لماذا يتجنبون مصطلح الاحتلال الإسرائيلي؟
أدركت إدارة بايدن قوة السرد، فهي مدركة لتأثير الخطاب وتحديداً تأطير "الصراع"، وتركز على دور أجندة بناء سلام ليبرالية عند التطرق للملف الفلسطيني، وهذا ما انعكس في سياسة غير عادلة للغاية أوصلتنا للوضع الراهن غير المنصف.
تجنب المتحدث باسم البيت الأبيض الرد على الصحفي الفلسطيني في واشنطن عند سؤاله لتسمية الوضع الذي يعيشه الفلسطينيون! في محاولة فهم تجنبهم الحديث او حتى ذكر كلمة "الاحتلال", نعلم جميعا انه وفي القرن الحادي والعشرين سيكون من العبث لأي شخص واعٍ أن يقبل حقيقة وجود الاحتلال العسكري والفصل العنصري ضد أي شعب كان.
تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير الخارجية أنطوني بلينكين عن توفير تدابير متساوية للكرامة والحرية والازدهار والديمقراطية وقالا إنهما يعملان على خطوات عملية لضمان مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء؛ ومع ذلك، فإن كل ما شهدناه هو استعادة المساعدات المالية للفلسطينيين وتعهد بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية دون تحديد إطار زمني للوعد. أمريكا تقدم المال وهذا ليس كافيا. ما نشهده على الأرض هو آلة الصراف الآلي في دعم الأونروا بدلاً من حل قضية اللاجئين مع التسامح وغض البصر عن التوسع الاستيطاني وإرهاب المستوطنين والضم والتهجير القسري وتطبيق القوانين العنصرية والاعدامات الميدانية تحت اطار الاحتلال. يجب أن أحذر هنا من العودة إلى الدبلوماسية القسرية وسنوات من المماطلة والمفاوضات الميكافيلية التي تكسب المزيد من الوقت لمصادرة الأراضي وتنفيذ المشروع الكولونيالي تحت مظلة عملية السلام والفكر الليبيرالي بالنظر للمنطق الذي أدى الى إسقاط مصطلح الاحتلال من قاموس الكثيرين.
على إدارة بايدن أن تدرك أن الجمهور الفلسطيني مستاء من الضرر الذي فرضته الإدارة الأمريكية السابقة، مشاهدة تقديم دونالد ترامب القدس للإسرائيليين يجعلنا ندرك مدى صلاحياته كرئيس! من المكسيك إلى الصين إلى حقوق المتحولين جنسيًا واتفاقيات تغير المناخ, في الأيام الأولى فقط من إدارة بايدن تراجع عن العديد من قرارات الرئيس السابق ترامب، فلماذا لا عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين؟
تتحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية كبيرة عما يحدث في المنطقة، هجمات المستوطنين في القدس مستوحاة من الاعتراف بها عاصمة لليهود دون غيرهم، وهو الأمر الذي استمرت إدارة بايدن في السماح به. كما أنه من المستحيل تجاهل 3.8 مليار دولار من المساعدات العسكرية التي تقدمها الحكومة الأمريكية لإسرائيل سنويًا، بالإضافة إلى مبيعات الأسلحة المدعومة وضمانات قروض بقيمة 8 مليارات دولار على الأقل. في الأمم المتحدة، أعطت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إسرائيل غطاءً لانتهاك حقوق الإنسان مع الإفلات من العقاب- واستخدم سفراؤها حق النقض ضد قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة المتعلقة بحقوق وحماية الفلسطينيين. لهذه الأسباب، الولايات المتحدة متورطة بشكل مباشر أو غير مباشر في جرائم الحرب الإسرائيلية ضد شعبنا.
يجب على الولايات المتحدة أن تدرك أن هذه ليست مسألة تصعيد عابرة, إنها مسالة تتعلق بالتطهير العرقي لفلسطين ولهذا يجب وضع حد لأكثر من ٧٥ عامًا من العنصرية والاحتلال العسكري.
لا يمكن استعادة الأمل من خلال خطة مارشال شرق أوسطية. يجب تجنب الأخطاء القديمة مثل إعطاء الأولوية للمسار الاقتصادي على حساب الحل السياسي. حان الوقت لحل سياسي يمنح الفلسطينيين والإسرائيليين حقوق الإنسان والعدالة والحرية والمساواة، بعيدًا عن القيود التي يفرضها الاحتلال العسكري الإسرائيلي.
هنا أريد أن أحث كل أكاديمي، كاتب سياسي، دبلوماسي أو متحدث رسمي على العودة إلى المصطلحات الأصلية للسبب الجذري وهو الاحتلال، وهو مصطلح شرعي ومتفق عليه في قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية.