يلا نحكي: المسلك لاستثمار الاحتجاجات اليهودية 
مقالات

يلا نحكي: المسلك لاستثمار الاحتجاجات اليهودية 

الاحتجاجات القائمة في المجتمع اليهودي على مدار الثلاثة أشهر الفارطة شدّت الفلسطينيين لناحية طريقة التعاطي معها من طرف أجهزة الدولة من جهة، وتقديم العلم الوطني على أعلام الأحزاب الصهيونية؛ بل انها لم تظهر اصلاً، من جهة ثانية. 
وبالرغم من المتابعة الواسعة للفلسطينيين لهذه الاحتجاجات ومن الإعجاب بها ومن محاولات الفهم العميق لطبيعتها وأهدافها وحدود مطالبها إلا أن الفلسطينيين آثروا المشاهدة "متفرج سلبي" ونقل الأخبار والأحداث ولم ينخرطوا في نقاش جدي للأحداث القائمة على تخموهم، إنْ لم تكن في بطن الحوت الفلسطيني، لناحية كيفية استثمارها ببناء شراكات مع حراكات وشرائح جديدة برزت أو في طور التشكل والتكوين لمناهضة أحزاب اليمين الفاشي "القومية الدينية" أيّ أحزاب المستوطنين وخطرها على المجتمع اليهودي وتكلفة الاستيطان على الإسرائيليين المادية والثقافية وصورتهم أمام المجتمع الدولي، أو تطوير استراتيجية فلسطينية كفاحية تعميق الاتجاه الرافض للاستيطان وجرائم المستوطنين وتسلط الضوء على المخاوف المستقبلية على طبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومخاطر التحولات التي يجريها اليمين الفاشي بوجوده في الحكم والسيطرة على مفاصله وتجيير مقدرات الدولة لمصالح تحقيق أهدافه الاستعمارية الاحلالية القائمة على ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية وإنهاء احتمالات بناء السلام على أساس دولتين لشعبين.  
في ظني أنّ مراكز الأبحاث والدراسات وقادة الرأي والناشطين مطالبون بأخذ زمام المبادرة للعب دور محوري في تطوير الفكر السياسي والأدوات الكفاحية؛ بتعميق النقاش الإيجابي دون خوف من الشعبوية السياسية وعدم الاكتفاء بمتابعة الأخبار وتحليلها وتفسير الأحداث القائمة، وذلك بتوفير منصات تفاعلية تتيح تداول الأفكار وتركيزها وتقديم أوراق موقف وسياسات قائمة على منهج علمي وباستخدام أدوات متعددة بما فيها المحاكاة؛ لمعرفة طرق تفكير المؤيدين والمعارضين في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وكذلك مواقف القوى والأطراف الفاعلة والمؤثرة واتجاهات سلوكها.
إنّ متابعة التحولات وفهم مركبات المجتمع الإسرائيلي والصراعات الطبقية والثقافية والاثنية ومصالح الأطراف المختلفة ومحركاتها ومكانة وقدرة وقوة كل منها في التأثير على سلوك الأطراف الممسكة بالحكم وفي دواليب الإدارة وفي ردهات السياسة لا غنى عنها. في المقابل فإن طرح الأفكار وقبول الاختلاف وتعميق التفكير من قبل مراكز الفكر مسلكاً لاستثمار الاحتجاجات اليهودية القائمة واجباً، وليس تحشيشا فكريا كما يدعي البعض الذين لا يبنون أفعالهم وسلوكهم السياسي على أسس البحث ومنطق العلم.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.