاب الصهيونية الأخرى يحاولون بناءه وفق رؤيتهم التي ربما كانت أكثر برامغماتية . ولكنه بفكره الراديكالي المتطرف أراد أن يطبق نظريته المعروفة " الخروج من الأزمة بإفتعال أزمة أكبر تغطي عليها " وهكذا نجح المتطرفون الصهاينة من الفوز بالسلطة و نسف مخططات المعارضة أو ما يسمى باليسار الصهيوني .
وهكذا أيضاً نجح الشعب الفلسطيني مرة أخرى في إرسال رسالة للعالم تؤكد عدالة قضيته ، و حساسية وخطورة التعرض لمقدساته و تراثه . و بدأ الطرفان ، المحتل و المقاوم مرحلة جديدة من الصراع ، مرحلة كان فيها الإسخريوطي شارون ، و الفادي الشهيد هو ياسر عرفات "أبو عمار" الذي قضى غدراً في 11 نوفمبر 2004.
ومنذ ذلك الحين ، يقف الشعب الفلسطيني أمام حالة من الفوضى غير الخلاقة ، يحاول لملمة جراحه وبناء كيانه ، و تحاول قوى الإحتلال و من يدعمها في العالم و الإقليم بكل الوسائل زعزعته ، بإحداث شروخ في صفوفه ، و إنقسام في بنيته ، و تشكيلات من الطابور الخامس التي تأتي بألف لبوس و لبوس ، وسوسةً و فعلاً ، بأقنعة إنسانية و قانونية حقوقية تارة ، و أكاديمية تعليمية أو صحية تارة أخرى و أشكال وقوالب بعضها يتخذ أقنعة وطنية وقومية بل و دينية.
و يبدو أن الفلسطيني تعلم الدرس ، فهو لا يريد أن يثور منتفضاً بشكل يثبِّت مخططات الأجنحة المتطرفة الراديكالية الصهيونية ، التي تصبح و تمسي تستفز مشاعره و تتعدى على حقوقه و إنسانيته ، و في الوقت ذاته لا يريد أن يظل عاجزاً يتلقى الضربة تلو الأخرى دون رد ، ولا يريد و لا يمكن أن يريد التفريط في أي من ثوابته و مقدساته ، لذلك فإندلاع الإنتفاضة الثالثة أمر يقتضي الدرس و التأمل ، و النفس الطويل ، و تحكيم العقل قبل العاطفة ، و حساب المصلحة و المخاسر و المرابح بميزان ذهب و تفعيل وسائل إنتفاضة جديدة بشكل جديد يفاجئ العدو و الصديق ، بذكاء نوعي هو الوسيلة ، فكما كانت الحجارة و المظاهرات و الإضرابات و العصيان المنظم تحت قيادة وطنية موحدة ، ووحدة وطنية محكمة ، وسيلة بسيطة ولكنها ذكية فاجأت المحتل و العالم في الإنتفاضة الأولى ، ربما تكون وسائل الإنتفاضة الثالثة أكثر ذكاء و أوقع أثراً و أنجح في الوصول إلى الهدف الثابت ، فبالإضافة إلى الإنتفاضة الشعبية ، هناك الإنتفاضة القانونية ، و الإعلامية ، و الديبلوماسية ، و أهم من كل هذا ذاك ، الإنتفاضة على الإنقسام الذي هو خنجر مسموم في خاصرة فلسطين و شعبها.

تقييم إسرائيل للإسلاميين في سورية ما بعد الأسد

عن كتابة الحياة والحرب في بلادي!

الشطافة وال بي بي

التجويع كسلاح إجرامي للإبادة الجماعية، وانعقاد المركزي

قراءة أوليّة في مشروع قانون الانتخابات المحليّة 2025

نتنياهو من ورطة إلى أخرى

حركة حماس وإشكالية السلاح
