هل اتفاقات أوسلو وما سبقها من جدل داخلي انهت حياة ومدرسة "ابو جهاد"؟
مقالات

هل اتفاقات أوسلو وما سبقها من جدل داخلي انهت حياة ومدرسة "ابو جهاد"؟

تأتي الذكرى ال35 ( 16 أبريل نيسان 1988 ) على استشهاد ابو جهاد وشعبنا الفلسطيني يمر في أصعب مراحله وعلى كافة الصعد على اختلافها. ولعل ما تمر به حركة فتح من ترهل وتصدع وغياب وحدة التنظيم بكل ما تعنيه الكلمة نتيجة المتغيرات التي حصلت بعد اتفاقيات السلام  وقيام السلطة الفلسطينية وغياب القادة التاريخيين أصحاب الكاريزما والقادرين على لم الشمل وتوحيد الصفوف..
كان القائد خليل الوزير شخصية نوعية وابداعية متفردة وله ما له من الانجازات الهامة في تاريخ ثورتنا الفلسطينية المعاصرة التي لا يمكن حصرها في اي مقال.. كان لسان حاله يقول لن افاوض الاسرائيلي على اي حل سياسي وانا مستسلم بدون سلاحي ولن اتعرى. لا توقف الانتفاضة قبل تحقيق كل الحقوق الفلسطينية بما فيها القدس عاصمة لفلسطين وتفكيك المستوطنات.. ولا اخفيكم ولن اذيع سرا اذا قلت ان الخلاف كان قويا بين قيادات حركة فتح حول هذا الموضوع. وقوف ابو جهاد في وجه الحل السياسي المنقوص كما حصل في اتفاقيات أوسلو كان أحد الأسباب الهامة وراء اغتياله وإنهاء مدرسته الثورية ولو مؤقتا.
كان كثيرا يلتقي في ارائه والشهيد صلاح خلف (ابو إياد) رحمه الله الذي قال "مين الحمار اللي برمي سلاح الانتفاضة والمقاومة وبروح يفاوض المحتل".
بعد ابعادي عام 1989 الى لبنان ووصولي بعدها تونس جائتني الأخت انتصار الوزير (ام جهاد) زوجة الشهيد ابو جهاد إلى منزل الشهيد ابو عمار الذي كنت أقيم فيه لدعوتي للغداء وقالت إن ابو عمار سيحضر الغداء وبعض الأخوة من المركزية لفتح. قلت لها لا زلت تسكنين البيت الذي استشهد فيه ابو جهاد؟ قالت نعم. قلت اذا ارسلي لي السيارة قبل موعد الغداء بساعتين كي نتحدث. وهذا ما كان. جلسنا وحيدين وشرحت لي كيف تم الاغتيال وفيه من التفاصيل التي لا احبذ ذكرها هنا .قالت كان في تلك الليلة ينتظر البريد القادم من فلسطين وعرفت فيما بعد ان البريد كان من طرفك بعد ان قرأت الاسم الحركي على البريد.

كان البريد من صفحات كثيرة وتقييم شامل للأراضي المحتلة والانتفاضة والتنظيم والقيادة الموحدة للانتفاضة. واصلت قولها ام جهاد بالقول لم أراه سعيدا مثل تلك الوقت بعد ان أتم قراءة البريد (البريد كان حوالي خمسون صفحة) كتابة اليد ثم قال لي اريد ان اكتب الرد الان رغم انني حاولت ان يؤجل الكتابة للغد الا انه أصر على الكتابة.

 استأذنت منه للذهاب للنوم وصعدت الدرج لغرف النوم (بيت نظام أمريكي) وبعد دقائق قامت القيامة وعدت من غرفتي لأرى ما يحدث فإذا بالرصاص يخترق جسد الشهيد. حوالي سبعون طلقة اخترقت جسده.
أخذوا ما كان على المكتب من ملفات والبريد باستثناء رسالة الرد على بريدك التي لم تكتمل ملقاة على الارض.

انها نعم الرسالة التي لم تكتمل المرفقة بهذا المقال أدناه. الرسالة لم تكتمل والطريق الطويل لم يكتمل ولكن أبناء ومدرسة ابو جهاد مهما نالها من الهزال والوهن تبقى الجمر تحت الرماد.

اختم بملاحظة ذات صلة: في لقائي مع ابو عمار عام 89 وضمن حديث مطول في بغداد الساعة الثالثة صباحا قال لي "انا كنت طاولة باربع رجلين انا الان طاولة برجل وحدة"؟!
رحم الله القائد الشهيد ابو جهاد واسكنه الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء والأنبياء وكل شهداء الثورة الفلسطينية.

 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر وكالة صدى نيوز.