قمة فاشلة في القاهرة
لم تحظ قمة القاهرة الثلاثية، التي عقدها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع كل من العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، هذا الأسبوع، بأي اهتمام أو رد فعل إسرائيلي، خصوصا أن قرارات القمة لم تتعد تكرار قرارات و"تحذيرات" سابقة وردت في قمم مشابهة، سواء كانت ثلاثية أو ثنائية أو بمشاركة أكبر.
ويبدو أن حكومة الاحتلال، الماضية بمسار تكريس التقاسم الزماني في المسجد الأقصى، الذي بدأته منذ العام 2015 لم تعد تأبه "بزعل" الدول العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية معها، بما فيها أيضا الأردن، وتواصِل التعامل مع ردود الفعل العربية كأزمات مؤقتة، أو "زوبعة" عابرة، يكفي إطلاق تصريحات أو تعهدات بالتهدئة لاجتيازها حتى تهب الزوبعة المقبلة.
فلا قرارات "قمة القاهرة الثلاثية" وتأكيداتها ولا التوبيخ الأردني، قادرة على تغيير السياسة الإسرائيلية، ما لم تنتقل هذه الأطراف العربية وعلى رأسها السلطة الفلسطينية إلى خطوات فعلية تتجاوز التحذيرات والدعوات والبيانات الاستنكارية.
وحديث قمة القاهرة عن بناء إستراتيجية، جديدة، هو أكثر ما يطمئن دولة الاحتلال، لعلمها أن التوافق المصري الأردني، ليس أكثر من خطوة لتجنب احتقان شعبي، من دون وجود نية حقيقية، أو ربما الأصح أن نقول قدرة فعلية على ترجمة ما ورد في البيان.
وفي حسابات دولة الاحتلال، فإن السلطة وتعلّقها بخيار التنسيق الأمني مع المنظومة الأمنية والعسكرية للاحتلال، من جهة وتعلقها شبه المطلق بسياسات النظام المصري، من جهة ثانية، ستبقى عاجزة عن بلورة خيار فلسطيني مغاير داعم لخيار المقاومة الشعبية، لا في الضفة الغربية المحتلة، ولا في قطاع غزة. وما دام هذا هو حال السلطة الفلسطينية، فإنه لن يكون أي مؤتمر قمة عربي، سواء كان ثلاثيا أو أكثر، من حيث عدد المشاركين فيه، لا يدعم خيارا فلسطينيا فاعلا، رسميا كان أم شعبيا، أكثر من مناسبة "اجتماعية" للقاء "الإخوة والقادة والرؤساء والزعماء" لتبادل الآراء والنصائح والتضامن اللفظي.
وعمليا منذ القمة العربية في بيروت، عام 2002، وإعلان "المبادرة العربية"، توقفت دولة الاحتلال عن الاهتمام أو التأثر بالقرارات العربية وبالمبادرات العربية، إلا لجهة إفراغها من مضمونها، بينما تواصل هي فرض شروط جديدة وصولا إلى إشهار رفض حل الدولتين كموقف مبدئي ونهائي يحكم رؤيتها لحل الصراع.