يلا نحكي: في إسرائيل مخاض مؤذن بتحول!
مقالات

يلا نحكي: في إسرائيل مخاض مؤذن بتحول!

يخوض الإسرائيليون مخاضاً داخلياً مُؤْذِناً بتحول في طبيعة مجتمعهم أو يمكن أنْ يحدث تغييراً في الفكر الإسرائيلي تجاه الاحتلال العسكري الإسرائيلي والاستعمار اليهودي، يتركز المحاض في ثلاثة مسائل منهما اثنتان مركزيتان بالنسبة للمجتمع في اسرائيل أما الثالث فإنّه بدأ بالتشكل وما زال محدود التأثير.

تظهر المشاهدات الصراعَ الدائر بين القوى السياسية والاجتماعية على هوية المجتمع اليهودي في إسرائيل ما بين العلمانيين والمتدينين وإنْ حُسم هذا الصراع منذ سنوات طويلة على المستوى الجغرافي بين مدينتي تل أبيب والقدس وطرائق العيش فيهما كمركزين رئيسيين إلا أنَّ هذا الصراع ارتفعت وتيرته على المستوى الوطني إثر ارتفاع نفوذ الأحزاب الدينية "الحرديم" والصهيونية الدينية خلال السنوات العشرين الماضية في مراكز الحكم كالكنسيت والحكومة وفي مؤسسات الدولة.

والمسألة الثانية تتعلق بالصراع على طبيعة النظام السياسي، وهي المسألة الأكثر حداثة وسخونة في الوقت الحالي مقارنة بالمسألة الأولى، حيث فجرت اقتراحات حكومة اليمين الفاشي المتعلقة بتغير آلية إعمال مبدأ فصل السلطات في النظام السياسي الإسرائيلي بالرغبة في هيمنة السلطة التنفيذية على الجهاز القضائي، ومنح حصانة لرئيس الحكومة لمنع الملاحقة الجزائية والتجريم المؤقت بقضايا الفساد خلال توليه الحكم الذي يأتي في إطار الفساد السياسي؛ أيّ استغلال كبار المسؤولين السلطة الممنوحة لهم للحيد عن خدمة المصلحة العامة أو الانحراف عنها للحصول على منفعة خاصة سواء شخصية أو حزبية أو للموالين أم لطائفة محددة.

أما المسألة الثالثة؛ فتتعلق بتشكل أو إعادة تشكل تحول في وعي فئة من الإسرائيليين في النظر إلى خطورة الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة عام 1967 ليس فقط على الفلسطينيين باعتباره أحد تمظهرات الاستعمار اليهودي وعنف المستوطنين بل على البعد الأخلاقي للمجتمع الإسرائيلي ونظرة المجتمع الدولي، خاصة بعد جريمة احراق بلدة حوارة من قبل المستوطنين تحت أعين ضباط الجيش الإسرائيلي وحمايته، وتوفر حماية سياسية علنية لعنف المستوطنين من وزراء وأعضاء كنسيت يقومون بالتحريض بشكل واسع على القتل بالحرق والإبادة الجماعية، وإنْ كان هذا الفعل "الحرق" ليس الأول من قبل المستوطنين اليهود؛ فحادثة احراق عائلة دوابشة في قرية دوما عام 2015 شاهدة على مثل هكذا فعل ناهيك عن الاعتداءات المستمرة على الفلسطينيين وممتلكاتهم، إلا أنَّ الخطر في جريمة احراق بلدة حوارة هو وجود جماعات منظمة بقيادة سياسية أو بدعم وغطاء سياسي يقوده وزراء في حكومة اليمين الفاشي في إسرائيل، وحجم الكارثة التي تولد من عمليات الحرق في بلدة حوارة واحتمالية تكرار المستوطنين اليهود لمثل هكذا أفعال، وأيضا خطر هيمنة طبيعة المستوطنين وفكرهم على إدارة الحكم خاصة مع رؤيتهم لتوجهات زعماء أحزاب المستوطنين في الحكومة والكنيست.

المسألتان الأوليتان لا تتعلقان بالصراع أو الشأن الفلسطيني ومن غير المأمول التأثير فيهما من قبل الفلسطينيين بشكل مباشر؛ خاصة في الأولى التي تتعلق بشأن المجتمع اليهودي الخالص "الصراع على هوية المجتمع اليهودي"، فيما المسألة الثانية طبيعة النظام السياسي "إعمال مبدأ فصل السلطات والإبقاء على سلطة المحكمة العليا في النظر بالقرارات والقوانين وعدم القدرة على تجاوز قراراتها من النخبة السياسية الحاكمة" فإن تأثير الفلسطينيين فيها محدود ويتمركز بشكل رئيسي بمشاركة فلسطينيي الداخل مع الجماعات والحركات الاجتماعية والأحزاب السياسية لمناهضة التغييرات المقترحة من قبل الحكومة الحالية في الشارع الإسرائيلي. أما المسألة الثالثة فإنَّ فيها قولاً وفعلاً فلسطينياً ممكناً بل ينبغي القيام بهما؛ لتعظيم هذه الجبهة المتولدة في المجتمع الإسرائيلي وتوسيعها سواء أولئك الذين تظاهروا وأدانوا الفعل الإجرامي، أو جمعوا الأموال لمساعدة الفلسطينيين لتصبح جبهة واسعة لمناهضة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتمظهراته المتمثلة بالاستيطان والوجود العسكري فيها.

  

 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.