حبر على ورق !!!
منذ سنوات وأنا مواظب على كتابة مقالتي الأسبوعية "خرم إبرة" بنشاط وحيوية وحب وشغف، ومع ذلك أود أن أعترف لك عزيزي القارئ بأنه منذ بداية العام الحالي وهناك حالة لا أعرف ماذا أستطيع أن أسميها: ضياع الأمل؟! فقدان شهية الكتابة!؟ ما يجعلني أطرح سؤالا على ذاتي هو: ما جدوى المقال؟ لماذا أنتج نصا يولد ميتا؟. هناك الملايين من المقالات الفلسطينية والعربية والعالمية التي يفيض بها العالم الافتراضي، ومن ناحية أخرى المنشورات الورقية لأهل المدرسة القديمة. ما فائدة مقالي؟ ما فائدة الإبرة في الجلود المُتمسحة.. ربما أنا بحاجة إلى التغيير من الإبرة إلى المسلات؟!
الموعد النهائي لكتابة مقالتي الأسبوعية يقترب. أحاول البدء ولكن أقرر مشاهدة فلم كوري أو هندي أو أميركي من صنع الخيال بدلاً من ذلك، المماطلة تنتصر على شغفي بالكتابة. الموعد النهائي غدا، العد التنازلي يبدأ، الساعات والدقائق تصبح أسرع من طبيعتها التي اعتدت عليها!! عقارب الساعة تلدغني ما يجعل دمي يفور كالبركان!
أجلس أمام شاشة الكمبيوتر؛ أكتب جملة ما، ثم أحذفها؛ أعيد الكتابة لكن أهرب لإعداد فنجان قهوة، أمام غليانها أسأل نفسي بصمت: ما فائدة النص الذي تحاول إنتاجه؟ لا أحد يقرأ؟! وهل مقالك سيغير العالم؟ أو سيغير ما تريد أنت تغييره؟ وهل سيواجه النص من يريدون وأد المقال؟ لماذا أكتب؟ لا شيء أصبح له معنى. أصبحت الكتابة مرهقة في ظل الواقع. ربما يكون الكثير من الناس على دراية بهذا النص ويخشون القراءة!
أستعيد العزيمة ورفع المعنويات؛ يمكن أن تساعد كتابة مقالي في تشجيع الأشخاص على التفكير في منظور آخر ليس التفكير خارج الصندوق وإنما تحطيمه كُلياً!!، وربما أحاول فتح أعين الناس من خلال إثبات خطأ الوضع الراهن وتعريته من أجل العلاج بالجراحة وليس المُسكنات.
يمكن أن يمكّن مقالي من مشاركة حل لمشكلة صعبة أو المساعدة في شرح موضوع صعب بطريقة أكثر بساطة. إنها طريقة رائعة لجعل الناس يتحدثون عن قضايا يعرف الناس أنها موجودة، لكن لا أحد يتحدث عنها. الكتابة يمكن أن تساعد القارئ على تعلم معرفة جديدة إن أراد القراءة؟!
هناك أيضا فوائد لي أنا الكاتب من كتابة المقال! يمكن أن تكون الكتابة وسيلة فعالة لتخفيف التوتر، ما يجبرك على معالجة أفكارك ومشاعرك، والهروب إلى مساحة وحيز آمنة ما يجعل المقال أن يكون وسيلة لإخراج شيء ما من صدرك، ربما شيء تشعر بمشاعر مختلفة اتجاهه.
تجعلك عملية الكتابة تفكر بشكل أعمق في موضوع قد تعتقد أنك تعرفه جيدا؛ مساعدتك في جمع معلومات جديدة واكتساب المعرفة الجديدة. نقد ما تعرفه بالفعل والنظر إلى الموضوع من مجموعة من الزوايا المختلفة، تدرب الكتابة بشكل متكرر على قدرتك على إنجاز المهام في إطار زمني محدد والعمل تحت الضغط، تساعد في تطوير وتحسين المفردات الخاصة بك.
عندما تبدأ الكتابة لأول مرة، فإن العثور على الكلمات الصحيحة لوصف أفكارك يبدو صعبا ولكن بمرور الوقت، تتطور مهاراتك، وستبدو العملية أسهل بكثير. الأهم من ذلك تُتيح لك التفكير في أفكارك، وهو شيء لا نمتلكه غالبا في حياتنا المزدحمة. غالبا ما يفتح التأمل الأفكار المهمة التي نحتاجها للاستنهاض والتغيير! وهنا يولد سؤال آخر جديد: ما فائدة الأفكار والنصوص ما لم تتم ترجمتها لأفعال وإلاّ ستكون حبرا على ورق!!